سلطان بن زايد.. وداعاً «حــــــــامي التراث»

أخبار

«تراث الإمارات الغني يستحق أن نوليه جل الاهتمام، فهو ماضينا البهي بكل ما فيه من أصالة وعراقة وقيم».. كلمات قالها المغفور له سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، الذي انتقل إلى جوار ربه مساء أمس، لتصبح بمثابة خطة عمل قام به وعهد قطعه على نفسه، بحفظ تراث الدولة بكل مفرداته وجزئياته، وتوثيقه لنقله بكل أمانة إلى الأجيال القادمة، ليصير وعن استحقاق «حامي تراث الإمارات».

ومنذ صغره، عرف عن سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، الذي ولد في أبوظبي عام 1955، ليكون الابن الثاني للوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، اهتمامه البالغ بالحفاظ على تراث الدولة وعادات وتقاليد شعب الإمارات، فولّى وجهته نحو نادي تراث الإمارات الذي ترأسه وأولاه اهتماماً خاصاً، كما كانت للراحل مكتبة خاصة عامرة بأمهات الكتب ونصوص التراث.

ورغم نشأته العسكرية، إذ تلقى تعليمه الأوّلي في العين وأبوظبي، ثم واصل دراسته في بيروت، وبعدها تخرج في كلية «ساند هيرست» العسكرية البريطانية عام 1973، ثم التحق بدورات عسكرية خارجية في باكستان ومصر، ليتدرج في العمل العسكري، حتى أصبح نائباً لقائد قوات دفاع أبوظبي، وقائد المنطقة العسكرية الغربية، ثم عُيّن قائداً عاماً للقوات المسلحة، إلّا أن الطريق العسكري لم يُنسِهِ عهداً قطعه بحماية تراث الدولة وثقافتها، فدشّن مركزاً يعد من أبرز منارات الثقافة والفكر والإعلام بالدولة والمنطقة، هو مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام.

وعلى صعيد العمل العام، شغل المغفور له سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان عدداً كبيراً من المناصب الرفيعة، اتحادياً ومحلياً، حتى تولى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، كما شغل الراحل العديد من المناصب والمسؤوليات في قطاعات مختلفة، منها رئاسة دائرة الأشغال في أبوظبي، وعضوية المجلس الأعلى للبترول، ومجلس إدارة جهاز أبوظبي للاستثمار، بجانب مسؤوليته عن عدد من الدوائر المحلية.

وكان للرياضة شغف خاص وحضور قوي لدى الراحل، بلغ ذروته بتوليه رئاسة اتحاد الإمارات لكرة القدم، خلال الفترة من 1976 حتى 1981، وهي مسؤولية لم تمنعه عن هوايته لرياضة الصيد بالصقور، واهتمامه البالغ بالفروسية، التي أقام لها نادياً بمواصفات عالمية، بجانب عشقه الكبير للإبل التي طالما اعتبرها رمزاً مهماً من تراث الإمارات.

ورغم تزايد المسؤوليات والمهام التي تولى أمرها الراحل، لاسيما بعد إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، مرسوماً اتحادياً، في 28 أغسطس عام 2009، بتعيين سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثلاً لرئيس الدولة، ليتولى المهام التي يكلف بها من رئيس الدولة، سواءً داخل الدولة أو خارجها، فإن ذلك لم يمنعه قط عن اهتمامه بالإبل، فأنشأ لها «عزبة الإمارات»، التي تعد من أفضل العزب في منطقة الخليج، لما تمتلكه من نخبة من أفضل وأجود سلالات الإبل العربية الأصيلة، حتى ذاع صيتها، وباتت تتمتع بشهرة كبيرة، لحرصها على اقتناء وإنتاج أفضل وأجمل المطايا العربية الأصيلة.

من ليس له ماضٍ.. ليس له حاضر ولا مستقبل

عن أسباب عشقه للإبل كان للمغفور له سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان قول مأثور: «ارتبطت الإبل ارتباطاً وثيقاً بحياة آبائنا وأجدادنا، وهم يرون فيها إعجازاً دعانا الله سبحانه وتعالى إلى تأمله حين قال: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت؟)، ولقد كانت خير معين لهم في حلهم وترحالهم، وفيها من المنافع ما يستوجب المحافظة عليها، ومنحها الاهتمام لتبقى حاضرة في مجتمعنا الأصيل الذي حافظ على عاداته وتقاليده بالتوازي مع ما وصلنا إليه من مدنية وتقدم ورفاهية، لتحقيق المعادلة التي تمزج بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر، ومجسدين بالفعل والسلوك ذاك القول الشهير الأثير للوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: من ليس له ماضٍ، ليس له حاضر ولا مستقبل».

المصدر: الإمارات اليوم