فضائح مونديال 2022 بالوثائق والمستندات

أخبار

كشفت الحلقة الأولى من البرنامج الوثائقي «قطر.. الملف الأسود»، الذي بثته القنوات الرياضية في الدولة، مساء أمس، بالوثائق والمستندات والحقائق، فضائح تنظيم مونديال 2022.

وتناول الإعلامي يعقوب السعدي في الحلقة الأولى من البرنامج الذي أعدته قنوات أبوظبي الرياضية مساء أمس، كل الصور والوقائع والشهادات على سرقة مونديال 2022 بالرشى والفساد من خلال الدور الذي قام به الرئيس السابق للاتحاد الآسيوي، محمد بن همام، لشراء الأصوات ودفع الأموال لتحقيق حلم الأمير السابق حمد بن خليفة، هذا الحلم الذي قفز إلى الواجهة في وقت كان يستعد فيه جوزيف بلاتر لولاية جديدة في رئاسة الفيفا، ويحتاج إلى الدعم والمساندة، فتحول إلى جسر العبور، كما شاءت الصدف أن يجتمع في اللجنة التنفيذية بالاتحاد الدولي الكثير من الفاسدين.

الكثير من التحقيقات حاولت كشف طريق قطر المفروش بالرشى إلى كأس العالم، فكان التحقيق الأبرز الذي قاده مايكل جارسيا المدعي العام الأميركي، كبير محققي الاتحاد الدولي لكرة القدم، والذي تولى البحث في الفساد الذي ضرب الفيفا أواخر عهد الرئيس السابق للفيفا السويسري جوزيف بلاتر، إذ عرج جارسيا من خلال التحقيق على ما حدث من قطر فكان هذا الأمر مغرياً للصحافة العالمية، وبالأخص في أميركا التي لم تنس كيف خسرت استضافة كأس العالم أمام قطر وفي بريطانيا، والذي ما زال الأمر بالنسبة لهم أشبه بمزحه والحال ينسحب على فرنسا التي سعت صحافتها الرياضية جاهدة لكشف أسرار هذا النفق المظلم.

«اللعبة القبيحة» عرض وثائق تؤكد دفع قطر رشى بأرقام مخيفة

أشارت الحلقة الأولى إلى أن قطر فشلت عام 2008 في الفوز باستضافة أولمبياد 2016 رغم أنها عرضت إقامة الألعاب في شهر أكتوبر تجنباً لحرارة الصيف المرتفعة، وهو ما لم يكن مسموحاً به بحسب قواعد اللجنة الأولمبية، فماذا كان مبرر «الفيفا» لقبول استضافة قطر للمونديال بعد ذلك؟ لتؤكد الحلقة على وجود قواسم كبيرة بين ما نشره تقرير مايكل جارسيا وما نشره الصحفيان البريطانيان في جريدة الصنداي تايمز هايدي بليك وجوناثان جوليبريت الذين ألفا كتاب «اللعبة القبيحة» وعرضا خلاله وثائق مستندات تؤكد دفع قطر لرشى وبأرقام مخيفة، وما كشفت عنه مجلة «فرانس فوتبول» في ملفها الذي جاء من 15 صفحة وتحدثت من خلاله الصحيفة عن الكأس المسروقة وكيف اشترت قطر حق استضافة المونديال، إذ ارتكزت «فرانس فوتبول» في تحقيقها على رسالة إلكترونية أرسلها الأمين العام السابق للاتحاد الدولي جيروم فالكه، جاء فيها: «لقد اشتروا مونديال 22 هذا يكفي».

ولطالما أن كل شيء يمكن شراؤه، فكيف إذا كان هذا الشيء هو أمنية للأمير، وهذا ما عمل عليه محمد بن همام الذي تحول إلى رجل أعمال كي يتسنى له تحويل ما يريد من أموال ووقتما يريد، حيث كان الوسيط لكل الصفقات المشبوهة، وصولاً إلى فوز الدولة «الصغيرة» باستضافة المونديال متفوقة بفارق ستة أصوات على الولايات المتحدة.

