عندما يتوهم الصغار بأنهم كبار!

آراء

في عصر تتداخل فيه الأطماع مع الطموحات، وتختلط فيه الحقيقة مع الخيال، وتغوص الرؤوس في بحيرات ضحلة من الأفكار، ينتعش سوق البارانويا وتتضخم النفوس، بحيث تصبح دملاً متقيحاً يؤذي أصحابه، كما يؤلم من يجاورهم.

اليوم تسعى دويلات لا تكاد تُرى على الخارطة، بأن تتحكم في مصير العالم، وتعمل على عقد علاقات غير مشروعة مع كيانات تتشابه معها في المشاريع الشيطانية، وتتفق معها في الأجندات البغيضة.

منذ البدء، ومنذ أن شرعت قناة الجزيرة في بث برامجها المسمومة، كنا نشعر بالتوجس والريبة، من هذا التوغل في عمق الزجاجة ذات السم القاتل، واستطاعت هذه القناة أن تمرر مشاريع ضمن برامج مريبة، وأن تدخل في بيوت الناس كما في عقولهم تحت شعارات ممنهجة ومرتبة بحيل المرابين، والذين يبيعون السم في أوان صقيلة، وفي سنة 2011م، اكتملت الصورة وحشدت هذه القناة كل أسلحتها لإشعال النار في البيت العربي، مستغلة هشاشة بعض الأنظمة العربية وقبضتها الحديدية، وسارعت القناة في استخدام الكاميرا بصورها المخادعة مع أخبار مفبركة، ومعجونة بطريقة لا تكاد ترى فيها الأنياب الصفراء، والمخالب الرثة في نظر الإنسان البسيط، الأمر الذي سهّل للمشروع الوبائي أن يعبر الأفئدة، ويغرق العقول بحزمة من الشعارات، ويحقق هدفه بسهولة، اليوم بدأت الصورة تتضح أمام المتابع العادي، وبعد أن فاحت رائحة الخطط الجهنمية وأفصح البارانويون عن وجوههم، وهم يضعون الأيدي مع الكيان الصهيوني، ويمارسون دور الحاضنة لمآرب إسرائيل، ورغبتها في الانتشار ككيان مرغوب فيه في الأوساط العالمية، والقارئ المتتبع لمسيرة قناة الجزيرة، يصل إلى قناعة بأن هذه القناة هي صناعة صهيونية بامتياز، ولا يداخلنا الشك في ذلك، لأن كل ما ترمي إليه هذه القناة يصب في مضرة الوطن العربي ويشفي غليل إسرائيل، والهدف من سعي الجزيرة إلى تفكيك القارة العربية، هو تحقيق الحلم الإسرائيلي بتحويل الدول العربية الكبرى إلى دويلات ضعيفة، يسهل التغلغل في شعابها والسيطرة عليها، وهذا الهدف نفسه يلتقي مع رغبة حكومة الحمدين في التساوي في الحجم والمقدرة مع الدول العربية الكبيرة، ولا نشك في ذلك أبداً، فطالما تلاشى الحلم العربي الواحد وغابت الروح الوطنية، فماذا يمنع قطر تحت سلطة من لا يعي معنى الروح العربية الواحدة، بأن يذهب بمشروعه إلى أبعد الحدود، المهم أن تظل قطر تطل برأسها، وترى بالعين المجردة وسط المجموع العربي، وأن يكون لها مكان على الخارطة، مهما كلف ذلك من تمزيق وتفريق، وحرق المراحل وتدمير الدول.

هذا هو مرض البارانويا، وما يفعله بصاحبه والآخرين، هو التدمير، وتحويل العالم إلى صحراء تعمها عواصف الفوضى.

المصدر: الاتحاد