شركة «الأمم المتحدة» للجوائز

آراء

انتشر أخيراً خبر عن تكريم بعض الشخصيات الفنية في مجلس الشيوخ الفرنسي، الخبر تناقلته بعض القنوات الإعلامية غير المشهورة، ولكن بعد قليل تناقلته بعض القنوات المشهورة، هذا بخلاف انتشاره على وسائل التواصل الاجتماعي. لفت انتباهي حيثيات الفوز، وحصولهم على جائزة «الأكثر تأثيراً في العالم العربي»، خصوصاً أن أحدهم غير معروف، ولا تتعدى إنجازاته حدود صفحته على «فيسبوك»، التي لا تخلو من كم كبير من الأخطاء الإملائية.

بعملية بحث بسيطة، اتضح أن مجلس الشيوخ الفرنسي لا علاقة له بالأمر، وأن وراء المبادرة سيدة تدعي أنها سفيرة الأمم المتحدة للسلام، وقد استأجرت غرفة بداخل أو بالقرب من القصر الذي يضم مجلس الشيوخ، أقامت فيها ندوة، أطلقت عليها مؤتمر، ثم كرّمت تلك الشخصيات. المهم في الموضوع أن هذه السفيرة تدعي أنها أستاذ بجامعات عدة في بريطانيا وفرنسا ومصر والمغرب، والأهم أنها أيضاً تدعي حصولها على لقب سفيرة الأمم المتحدة من «الجمعية الملكية للأمم المتحدة»، وبالبحث أيضاً لم يثبت وجود جهة رسمية أو شبه رسمية بهذا المسمى. هذا مثال واحد من مئات، وربما آلاف، الأمثلة التي تعكس كمية السطحية والتدليس والخداع الذي يمارسه البعض، ويقع فيه الكثير، سواء عن علم أو جهل. هناك أحد الأشخاص يقيم أيضاً في دولة أوروبية، أسس شركة افتراضية مجرد عنوان على الإنترنت، سماها باسم يكاد يطابق «المفوضية الأوروبية»، واتخذ لها شعاراً يكاد يطابق شعار المفوضية الأوروبية، واستطاع إقناع المئات، ومنهم دبلوماسيون ورجال أعمال، بل وقادة من جهات حكومية ورؤساء جامعات، بأنه على رأس إحدى مؤسسات المفوضية الأوروبية، بل ولديه جامعة دولية يسعى لاستقطاب «الشرفاء من أبناء الوطن العربي» للإسهام في تمويلها.

المشكلة أن الكثير من الشخصيات العامة لا يتحرون الدقة، وتنطلي عليهم الخدعة لمجرد أن الشخص لديه صورة يظهر فيها أحد أروقة جهة دولية، أو التقط لنفسه صورة بجوار علم الاتحاد الأوروبي، أو بمجرد أنه ظهر في لقاء بالتلفزيون أو إحدى الصحف. أتمنى أن نتحرى الدقة ونتحقق من شخصيات من نتعامل معهم. أتمنى ممن يعملون في الإعلام بكل قنواته تحري الدقة في كل ما يُنشر، والبحث جيداً قبل التصديق على كل ما يصلهم. إن ترويج مثل هذا العبث قد يؤدي إلى تكدير السلم العام لدى العامة ممن يصدقون كل شيء، ومصدرهم الوحيد في المعلومات هو قنوات التواصل، فقد قرأت بوستات لأساتذة جامعات يتأففون وينعون حالهم، لأن بعض الأشخاص يحصلون على «جوائز عالمية» من دون وجه حق، ويعتقدون أن الدول والحكومات هي من كرمهم، في حين أن الموضوع كله مجرد «فنكوش».

المصدر: الامارات اليوم