هند الأرياني
هند الأرياني
ناشطة سياسية واجتماعية ومدونة يمنية مقيمة حالياً في بيروت، نشر لها مقالات في عدة صحف منها جريدة السفير ويمن تايمز والجمهورية والمصدر أونلاين، حاصلة على بكالوريوس في علوم الكمبيوتر من اليمن وماجستير في إدارة الأعمال من بيروت، وتعمل حاليا كمحللة سياسية.

عندما نكتب للأميين

آراء

الخميس إحدى ليالي 2010م
إنه الخميس.. هذا اليوم الذي خصصته للذهاب إلى الصالون الثقافي.. يومي المفضل الذي انتظره كل أسبوع .. أسمع فيه الكثير وأتعلم الكثير.

دخلت وأنا ممتلئة بالحماس، فهنا أقول أفكاري كيفما أشاء، وكل منا يحترم رأي الآخر، وهنا أشعر بحريتي في التعبير، حيث نتكلم في كل شيء .. سياسية، مجتمع، اقتصاد، ونناقش بعضنا، وقد تعلو الأصوات ولكن يظل دائما احترام الرأي هو سيد الموقف.

هنا اشعر بأني حرة.. أسمع وأُسمِع.. قد لا اتحدث كثيرا ولكني اشعر كشعور الطائر الحر في سماء بلا أفق..يطير أينما يشاء..يعلو ويعلو..اشعر بالسعادة تغمرني..

أنا حرة…
وأنا في هذه النشوة، يقطعها صوت يوجه لي سؤاله قائلا:”هل تعلمين بأن الأميه في اليمن قد تصل لـ 70 في المائة؟”..

التفت لأرى صاحب الصوت، ولا يبدو عليه بأنه يمزح.. ماذا أجيب؟ لا أدرى بماذا أجيب..اصمت..أنا اعلم بأن نسبة الأمية في بلدي كبيرة لكني لا أعرف النسبة تحديدا..هل فعلا 70 في المائة؟ الكل ينظر إليّ منتظرين الإجابة..بماذا عليّ أن أجيب..هل أقول نعم أعلم، أم أقول الحقيقة بأنني لا أعلم بما أجيب؟ أشعرت بالحرج؟ هذه بلدي التي يتحدث عنها..هؤلاء ابناء وطني من يتحدث عنهم..أصحيح ان اكثر من نصفهم اميين!

سقط الطائر.. وشعرت بالرغبة في الهروب. ودعت الموجودين وذهبت للبيت، فتحت حاسوبي، ودخلت على الانترنت صفحة جوجل وبحثت عن “نسبة الأمية في اليمن”. كانت النتيجة: 40 %، موقع آخر 50 %، موقع ثالث يقول أنها 60 %.. ليس هناك نسبة محددة، لا يهم، المهم إن ما يقارب النصف من أبناء وطني أميين.
شعرت بالخجل!.. كيف لا أشعر بالخجل وأنا المتعلمة، هل فكرت وأنا في اليمن بأن أعلم أحد هؤلاء الأميين؟ هل فكرت أن أبحث عن مدارس لتعليم الأمية وأعلم فيها؟ لماذا لم أفكر في هذا من قبل!

شعرت بالخجل من وضع أبناء وطني، وبالخجل الأكبر بأني كمتعلمة لم أحاول أن أغير شيء.

وجاءت الرغبة في الكتابة…
أريد ان اكتب عن وطني الذي حُرم لقرون سابقه من التعليم…أريد ان اكتب عن مدارس بلدي المزدحمة.. عن الإهمال و قلة الوعي.. أريد أن اكتب عن أطفال بلدي الذين يقضون كل وقتهم في الشوارع ..وعن أهالي لا يهتم أحد بتوعيتهم بأهمية التعليم، وعن مدارس مزدحمة تنفر الطفل عن التعليم.. عن أجيال وراء أجيال لا يتعلم منهم إلا القليل.. أريد أن اكتب وأكتب وأكتب.. ولكن لمن؟..

ما فائدة ما نكتب..من سيقرأ اذا كان نصف الشعب من الأميين؟
وقتها عرفت بأننا نكتب لمن لا يقرأ…نكتب للأميين.

المصدر أونلاين