عسيري وهبة الفقي إلى المرحلة الثانية بتصويت الجمهور

منوعات

أنهى برنامج «أمير الشعراء»، الذي تنظمه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، المرحلة الأولى من موسمه الثامن، بحضور عيسى سيف المزروعي، نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وسلطان العميمي، مدير «أكاديمية الشعر»، وعدد من الدبلوماسيين، وممثلي الجاليات السعودية والسودانية والسنغالية، وجمهور إماراتي، كما حضر محبو الشعر بنوعيه الفصيح والنبطي.

في بداية الحلقة قدمت لجين عمران أعضاء لجنة التحكيم د. علي بن تميم، د. صلاح فضل، ود. عبدالملك مرتاض، ثم استعرضت أسماء الشاعرَين المتأهلين إلى المرحلة الثانية بعد أسبوع كامل من الانتظار، فتأهّل بعد جمع نسبة تصويت الجمهور مضافاً إليها درجات التحكيم، أحمد محمد عسيري الذي حصل على 70%، تلته هبة الفقي بحصولها على 67%، لينضما إلى زميلهما عبدالسلام حاج نجيب الذي أهّلته لجنة التحكيم في الحلقة الماضية. أما يارا الحجاوي، فخرجت من المنافسة بـ42%.

السبهان يتأهّل

حلقة ليلة أمس ضمت آخر أربعة شعراء مثّلوا المرحلة الأولى، فألقوا نصوصهم التي جاءت كلها – وللمفارقة – على البحر البسيط. وهم: الشاعر السعودي سلطان السبهان، والشاعر السنغالي محمد الأمين جوب، والشاعرة السودانية دينا الشيخ، والشاعرة الإماراتية منى القحطاني، فتقدّم السبهان زملاءه بحصوله على47 درجة بقرار اللجنة، منتقلاً بذلك إلى المرحلة الثانية التي ستبدأ مساء يوم الثلاثاء القادم. فيما حصل جوب على 46 درجة، ومنى على 44 درجة، أما دينا فحصلت على 41 درجة.

غناء وارتجال

ليلة أمس غنّت الفنانة حنان عصام «يا من رحلت عن الديار»، وهي قصيدة من كلمات الشاعر خالد حسين رشوان، وألحان الموسيقار السعودي عبدالله علّام، وتوزيع المايسترو أحمد عبد الجواد.

وفي فقرة المجاراة، استضاف «أمير الشعراء» في الحلقة الشاعر العراقي عباس جيجان، والشاعرة الأردنية وردة الكتوت التي شاركت في الموسم السابع من البرنامج.

مدائن دينا

مع قصيدة (فُصْحى المَاء) بدأ الشعر بصوت الشاعرة دينا الشيخ، حيث أكد الناقد د. صلاح فضل أن دينا تراود الشعر من أقصى مسافاته كأنه حوار بين آدم وحواء، وهي التي قالت في الأبيات الأولى من نصّها:

في عزلةِ النُّورِ لا ماءٌ ولا أثرُ/‏‏ ولا مسيحٌ ببابِ الوقتِ يُنتظرُ

كما رأى د. صلاح فضل أن دينا حاولت تأويل المجازات، فبدل الخطيئة تصحب الحزن، موظِّفة أساطير البيئة في عشبة الأسرار والأشعار، باحثة عن مدائن الحب الشقيّ الغائب بترانيمه العذبة.

فيما وجد د. علي بن تميم النص الذي قدمته دينا جميلاً، وذا نزعةٍ صوفية، حيث بدأت الرحلة من الفردوس/‏‏الجنة، إلى لحظة الغواية ممثلة بالتفاحة، ثم إلى المسيح المنتظر.

والشطر (اهبطْ، هبطتُ إِلى دهرينِ من وجعٍ) كان إيذاناً بلحظة الهبوط من الجنة وبدء المعاناة البشرية، ليكون الشعر هو الحلّ، وبمثابة الفردوس الأرضي الذي يعوّض عن الخروج من الجنة.

