زاهي حواس
زاهي حواس
وزير الدولة لشئون الاثار المصرية السابق

سر مقبرة الملك سيتي!

آراء

ظل سر مقبرة الملك «سيتي الأول» من أهم الموضوعات التي شغلت علماء الآثار والعامة في كل مكان؛ حيث كان الاعتقاد أن النفق الموجود في المقبرة أسفل حجرة الدفن، ويصل إلى مائة متر، ينتهي بحجرة الدفن الأصلية التي دفن بها فرعون مصر «سيتي الأول». وهذا الاعتقاد وصل عند البعض لدرجة الإيمان، ومنهم الشيخ علي عبد الرسول، وهو آخر سلالة أسرة عبد الرسول الشهيرة في عالم الآثار، التي كانت تعرف أسرار وادي الملوك. ونذكر بأنها الأسرة التي كشفت عن خبيئة المومياوات الملكية بالدير البحري عام 1881، وكذلك كان أحد أفراد الأسرة، وهو الصبي حسين عبد الرسول، سبباً في العثور على مدخل مقبرة «توت عنخ آمون»؛ وهم أيضاً من كشفوا عن خبيئة الكهنة بالدير البحري؛ وكانوا هم من أرشدوا العالِم الفرنسي فيكتور لوريه، عن مكان المومياوات التسع الموجودة في خبيئة داخل مقبرة الملك «أمنحتب الثاني» بوادي الملوك.

وقبل أن نعرف سر المقبرة، تعالوا بنا نقدم لكم هذا الملك العظيم، وهو ابن الملك «رمسيس الأول»، ثاني الملوك المحاربين من الجيش بعد الملك «حورمحب»، وهو والد الملك «رمسيس الثاني»، وقد قضى «سيتي الأول» معظم شبابه ضابطاً في جيش مصر العظيم، وكان مسؤولاً عن حدود مصر الشرقية، وخاصة الحصن المعروف باسم «حصن ثارو». وقد فطن الملك «حورمحب» إلى ذكاء هذا الشاب، ولذلك أعطاه بعض الوظائف المهمة؛ بل كان قائداً للفرسان. ويعتقد البعض بأن الإصلاحات التي قام بها الملك «رمسيس الأول» عندما تقلد الحكم بعد أن ضعفت مصر خلال حكم «إخناتون» ومن تبعه، كان «سيتي الأول» هو نفسه المنفذ الأول لهذه الإصلاحات؛ بل وكان ذراع أبيه الأيمن خلال الفترة القصيرة التي تولى فيها الحكم. وقد حكم مصر، وسمى السنوات الأولى لحكمه باسم «عصر البعث»، وسار على نهج أبيه «رمسيس الأول». وعلى جدران معبد الكرنك بالأقصر، صور لنا أنه استطاع إخماد الثورة التي حدثت على الحدود الشرقية للبلاد؛ بل وقرر هذا الملك العظيم أن يعيد لمصر قوتها وانتصاراتها، ولذلك قام بكثير من الهجوم على جنوب فلسطين، واستطاع أن ينتصر على الحيثيين في سوريا ومدينة قادش.

ويعتقد البعض بأن الملك «سيتي الأول» كان يجد المحارب العظيم «تحتمس الثالث» مثالاً يحتذى، وكان يعرف أن مملكة خيتا تثير القلاقل، ولذلك فقد بدأ حروبه معهم، وصور لنا تلك الحروب على معبد الكرنك. وتشهد المنطقة التي تقع شمال مدينة قادش أهم المعارك التي انتصر فيها «سيتي» على الحيثيين، واستطاع أيضاً أن يخضع بلاد النوبة. وأهم ما تركه لنا من آثار هو ذلك البهو العظيم بمعبد الكرنك، بالإضافة إلى معبده الموجود بغرب الأقصر.

ونستطيع أن نرى جمال الفنون وعظمتها في عصره؛ بل إنه أول ملك يظهر لنا المناظر على معبده بحجم كبير، وتبعه بعد ذلك ابنه ملك الملوك «رمسيس الثاني». وهو أيضاً أول من رسم المعارك التي خاضها على المعابد؛ حيث كنا نرى هذه المناظر ترسم على الصناديق وآثار الملك. وأهم ما يميز عهده هو إرسال حملات للحصول على الذهب، ولدينا أول خريطة من عهده لمناجم الذهب موجودة بمتحف تورين بإيطاليا، وتظهر لنا لأول مرة الطرق التي توصل إلى هذه المناجم. وقد تزوج من سيدة تدعى «تويا»، وقد عثر على مومياء الملك «سيتي الأول» في خبيئة المومياوات، وتعتبر أكثر المومياوات التي عثر عليها حفظاً.

المصدر: الشرق الأوسط