عبدالله القمزي
عبدالله القمزي
كاتب إماراتي

سياحة المطاعم

آراء

عندما تقرّر السفر إلى مدينة زارها غيرك من الأهل أو الأصدقاء، فإنك عادة تطلب منهم قائمة بأهم الأماكن التي يتوجب عليك زيارتها. نفس الشيء ينطبق على السياحة الداخلية، فعند افتتاح مَعْلم سياحي جديد في الدولة فإن الناس تضعه في قائمة مقترحاتها.

قبل التوجه إلى لندن، لم أطلب من أحد اقتراح أماكن للزيارة لأني أعلم بالضبط ما أريد، لكن بسبب لطف الناس، خصوصاً الأقارب، فإنهم وضعوا قوائم بأهم الأماكن، وصلتني أكثر من قائمة وعندما راجعتها وجدتها كلها عبارة عن مطاعم فقط.

بالمقارنة مع الرحلة السابقة إلى فرنسا، التي كانت قبل لندن بـ12 يوماً فقط، نظمها مكتب حكومة ليون السياحي، فلم تحتوِ على مطعم واحد، وهذا أكثر ما لفت نظري.. نظرة الغربي إلى السياحة تختلف اختلافاً جذرياً عن نظرة العربي، خصوصاً الخليجي.

الغربي يهتم بالتعرف إلى أي مدينة يزورها، ويريد التعرف إلى قيمتيها التاريخية والثقافية وإرثها الحضاري، العربي والخليجي، بشكل عام، يريدان المقاهي والشيشة والتسوق والمطاعم والمتنزهات والملاهي، وهناك دائماً استثناءات.

في الأماكن السياحية بلندن وفرنسا، التي يؤمّها الأوروبيون والغربيون عموماً، ومعهم الروس واليابانيون وحتى الإسرائيليون، لا تجد بينهم عربياً واحداً! و في تلك الأماكن تتوافر ترجمة بكل اللغات، باستثناء اللغة العربية، وهذا أكبر مؤشر إلى أن العرب لا يذهبون إليها.

بالمقابل، قررت تجربة بعض المطاعم من تلك القائمة، لكني لم أجد طاولة واحدة، والحجز المسبق يكون قبل التوجه إلى المطعم بساعتين أو أربع ساعات، وكل الرواد عرب! فقررت تركها والذهاب إلى مطاعم غير معروفة للعرب.

هذا الكلام ينطبق حتى على الوضع في الدولة، فعندما تتوجه إلى «دبي مول» مثلاً تجد طابور أشخاص ينتظرون دورهم لدخول مقهى أوروبي، وكأن المقهى يوزع هدايا وذهباً، أو كأن ما يقدمه من طعام منزل من السماء! بينما هو لا يختلف أبداً عن غيره من مطاعم، وجربت هذه المقاهي الراقية شخصياً ولم أجد أي فرق في المذاق أو الخدمة أو حتى الجو العام.

الناس سواء هنا، وهم أنفسهم الذين يذهبون إلى لندن، شغوفون بتصوير المطاعم الراقية والمقاهي، وتحميل الصور على منصات السوشيال ميديا، وتقليد بعضهم بعضاً، وعمل دعاية مجانية لتلك المقاهي التي وصلت بها الحال إلى تقديم طبق البلاليط في لندن!

كل الموضوع مظاهر وتباهٍ، ليس هناك طبق لن تتذوقه في أي مكان آخر، ولا توجد كعكة أو قطعة حلوى من الجنة! كله متشابه، والاستثناءات قد تجدونها في مطاعم غير معروفة، قريبة من المقهى الراقي الذي تدفع الناس فيه ثلاثة أضعاف السعر من أجل اسمه! فكرة السفر سواء للعمل أو السياحة بالنسبة للسائح الغربي، تعتبر كسر روتين في العادات والطعام، أما العربي فيأخذ كل روتينه معه ويذهب إلى حيث يجد طعامه.

بالعربي: وجدت مطعماً إيطالياً في لندن يقدم الطعام بطريقة مختلفة عن المطاعم الإيطالية، وبمذاق لم أعهده سابقاً، ولن أذكر اسمه لأنه مجرد مطعم، وعلى القارئ أن ينسى بطنه لأن لندن ليست مدينة مطاعم فقط، وغنية بمعالم تستحق الزيارة!

الغربي يهتم بالتعرف، في أي مدينة يزورها، إلى قيمتيها التاريخية والثقافية، والعربي يريد المقاهي والشيشة والتسوق والمطاعم والملاهي.

المصدر: الإمارات اليوم