وتقول الصحفية البريطانية هايدي بليك: «إن اللجنة القطرية كانت قد أكدت عدم تدخل محمد بن همام في ملف تنظيم كأس العالم حيث كان التواصل معه فقط بهدف الفوز بالصوت الذي يمتلكه كعضو باللجنة التنفيذية، لكن جميع المعلومات التي وصلتنا تدل على أن بن همام كان يعمل جنباً إلى جنب مع اللجنة المنظمة لأعوام طويلة قبل عملية الاقتراع»، فيما يؤكد الصحفي الفرنسي جيراد إيجليس: لقد استخدم القطريون كل السبل المشروعة وغير المشروعة لبلوغ أهدافهم ولإحكام قبضتهم على كرة القدم العالمية والسيطرة عليها.

نحن في فرنسا ومن خلال تجربة باريس سان جيرمان نعلم أن قطر لو أرادت أمراً معيناً يمكنها أن تلجأ لوسائل مالية هائلة يعجز أي كان عن معارضتها من خلال الموارد المالية التي كثيراً ما تستخدم بطريقة قانونية وأحياناً بطريقة مريبة أو في ظل غياب الأدوات القانونية.

ورسم الصحفيان البريطانيان هايدي بليك وجوناثان جوليبريت خريطة زمنية لما جرى في كتابهما «اللعبة القبيحة» وهي الخريطة التي تتفق مع العديد من روايات المنصات الإعلامية وبعد رصد لمئات الرسائل والمكالمات والوثائق السرية والتحويلات البنكية، منذ أن كان الأمر مجرد أمنية لدى أمير قطر السابق، وإلى أن أصبح الأمر واقعاً، حيث طال التحقيق العديد من الأسماء لرؤساء اتحادات ونجوم وحتى رؤساء دول منهم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي كان جزءاً من صفقة الدعم، وذلك مقابل شراء الدوحة لنادي باريس سان جيرمان، وتأسيس شبكة رياضية جديدة في فرنسا بدلاً من شبكة كانال سبورت بلاس.

ويقول جوليبريت: ما رأيناه هو الكثير من التحويلات المصرفية من شركة تدعى «كامكو» التي يملكها محمد بن همام لشراء أصوات مسؤولي كرة القدم في أنحاء العالم.

وفي مكان ما، كان هنالك حساب لابنة محمد بن همام.

هنالك عشرات الحسابات في «كامكو» تم استخدامها، لذلك يمكنك أن ترى على سبيل المثال عملية تحويل ما يقرب من 1.6 مليون دولار إلى جاك وارنر في ترينيداد وتوباجو والتي كانت في البداية متعلقة بدعمه لترشيح قطر لاستضافة كأس العالم، ثم يحتمل أن تكون متعلقة بدعمه لمحمد بن همام نفسه.

يلاحظ أن جميع الدفعات الأخرى لمسؤولين آخرين في أنحاء القارة الإفريقية، إذ كانوا يرسلون رسائل إلكترونية يقولون فيها شكراً ويهنئون بن همام على استضافة كأس العالم.

وفي التحقيقات وردت العديد من الأسماء يتقدمها رئيس الاتحاد الإفريقي السابق، عيسى حياتو، ورئيس الاتحاد الفرنسي السابق، ميشيل بلاتيني، ورئيس الاتحاد البرازيلي السابق، ريكاردو تيكسيرا، ورئيس نادي برشلونة السابق، ساندرو روسيل، وكذلك النجم الإنجليزي ديفيد بيكهام كجزء من الصفقات المتشعبة.

ويؤكد رئيس تحرير صحيفة النادي السعودية، محمد البكيري، أنه وفي فترات ماضية دخلت دول أكبر من الناحية الجغرافية والتعداد السكاني سباقات الترشح لتنظيم أحداث عالمية كبرى كمصر والمغرب ولم تستطع أن تنال شرف تنظيم هذه الأحداث لتأتي دولة مثل قطر وتحتضن حدثاً عالمياً هو كأس العالم، ويضيف البكيري: «في بعض الأحيان تحتاج إلى وقت طويل لملء الفراغات المعلوماتية وربط الأحداث ببعضها البعض كي يكتمل عندك السيناريو. وتوالي الأحداث السياسية الأخيرة بدأت في كشف كيفية استغلال الجانب السياسي وتوظيفه في الجانب الرياضي».

