سلطان القاسمي.. وقوة الكلمة

آراء

إلى معرض ليبر الدولي للكتاب في العاصمة الإسبانية مدريد، أوصل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، خطاب الإمارات المتسامح الجامع المناهض للظلامية والتعصّب.

مع جمع من المثقفين والكتّاب ورؤساء تحرير الصحف المحلية، استقطب سموّه انتباه نخب إسبانية وأوروبية، إلى فاعلية القوة الناعمة الإماراتية، التي أصبحت ظهيراً قوياً لطيفٍ واسعٍ حول العالم يؤمن بشرعية الكلمة، وأحقية الموقف، وشفافية الرؤية.

ليست هذه هي المرة الأولى، التي يضع فيها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، تجربة الإمارات الثقافية عموماً، والشارقة خصوصاً، تحت أنظار المهتمين في العالم، ويقدمها لهم نموذجاً يحتذى به.

منذ عقود أصبحت الشارقة، بفضل ما يمثله سموه، ضيفاً حاضراً ومحتفى به، في أعراس الثقافة والكتاب، من لندن وباريس، إلى فرانكفورت وإيطاليا والمكسيك وغيرها.

وهو منجز يتحقق بفضل صفتين متلازمتين، ومتكاملتين في شخص صاحب السمو حاكم الشارقة، هما: صفة الحاكم المسؤول عن واقع ملموس، وصفة المثقف المشغول بقضايا تنطلق من الواقع ولكنها تحلّق في سماء الفكر المحض، وفضاء الخيال. وتلك كانت مسألة محورية في الفكر السياسي العربي، منذ أن نشأت سلطة تجمع الناس، أو تنوب عنهم، أو تسوسهم. وقد كتب مثقفون كثر عما أسموه معادلة صعبة، ورأى منظّرون أنها ثنائية يترجّح فيها بأس الحكم على رحابة الفكر.

لكن تجربة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، ومعها التجربة الفريدة التي تقدمها الشارقة للثقافة الإماراتية والعربية والإنسانية، خلّصت المعادلة الصعبة من معطلاتها، وأعادت للثنائية توازنها. إذ اجتمعت وتجتمع حول سموه، وهو الحاكم المتابع، والباحث في شؤون التاريخ والتراث، والكاتب المبدع في المسرح والرواية، أجيال من المثقفين الجادين الذين مثّلت إبداعاتهم إضافات مشعّة.

على مدار العام نتابع حضور الشارقة في أكثر من 40 محفلاً ثقافياً دولياً حول العالم، استطاع خلالها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، أن يسطّر فكر الإمارات في أكثر الصفحات تأثيراً، وأن يجعل خطاب الإمارات عن التسامح والتفاهم مسموعاً أكثر، وأن يحفر للشارقة مكانة متميزة في الخارطة الثقافية الدولية، اكتملت باختيارها عاصمة عالمية للكتاب.

فمشروع الشارقة الثقافي، لم يعد مشروعاً خاصاً بالإمارة الباسمة وحدها، ولا يقتصر أثره على دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، ولا ينحصر مداه في الإطار العربي فقط، وإنما هو مشروع إنساني المحتوى، وشمولي الرؤى، ويعتني بالفرد والمجتمع وجوداً وكرامة وحقاً مشروعاً بالحياة، وهو ما يلخصه سموه بقوله، بأن «هناك أيادي خفية تنشر الأفكار الظلامية التي تلعب بعقول أبنائنا، وتجعلها خاوية من العلم والفكر والثقافة، وتهدد إسلامنا ومعتقداتنا وثقافتنا وتراثنا، وأن هذا الظلام الذي ينشرونه لا يواجه إلا بنور الكلمة الصادقة والعلم النير».

المصدر: الاتحاد