زاهي حواس
زاهي حواس
وزير الدولة لشئون الاثار المصرية السابق

فرعون موسى مرة ثانية

آراء

ليس هناك باحث أو عالم واحد من علماء المصريات يمكن أن يؤكد لنا من هو فرعون الخروج؟ وأغلب الأبحاث التي قدمت في السنوات السابقة حتى آخر هذه الآراء التي قدمها الدكتور مصطفى وزيري ولا ترقى لمرتبة البحث العلمي للأسباب التي ذكرناها في مقالات سابقة. وقد أكدنا من قبل أن فرعون هو لقب التصق بملوك مصر منذ الدولة الحديثة ولا يمكن أن يكون اسمًا لفرعون موسى.

وقد وصف القرآن الكريم فرعون موسى بالطغيان، وبالتالي فهي صفة تخص شخصًا واحدًا ولا تخص كل الفراعنة. نعرف أن هناك ثلاثة أنبياء جاءوا إلى مصر، وهم سيدنا إبراهيم ويوسف وموسى عليهم جميعًا السلام؛ ولا يوجد لدينا أي دليل على الفترة التي عاش فيها أنبياء الله الثلاثة؛ وفي نفس الوقت لا تشير الآثار المصرية إلى وجودهم؛ ولكن إذا نظرنا إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام فيوجد منظر يصور 37 آسيويًا يرتدون الملابس المزركشة؛ وهي من صفات أهل سوريا وفلسطين القديمة، ويتقدمهم رئيسهم الذي يطلق عليه اسم «إبشا»، ولذلك اعتقد البعض أن إبشا هو اسم مختصر لسيدنا إبراهيم. أما بالنسبة إلى نبي الله يوسف وقصته مع إخوته وقدومه إلى مصر وحياته بقصر عزيز مصر، فتوجد قصة منقوشة على صخرة بجزيرة سهيل بأسوان؛ يحكي النص عن مجاعة ضربت البلاد وقيام الملك بتقديم القرابين لكي يفيض النهر من جديد بعد سنوات من الجفاف. ويؤرخ النص بالعصر الروماني، أي بعد عصر سيدنا يوسف عليه السلام بآلاف السنين؛ لذلك يؤكد الباحثون على عدم وجود صلة بين القصة المنقوشة بجزيرة سهيل، وبين المجاعة التي حدثت في زمن سيدنا يوسف. بينما يرى البعض أن نقش جزيرة سهيل منقول من نص آخر قديم.

أما عن نبي الله موسى فلدينا نص من عصر الملك مرنبتاح – ابن رمسيس الثاني – سجله أحد الشعراء يتغنى فيه ببطولات مرنبتاح؛ وجاء فيه أن إسرائيل أبيدت وانتهت بذرتها؛ والعجيب أنه جاء ذكر إسرائيل كجماعة أو شعب وليس كمدينة أو بلد مثل المدن والبلدان الأخرى التي أخضعها مرنبتاح لسيطرته! هذا وقد أشار بعض الباحثين إلى أن الكلمة المسجلة يمكن قراءتها «يزريل» وليس «إسرائيل». المهم أننا إذا صدقنا ما جاء على اللوحة الشهيرة بلوحة إسرائيل في المتحف المصري فلا بد وأن يكون فرعون موسى قبل عصر مرنبتاح! فهل هو رمسيس الثاني؟ لا توجد أدلة. إن عدم وجود ذكر لأنبياء الله الذين جاءوا إلى مصر يفسر بكثير من الأسباب منها أننا لم نكشف عن كل ما هو موجود؛ ولا يمكن الحديث عما سيكتشف في المستقبل فهذا علمه عند الله وحده سبحانه. كذلك فإننا نعرف أن النقوش المسجلة على جدران المعابد الفرعونية والمقابر كانت تنفذ وفق برنامج محدد يخدم عقيدة المصري القديم في الحياة والممات ونظرتهم إلى الخالق؛ ومعنى الملكية ووظيفتها. وبالتالي لا يوجد مكان في هذا البرنامج المحدد لذكر أنبياء الله الذين عاشوا في مصر٠

المصدر: الشرق الأوسط