عمليات شراء الأصوات بدأت من مقر الاتحاد الآسيوي

وضع بن همام نصب عينيه العديد من رؤساء الاتحادات في إفريقيا وآسيا، والذين رأى فيهم الرغبة للمال.

وتمثلت التعقيدات الأولى في وجود 3 دول آسيوية تسعى لاستضافة المونديال هي أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، أما بالنسبة لأصوات أعضاء أميركا الجنوبية وعلى الرغم من فساد بعضهم، إلا أن الحصول على أصواتهم كان صعباً، إذ كانوا بحاجة إلى الكثير من الصبر.

أما في أوروبا فكان الأوروبيون بمنأى عن الأزمات المالية لكن أكثر ما يميزهم أنهم يصوتون فرادى على عكس القارات الأخرى التي كانت تتفق وبشكل جماعي على هوية الدولة المرشحة، بينما كان لميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي طريقة أخرى لاستمالته وذلك عبر ساركوزي.

وبدأت رحلة بن همام لشراء الأصوات من كوالالمبور وبالتحديد من مقر الاتحاد الآسيوي، إذ كلف مساعده محمد المحشادي بسحب مبلع 200 ألف دولار للإنفاق على تكاليف الدعوة التي وجهها لأعضاء الاتحاد الإفريقي بعد اجتماع الاتحاد الدولي الذي أقيم في سيدني، الدعوة كانت تشمل التكاليف والإقامة بالإضافة إلى مظاريف مغلقة كمصروف للجيب، كما لجأ بن همام لاستمالة قلوب الأفارقة إلى صديق يدعى أماندجيو ديالو الذي كان يتمتع بعلاقات صداقة بمعظم رؤساء الاتحادات الإفريقية، والذي بعد عودتهم إلى إفريقيا أمر بن همام بتحويل مبالغ مالية إلى حساب رئيس اتحاد الكرة في بنين، إضافة إلى رؤساء اتحادات أخرى لتنهال الرسائل بعدها على بن همام من كل صوب في إفريقيا تشكره على حفاوة الضيافة، وعندها بدت إفريقيا جاهزة للغزو القطري.

وفي أكتوبر 2008 كرر بن همام دعوته لكنه كان أكثر سخاء، حيث شملت الدعوة رؤساء الاتحادات وزوجاتهم وعائلاتهم، فقد كان كل شيء مدفوعاً مقدماً إلى جانب تخصيص مبلغ خمسة آلاف دولار لكل ضيف، عدا عن الهدايا التي غمرت الضيوف، مما ساهم في تأسيس شبكة متينة من العلاقات.

بعد ذلك بعث سي ميمين نائب رئيس الاتحاد الإفريقي برسالة إلى بن همام طلب فيها تمويل رحلة حج له ولزوجته، وعلى الفور تم تحويل مبلغ 22 ألف دولار لتغطية مصاريف الرحلة، وطلب رئيس اتحاد سوازيلاند آدم مثيثوا مبلغ 30 ألف دولار بدعوى أنه خرج لتوّه من مجال السياسة ولم يحصل على معاشه بعد، حيث تم تحويل المبلغ له، وذلك في فبراير من عام 2009 وهو ذات الشهر الذي أعلنت فيه قطر ترشحها رسمياً لاستضافة المونديال، فكانت أول رسالة إلكترونية يتلقاها بن همام وقتها من فضل الحسين رئيس اتحاد جيبوتي يقول فيها: «صديقي العزيز سعدت كثيراً بما سمعت وأنا معك حتى النهاية، ومتأكد من أن الصومال والسودان وجيبوتي واليمن سيدعمونكم في مساعيكم، إذ يمكنكم الاعتماد علينا في تلك الحرب التي ستخوضونها».

