ساعة «باربي»

آراء

هناك الكثير من الآفات المجتمعية، التي تؤثر سلباً في حياتنا، وتعيقنا عن الاستمرار والتقدم، ومن أسوأ تلك الآفات، الحكم على الآخرين دون علم، ودون أدنى فكرة عنهم وعن حياتهم، والمتابع لأي «بوست» على وسائل التواصل، سيجد أن معظم الناس لديها أحكام جاهزة ومعدة للإطلاق فوراً، بل يصل الأمر إلى أن يتحدث الناس في ما إذا كان شخص ما (مثل أحد جراحي القلب العالميين) سيدخل الجنة أم النار!

• لو ترك كل إنسان ما لا يعنيه، واهتم بشؤونه وما يجب عليه الاهتمام به، لتغيرت أمور كثيرة، ولتخلصنا من الطاقة السلبية التي أصبحت تملأ حياتنا.

سبحان الله! مَنْ نحن حتى نحكم على الآخرين؟! وما مدى علمنا وقوتنا لأن يصل بنا الأمر للحكم على الآخرين، حتى لو كانوا أقرب الناس إلينا؟! فما بالك بالحكم على من لا نعرفهم، إن إطلاق الأحكام على الآخرين له آثار مدمرة في «الضحية»، الذي قد يتأثر سلباً طوال حياته نتيجة تلك الأحكام غير الدقيقة، كما أن ذلك مخالف لتعاليم الأديان السماوية، فلا ينبغي أن نغتاب الآخرين، أو نظلمهم، أو نسيء الظن بهم، لكن للأسف يصل الأمر – في بعض الأحيان – إلى تشويه السمعة والاغتيال المعنوي، عندما يتطور الحكم على الآخرين، من مجرد الثرثرة إلى النشر وإساءة استخدام أبواق شبكات التواصل «اللا اجتماعي»، لنشر تلك الأحكام.

أعتقد أن السبيل للتخلص من هذه الآفة تبدأ بأن نواجه أنفسنا ونعترف بأننا نطلق الأحكام على الآخرين، ثم نأخذ عهداً على أنفسنا بالتخلص من هذه العادة، وبداية الخلاص منها هي ترك ما لا يعنينا، فالتغافل عن شؤون الغير وعدم التدخل في ما لا يعنينا من الخصال الحميدة، ولنقتدِ بقول رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالاَ يَعْنِيهِ»، ولو ترك كل إنسان ما لا يعنيه، واهتم بشؤونه وما يجب عليه الاهتمام به، لتغيرت أمور كثيرة، ولتخلصنا من الطاقة السلبية التي أصبحت تملأ حياتنا. المشكلة دائماً لدى الأغلبية منا أننا نقرأ ونقتنع بالكلام لكننا لا نأخذ خطوة للتنفيذ، بل إن الكثير منا لا يعترف ولا يدرك أن لديه مشكلة أصلاً.

هناك قصة لا أدري إن كانت حقيقية أو رمزية، وهي أن أحد الأساتذة كان يرتدي دائماً ساعة بناتية (باربي)، وكان الكثير من الطلاب يتهكمون على ذلك المدرّس، لكن لم يفكر أحدهم أن تلك الساعة تعود إلى ابنته المتوفاة، التي كانت تحب هذه الساعة كثيراً، هناك الكثير مثل هذا الموقف اليومي البسيط إلى أمور أكثر تعقيداً في حياتنا، حيث يسود فيها الحكم على الآخر دون وجه حق، لكن هناك دائماً مجال للتحسين ومراجعة وتهذيب النفس، فالجهاد الأكبر هو جهاد النفس.

المصدر: الإمارات اليوم