د. عبدالملك مرتاض، بدأ من ثقافة قصيدة دينا، فقال: تبدو هذه القصيدة مثقفة لأنها عبّقت بشذا التراث الديني من بوابة القرآن العظيم، من خلال استحضار قصة آدم وحواء، وقصة الهدهد مع سليمان، وقصة سفينة نوح وألواحها ودُسُرها. موضحاً أثر القرآن في شعر دينا، مثل: (لا تُبقي ولا تذرُ).

سور السبهان

الشاعر سلطان السبهان ألقى قصيدته «مرابطونَ على سُورِ الجَمَال» التي أشار د. علي بن تميم إلى موضوعها حول الشعر والجمال، والذي يتسابق عليه ومنه وإليه الشعراء منذ زمن قديم، ذلك أنّ هذين الرمزين صنوان. وفي مطلعها يقول:

لم نعرف الدّار لم نقرأ بها أثرا/‏‏ متيّمون بما قد غادر الشعرا

وحول العنوان قال د. ابن تميم: إن هؤلاء المرابطين هم الشعراء، أو «أمراء الكلام» كما أورد الشاعر في الشطر الأخير من البيت الأخير (أمّا الكلام فقد سمّاهم الأُمرا).

وقال د. مرتاض: يبدو أن النص كان مجهوداً بالشغل في كتابته، فكأن الشاعر كان ينحت من صَخَرٍ، وسعى إلى استحضار جملة من القيم والآثار والموروثات الدينية والأدبية الجميلة، وهذا يحمد له، وهو الذي جاء بالبيت: (مَن واجهوا صفحةً بيضاءَ تهزِمُهُم/‏‏حيناً، وحيناً يُسيلونَ المدى صُوَرا)، معتبراً أنه البيت الأفخم بين أبيات القصيدة، والأغنى صوراً.

من جانبه أكد د. صلاح فضل أن السبهان من أمراء الكلام كما قال سيبويه، وهذا مما لا ريب فيه، فالشاعر معجون بلغة القرآن الكريم، وباللغة التراثية المفعمة بعطر الأقدمين. لكن د. فضل توقف عند مسألة في غاية الأهمية، فرغم عمق الشاعر إلا أن الناقد استشعر محدودية المرجعية الثقافية وغياب أثر الفنون في قصائد الشعراء عموماً، متسائلاً إن كان الشعراء يقرؤون الروايات، ويتابعون الحركة الفنية التشكيلية والمسرحية.

جوب.. سطوةٌ في الشعر

الشاعر محمد الأمين جوب ألقى قصيدة «سيرةٌ أخرى لابنِ نوح»، وهو الذي تعلّم العربية في السنغال، وهي النقطة التي استوقفت د. عبدالملك مرتاض الذي وجد اللغة المعجمية التي يملكها جوب جميلة، فيما القصيدة أجمل وأبدع، ومنها:

يَمْشِي إلى الله طِفْلَاً لَمْ يَجِدْ لُغَتَه/‏‏ وَحيثُ لا جَبَلٌ يُؤْوِي بَنَى ثِقَتَه/‏‏ وَحيثُ لا حَوْلَ للإنْسَانِ/‏‏ ثَارَ عَلى أقْدَارِهِ/‏‏ لِيُوَارِي الْمَوجَ فَلْسَفَتَه.

وقال د. مرتاض إن جوب نهض بتشكيلٍ شعريّ عجيب، وجمع بين جمال الشكل الشعري ونُبل الموضوع، واستلهم من القرآن العظيم. فكان موفقاً في نصّه إلى حد بعيد، وجاء شعره كالنسيم العليل، والندى البليل، والنبع السلسبيل.

فيما قال د. صلاح فضل، إن لكلمات جوب سطوة كبيرة، والسيرة التي قدّمها في نصّه شقية وعاتية، فيها مزيج من الفلسفة والشعرية، يوجزها في المطلع، فيترك الشاعر الموج يواري فلسفة ابن نوح، ثم لا يلبث أن يخاطبه، أي يخاطب ذات الشاعر، وكأنه يتقمّص شخصية الثائر المتمرد ويتماهى معه.

