غوغل سيد العالم

آراء

كثير منا أصبح على يقين أن غوغل يعرف عنه أكثر مما يعرف عن نفسه. يستطيع غوغل أن يقدم لزوجتك تقريراً عن المواقع التي زارها والصور التي شاهدها والناس الذين راسلهم وميوله واهتماماته وخططه المستقبلية.. إلخ. لا يترك شاردة أو واردة عنك لم يسجلها.

هل أصبحت هذه الشركة العملاقة زعيمة البشرية.

بين يدي غوغل مليارات المعلومات عن كل شيء في كل أنحاء العالم. بعيداً عن المسائل الشخصية يمكن أن تستخدم في الابتزاز السياسي. أن تزود الشركة منظمة السي آي ايه بمعلومات عن السياسي الفلاني أو السياسي الفلاني ثم يبدؤون في تهديده واخضاعه. إذا كنا مساكين ولا حول لنا ولا طول كيف هي الحال مع روسيا والصين وبريطانيا وإيطاليا. الدول الكبرى تملك تكنولوجيا متطورة لا يمكن أن يتركوا أنفسهم فريسة لهذا الابتزاز الأميركي. استغلال المعلومات ضد سياسيي هذه الدول أهم بكثير من تهديد عسكري. لماذا لم تجتمع هذه الدول الكبرى وتضع بروتوكولاً يحميها أو تطلق غوغل خاصاً بها.

التجربة الأخيرة أشارت إلى العكس. اتهم الأميركان روسيا بالتدخل إلكترونياً في انتخابات الرئاسة الأخيرة والتأثير على نتائجها. غوغل وفيس بوك وتويتر وغيرها منصات أميركية. كيف انقلب السحر على الساحر.

منطقياً هل ستسمح الصين لغوغل أن يجمع معلومات عن أدق حياة مواطنيها ويرسلها للولايات المتحدة.

بصراحة غوغل لا يعرف. الذي يعرف هم الهكرز. هذا الهكر يعرف هدفه. يقتحم موقع وزارة. قيمة هذا التصرف من قيمة الجرائم الأخرى. لا يميزها إلا أنها جرائم حديثة. لم تكن معروفة قبل النت. كل تقنية تأتي بمشكلاتها.

هذه التهاويل عن غوغل تعود إلى عصر جيمس بوند. في الستينيات والسبعينيات عندما كان الجاسوس البريطاني الوسيم يملك تقنيات مذهلة. مسجل في صورة قلم أو ساعة ولاسلكي في ربطة العنق.

لعب الجواسيس دوراً كبيراً في الحرب العالمية الثانية ثم انتقلوا إلى السينما والتلفزيون والروايات. أصبح مفهوم التجسس جزءاً من ثقافة البشرية وازدهرت أكثر مع تطور نظرية المؤامرة أثناء الحرب الباردة.

بعض الناس يذهب ضحية عقلية القطيع. يصغر عقلية القائمين على غوغل والمخابرات الدولية على مقاس عقله. فيرى نفسه ضحية. تقلقه المعلومات التي يملكها غوغل عنه. مرة أرسل صورة زوجته كاشفة الوجه. يؤرقه الأمر: كيف سيوظف الأميركان هذه المعلومة الخطيرة ضده. سيأتي اليوم الذي سيبتزونه بها. بساطته لا تسمح له أن يميز بين المعلومة المهمة والمعلومة التافهة. يضخم القيم المحلية أو العائلية حتى تصبح قيماً أممية عندئذ يبدأ يحلل ويقدم نظريات. كلها منطقية ما عدا الفرضية الأساسية.

المصدر: الرياض