الكاتبان البريطانيان بليك وجوليبريت يبرران حماسة رئيس الاتحاد الجيبوتي بأنه كانت نتاجاً طبيعياً بعد حصوله على مبلغ 30 ألف دولار كنفقات علاجية من بن همام، في حين حصل رئيس الاتحاد الصومالي على مئة ألف دولار أودعت في حسابه البنكي.

وأظهرت وثيقة أخرى في 18 يوليو 2009 تحويلاً بنكياً بقيمة 10 آلاف دولار لسيدي كتينيه رئيس اتحاد جامبيا والذي جاءه من عائشة محمد عبدالله وهي ابنة بن همام، حيث كشفت تلك الوثيقة بالذات حقيقة التحويلات التي كانت تأتي من فروع شركة محمد بن همام العقارية بالدوحة، وبحسب الوثائق فإن بن همام دفع على مدار العامين السابقين للتصويت ما يقرب من خمسة ملايين دولار لمسؤولين في ثلاثين اتحاداً إفريقياً.

وبعد اجتماع اللجنة العليا للفيفا في جزر الباهاماس عام 2009 أرسل الجامبي كتينيه من جديد لبن همام يطلب فيها مساعدات مالية أخرى ليرسل الأخير مبلغ 10 آلاف دولار وبعد أيام قليلة أرسل مانويل ديندي رئيس اتحاد ساو توميه بطلب مبلغ 230 ألف دولار بدعوى بناء مؤسسات رياضية في بلاده رغم أن اتحاده لم يكن له صوت، ليطلب بن همام من مساعديه إرسال مبلغ 60 ألف فقط، فيما حصل رئيس اتحاد ساحل العاج من أحد الحسابات الخاصة ببن همام على مبلغ 22 ألف دولار في يوليو 2009.

المرحلة الثانية من خطة بن همام كانت الأكثر صعوبة، إذ كان عليه أن يستميل النجم الألماني فرانز بكنباور صاحب التأثير الكبير في اللجنة التنفيذية بالفيفا، ولأن بن همام كان قد ساعده في حملة بلاده لاستضافة بلاده لمونديال 2006 فلم يكن عليه سوى أن يطلب من بكنباور رد الجميل، حيث قام بدعوة الأخير ومعه مساعده رادمان لزيارة الدوحة. كما تم تحويل مبالغ مالية إلى ماري مارتينيز زوجة رئيس الاتحاد الفلبيني كما مول بن همام المصروفات الجامعية لابنة رئيس اتحاد منغوليا جانبولد بويانميك.

بحلول ديسمبر من عام 2009 قرر بن همام أن يلقي بأوراقه كاملة، ووجه الدعوة للأربعة الكبار أصحاب الأصوات وأعضاء الاتحاد الإفريقي لزيارة الدوحة، حيث كان همه الأكبر هو أن يعود هؤلاء من قطر وهم مدينون لبلاده، وبالفعل بدا على عيسى حياتو رئيس الاتحاد الإفريقي والنيجيري آموس أدامو الرضى بعد أن تم تحويل مبلغ 400 ألف دولار إلى كلا الاتحادين، كما حصل جاكوبس أنوما رئيس اتحاد ساحل العاج على مبلغ 400 ألف دولار وحصل بعدها على مبلغ مماثل في العام التالي قبل أشهر من التصويت، فيما أعلن الاتحاد الإفريقي توقيعه صفقة مع «حملة قطر 2022» لرعاية الاجتماع السنوي في 2010 بقيمة مليوني دولار، وهو ما يعني أمراً واحداً أن الأفارقة باتوا في جيب قطر.

ويشير الصحفي البريطاني جوليبريت إلى أن قطر عرضت على ابن أحد المصوتين آموس أداموا النيجيري مبلغ مليون جنيه استرليني لإقامة حفل عشاء قبل كأس العالم في جنوب إفريقيا رغم أن كلفة العشاء لوحده كانت 20 ألف جنيه وهذا الأمر بدا كرشوة على حد وصفه.