وختم د. علي بن تميم الآراء النقدية حول القصيدة بقوله: إن للشاعر مزاجاً، وكأنه مزيج بين الزنجبيل والسُّكْر، وتحديداً بقوله (سَكْرانَ يقطِفُ وردَ العُمرِ مُحْترِقاً/‏‏للآن يرفعُ كالجُدرانِ أخْيِلَتَه).

وأضاف د. علي إن القصيدة ذكّرته بقصيدة الشاعر أمل دنقل (مقابلة خاصة مع ابن نوح)، التي رفض فيها دنقل – أي الشاعر – ركوب السفينة، وآثر البقاء في وطنه دفاعاً عنه وحمايةً له، حيث قال في النص: (بعد أن قالَ «لا» للسفينة/‏‏.. وأحب الوطن!).

القحطاني.. قوةٌ في البيان

خاتمة الشعر كانت مع الشاعرة منى حسن القحطاني صاحبة نص «صولةُ الحقُّ»، والتي كُتبته بمداد الواقع الساخن الذي نعيشه اليوم كما قال د. صلاح فضل، مستقيةً الشاعرة من القرآن، النبع المقدّس الصافي، وهو ما ترجمته في نصّها ابتداءً من أبياته الأولى:

يا صَولَة الحقِّ صُوْلِي في مَرابِعنَا/‏‏ ضَبحَاً إذا رَكبوا قَدْحاً إذا التهَبوا

وقال فضل: تنشد الشاعرة بقوة وبلاغة لأمة الخير المنسكب والعدل المنتصب، وتتغنى بكبرياء وفخر واعتزاز بالبيت المتّحد وقيادته، تصيب المِحَزّ، وتحسن الأداء، وتُجْمل الموقف بعرامة.

د. علي بن تميم، أكد أن النص لربما سقط سهواً من ديوان الحماسة لأبي تمام، فهو متّشح بالحماسة، ويفيض بها فيضاً. كما أشار إلى وجود المشاعر الصادقة والروح القوية والعنفوان في النص، إذ تستلهم الشاعرة عناصر إماراتية قوية صوراً وشعراً، وتستعير من مفردات القرآن (ضَبحَاً، قدحاً)، كما توظف في النص مفردة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة (البيت متوحّد، الحزم، العزم)، وتصنع من الرموز الإماراتية بنية النص مثل (الشيخ زايد، أم الإمارات، الشيخ محمد بن زايد). لكن مأخذ د. ابن تميم على النص هو الصوت الجهير الذي أضعف أحياناً الشعرية، إلى جانب وجود قوافٍ قلقة، مثل (العَدْلُ مُنتَصِبُ)، غير أن قوة البيان تنبئ عن شاعرة قابلة للنمو والتطور، وهي التي أحسنت في صراحة الموقف الذي نحن بحاجة إليه.

وآخر الآراء النقدية مع د.عبدالملك مرتاض الذي قال إن ثمة مشكلة في النحو، وتحديداً في عبارة (إنّا بَنُو زايِدٍ)، فهذا صحيح في النحو البسيط، لكن الأفضل أن تكون عبارة (بَنُو زايِدٍ) منصوبة على الاختصاص لتصبح (إنّا بني زائدٍ)، لأن الأمر يتعلق بتخصيص الإمارات بشيء، وتخصيص أبناء زايد.

في الأسبوع المقبل

يوم الثلاثاء القادم الموافق 5 مارس سيكون متابعو البرنامج على موعد مع الحلقة الأولى من المرحلة الثانية، حيث ستُعلن في بدايتها نتائج تصويت الجمهور لشاعرتين أو شاعر وشاعرة، وهم دينا الشيخ، ومحمد الأمين جوب، ومنى القحطاني. كما سيكون جمهور الشعر على موعد جديد مع خمسة شعراء يبدؤون المرحلة الثانية من المنافسة، حيث يسعى كل واحد منهم إلى حجز موقع متقدّم له في المسابقة، وهم مبارك السيد أحمد من مصر، شيخة المطيري من الإمارات، ابتهال تريتر من السودان، هاني عبدالجواد من الأردن، وسعد جرجيس من العراق.

المصدر: الاتحاد