سلطان الثقافة

آراء

جاءت إشادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد معبرة رغم كلماتها القليلة، فهي تختصر المسافة الفاصلة ما بين الحاكم والثقافة، والتي جسدها سلطان بن محمد القاسمي وصعد بالدولة والشارقة إلى مرتبة عالية بين الأمم.

صاحب السمو حاكم الشارقة غير كثيراً من المفاهيم، ومسح صوراً نمطية كانت راسخة في الأذهان، وحولها إلى مسار آخر، تكاد هذه الأمة أن تكون قد نسته، فمنذ مئات السنين حدث الانفصال التام بين الحكم والثقافة، واختفى الحاكم الدارس والباحث والمثقف والمؤلف، ذلك الذي يضع يداً في مشاريع البناء، ويداً أخرى في نفض الغبار عن تراث كاد أن يندثر.

جهود جبارة بذلها الشيخ الدكتور طوال 50 عاماً، ساهم في تثبيت أركان الدولة الاتحادية، ودعم مسيرة زايد، طيب الله ثراه، وجهود راشد، رحمة الله عليه، نحو الحلم الكبير، فكان عضداً، والعمود الثالث لنهضة ما أن قامت حتى لفتت الأنظار، واختط لنفسه مساراً موازياً، فهو المحب للتاريخ، المهتم بالتراث وما خلفه الأجداد، أولئك السابقون الذين خاضوا في بحار العلم 14 قرناً، وأوصلوا الثقافة والتنوير إلى بلاد كانت تعيش في الظلام، ثم أحالوا كل شيء إلى تاريخهم ومنجزاتهم وحضارتهم.

خطوة تلو أخرى، كان حفظه الله يخطوها ليجعل من مدينته منارة للثقافة محلياً وعربياً وعالمياً، ولم يستعجل، ولم يخلط الرغبة والهدف بالتسرع، فهو لم يكن يبحث عن تعريف شخصي، إنه «نار على علم»، شيخ ابن شيخ، وحاكم في دولة أصبحت محط أنظار الآخرين، وبهدوئه المعهود درس وبحث ونبش التاريخ وأخرج من أعماقه درراً أثرت المكتبات وأضافت للتاريخ والتراث، وسدت نقصاً، وغطت حقباً كانت شبه مجهولة، وأقام صروحاً ثقافية، ونظم مهرجانات جمعت كل المهتمين، ويكفيه معرض الكتاب بمحتواه وقيمته ومكانته، حتى أصبحت الشارقة مدينة تزهو بالثقافة.

إشادة لمن يستحقها، تلك التي قالها محمد بن راشد في حق سلطان بن محمد، رعاهما الله وبارك خطاهما.

المصدر: البيان