وكانت فيدرا الماجد القطرية الجنسية التي تعيش في الولايات المتحدة الأميركية والتي تم الاستعانة بها للترويج للملف القطري اعترفت بأنها قدمت رشوة لعيسى حياتو قيمتها مليونا دولار، حيث رفعت دعاوى قضائية اعترفت خلالها بتقدميها الرشوة إلى جانب الكم الهائل من المبالغ المالية التي تم دفعها كرشى لأشخاص آخرين، مما جعلها عرضة للتهديد بالقتل وهو ما دعاها إلى التقدم بطلب لحمايتها من هذه التهديدات.

وبعد أن ضمن بن همام أن تتخطى بلاده المرحلة الأولى من التصويت اجتمع برؤساء اتحادات استراليا واليابان وكوريا الجنوبية التي تقدمت بعروض لاستضافة مونديال 2022 حيث كان مطلبه ضرورة بقاء القارة الآسيوية موحدة، وبأن يكون التصويت الجماعي لصالح الدولة الآسيوية التي تدخل المرحلة الثانية من التصويت كان يعلم أنها قطر.

إحدى الرسائل الإلكترونية مع رجل الأعمال التايلاند سيم هونج تشي تكشف عن مساعي بن همام لترتيب لقاء ما بين سيم هونج تشي ونائب رئيس الوزراء القطري المسؤول عن قطاع الطاقة لإبرام صفقة غاز ضخمة بين البلدين بمئات الملايين من الدولارات، حيث وافقت قطر على تخفيض السعر مقابل الحصول على صوت تايلاند، وبالرغم من عدم الإعلان الرسمي عن الصفقة إلا أنه وبعد الاقتراع وفوز قطر بتنظيم المونديال بخمسة أشهر بدأت شحنات الغاز القطرية تتدفق إلى الموانئ التايلاندية.

115

بخصوص الرشى الأخرى التي دفعها بن همام، تشير الوثائق إلى أنه التقى النجم جورج وياه في يناير 2010 وبعدها بأيام صب مبلغ 50 ألف دولار في حساب الأخير، كما حصل رئيس اتحاد طاجيكستان على نفس المبلغ، أما رئيس الاتحاد النيبالي فحصل على 115 ألف يورو في حسابين منفصلين.

فكرة المونديال وُلدت في جلسة سرية بين حمد وبلاتر

يوم 2 ديسمبر من عام 2010 والذي تم الإعلان فيه عن فوز قطر باستضافة مونديال 2022 كان يوم تتويج لعمل استمر على مدار سنوات طويلة تم خلاله عقد العديد من الصفقات وضخ مئات الملايين من الدولارات كرشى لضمان حصول قطر على ما يؤهلها من الأصوات، إذ بدأت مساعي محمد بن همام مبكراً وتقريباً من عام 2007 عندما بدأ بشراء الأصوات أولاً لصالح جوزيف سيب بلاتر وذلك كي يستمر على عرش الفيفا وهذا ما حدث فعلياً.

بعد الانتخابات بعدة أيام جمعت جلسة سرية بلاتر وبن همام مع أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، إذ أكد بلاتر خلال الجلسة بأن الثمن سيكون بأن يأتي بالمونديال إلى قطر لكن الثعلب السويسري كان يعلم تماماً أن تطلعات قطر لا تقف عند حدود الفوز باستضافة المونديال فقط، بل وكذلك الفوز بمنصب رئيس الاتحاد الدولي، ومن هنا كان بلاتر يخرج ليعلن أمام اجتماع الفيفا السنوي في أستراليا عام 2008 وبحضور أكثر من ألف شخص أن قطر واحدة من الدول التي تسعى لتقديم عرض لاستضافه كأس العالم، حيث جاء هذا الإعلان بناء على صفقة.

ويقول الصحفي البريطاني جوليبريت عن هذه الصفقة، ما حدث أن بلاتر تحدث مع أمير قطر وقال له إن استطعت جعل بن همام يتنحى وألا يتحداني على رئاسة الفيفا سأؤمن لك كأس العالم، حيث كان بلاتر يتمتع بالسلطة، وبالفعل تنحى بن همام ولم يترشح ضده في الانتخابات.

