عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

صناعة السياسة الداخلية

آراء

إن ما يحدث في تركيا فيما يخص الانتخابات ونتائجها وإعادتها في جولة ثانية الأحد المقبل، بين الرئيس رجب طيب أردوغان ومنافسه الاشتراكي كليجدار أوغلو، يمكن مشاهدته وبذات السياق والآليات في مسلسل دنماركي بعنوان بورجن، الذي عرضته منصة نتفليكس العام الماضي في ثلاثة أجزاء، واعتبر واحداً من أهم الأعمال الدرامية السياسية وأقواها!

يركز المسلسل على مسارين بمنتهى القوة والاحترافية والجمال، دون إقحام أو ادعاء أو تلاعب بالحقائق، بل مصداقية عالية في تناول سؤال: كيف تُصنع السياسة الداخلية الدنماركية: أسرارها وآلياتها؟ وهذا هو المسار الأول، أما المسار الثاني فيفكك ويسلط الضوء على شكل المجتمع الدنماركي، وتركيبة العلاقات الأسرية والتراتبية المجتمعية في مجتمع قطع أشواطاً كبيرة في الحريات الفردية والعامة.

يقدم بورجن (في جزئه الأول تحديداً قصة حياة امرأة سياسية مخضرمة ستصبح أول سيدة تترأس الحكومة الدنماركية في تاريخ هذا البلد)، إضافة لتفاصيل اللعبة الانتخابية، وما يتخللها من تحالفات وتنازلات وصفقات بين الأحزاب ذات الصدارة والأحزاب الأخرى الصغيرة جداً والمستقلة في الوقت نفسه.

هذه الأحزاب لا تمتلك فرص الفوز بالتأكيد لكنها تزج نفسها في اللعبة لتلعب دور الحسم مقابل منافع معينة (مقاعد في البرلمان وحقائب وزارية)، وهذا يقتضي دخولها في تحالف مع زعيم الحزب الذي يعتقدون أنه صاحب الحظ الأوفر في الفوز أو الذي يمكن أن تتفق مساراتهم معه فيعقدون صفقة الأصوات مقابل تلك المنافع.

هذا ما حدث غالباً في المشهد التركي الذي جاءت نتائجه في المرحلة الأولى متقاربة دون حسم واضح، فكان لابد من ورقة الحسم التي ستصنع الرئيس المقبل في جولة الإعادة القادمة، هذه الورقة الحاسمة كانت بيد السيد (سنان أوغان) الذي وضع ورقته (5.2 % من أصوات الناخبين) في سلة أردوغان ما يجعل النتيجة محسومة لصالح الأخير إذا ما أضيفت لنسبة 49.5 % هي الأصوات التي حصل عليها الرئيس أردوغان، إلا إذا كانت هناك مفاجآت أخرى؟

لكن ما هو الثمن؟ هل سيطالب سنان بوزارة الهجرة وشؤون الأجانب مثلاً أو سيفرض قوانين باتجاه سياسات تخص المهاجرين وهو المعروف بتوجهاته المتطرفة ضدهم؟

المصدر: البيان