وكان بلاتر يتمتع بالسلطة لفترة غير كافية ليضمن حسم استضافة قطر لكأس العالم، ويعلق الصحفي الفرنسي جيراد إيجليس على هذا الأمر قائلاً: لو تمكن محمد بن همام من أن يصبح رئيساً للفيفا لغير معالم كرة القدم بالكامل. إذ كانت قطر ستحصل على تنظيم كأس العالم ورئاسة الاتحاد الدولي معاً.

ومن هنا حاول بن همام إقناع الأمير أن الأمر من الممكن أن ينتهي بهزيمة مدوية للملف القطري مذكراً إياه بالفشل في مساعي استضافة أولمبياد 2016 لكن الأمير بدا مصراً على المونديال حتى وأن كان شعبه غير شغوف بها، وكان يفصل ما بين إعلان بلاتر استعداد قطر لاستضافة المونديال وفوزها بتنظيم الحدث عشرون شهراً فقط.

تبادل الأصوات بين الدوحة وموسكو

على غير العادة كان الاتحاد الدولي يدمج عملية التصويب لاختيار الدولتين المنتظر أن تستضيفا نسختين متتاليتين لمونديالي 2018 و2022 اللذين فازت بهما روسيا وقطر، وهو الأمر الذي جعل هذا القرار عرضة للانتقادات والتكهنات لتتكشف لاحقاً عن وجود صفقة ما بين قطر وروسيا لشراء الأصوات تتضمن تصويت روسيا للعرض القطري في عام 2022 مقابل دعم قطر للعرض الروسي إلى جانب عقد صفقة لتعزيز العلاقات الثنائية ما بين البلدين لتوسيع التعاون في مجال الغاز، وهذا ما دلت عليه رسالة رئيس الاتحاد الروسي لكرة القدم إلى بن همام والتي أكد فيها «أنه على علم بالتفاهمات التي تم التوصل إليها وأنه سعيد بالعلاقات الطيبة التي تجري بين البلدين» بحسب نص الرسالة.

وأكد المحللون أن مجرد اختيار الدولتين اللتين ستستضيفان كأس العالم في نسختين متتاليتين دفعة واحدة هو بمثابة فساد، ويجعل الأمر عرضة لعقد الصفقات المشبوهة.

ضغوط ساركوزي غيّرت مسار التصويت

مع اقتراب موعد التصويت على استضافة كأس العالم عامي 2018 و2022 كان ضغوطات الرئيس الفرنسي ساركوزي تزداد على مواطنه ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي للتصويت لصالح قطر، مقابل صفقات اقتصادية ضخمة.

لقاء أمير قطر الجاري وولي العهد آنذاك تميم بن حمد آل ثاني في فرنسا مع الرئيس ساركوزي وهو الذي انضم إليه لاحقا بلاتيني يمثل العنوان الأهم في تلك الصفقات، إذ مارس ساركوزي ضغوطاً على بلاتيني للتصويت لصالح قطر، وكان المقابل أن تشتري قطر نادي باريس سان جيرمان وأن تؤسس شبكة رياضية جديدة بدلاً من كانال بلاس التي كان يكرهها ساركوزي وهذا بالفعل ما حدث بعد التصويت بعام، إذ اشترت قطر باريس سان جيرمان مقابل 50 مليون يورو، كما أسست قنوات بي ان سبورت واشترت حق بث الدوري الدوري الفرنسي مقابل 150 مليون يورو.

ويشير تسجيل مسرب لجوزيف بلاتر إلى تورط تميم بن حمد مع ساركوزي وبلاتيني في قضية الفساد هذه، إذ يقول بلاتر في التسجيل: «لقد تم الاتفاق بين المجموعة بأننا سنساند روسيا لأن البطولة لم يسبق تنظيمها في شرق أوروبا وبالنسبة لبطولة 2022 فستعود إلى أميركا، وبذلك تكون كأس العالم في أكبر قوتين سياسيتين في العالم.

كل شيء كان يسير بشكل جيد حتى جاء ساركوزي وفي اجتماع مع ولي عهد قطر الذي أصبح الآن حاكماً وفي غداء مع ميشيل بلاتيني قالوا للأخير بأنه من الجيد أن تفوز قطر باستضافة مونديال 2022 وهذا الأمر غير كل المسار».
المصدر: البيان