فيديو ودعابة.. ومعركة جدية!

آراء

يرفض كل إماراتي مقطع الفيديو، الذي نشره المواطن لعمال هنود، في أجواء مباراة منتخبنا الوطني مع نظيره الهندي، ضمن منافسات كأس آسيا، التي نستضيفها، ووسط ثناء في الإعلام الدولي على براعة التنظيم، وعراقة تقاليد الضيافة، ونراه سلوكاً فردياً غريباً ومستهجناً، ولا يمكن تبريره بالدعابة، غير أن كلاماً يجب أن يقال في الصدد.

أولاً: كل مواطن وعربي مقيم في الدولة، توقع إجراء رسمياً ضد ناشر الفيديو، الخميس الماضي، وكانت الثقة في مكانها تماماً، فسارع النائب العام إلى الفعل القضائي، مشدداً على أن مسلك الرجل، يعاقب عليه القانون، كما أنه لا يعبر عن قيم التسامح في الإمارات.

ثانياً: الرأي العام الإماراتي بمجمله مستاء من الفيديو، ويرفض البعد الفكاهي فيه، ولا يقيم وزناً لاعتذار الرجل نفسه في فيديو آخر، لوعي الناس بخطورة وسائل التواصل الاجتماعي، والانعكاسات السيئة للجهل باستخدامها، ولأن الأمر يتعلق بسمعة الإمارات، وهذا شأن وطني، على مستوى عال من الأهمية، فالإعلام الدولي يحتفي بنجاحاتنا، واعتدالنا، وتسامحنا، ويعتبرنا أملاً لإقليم تعصف به الأزمات.

ثالثاً: هناك إعلام معادٍ لنا في المنطقة، حيث تقود قناة «الجزيرة»، ومنصات «الإخوان المسلمين»، وفلول الإرهاب الممول إيرانياً وقطرياً، حملات مركزة ومتواصلة ضدنا، وتزداد كذباً وخيبة، كلما حققنا قفزات علمية واقتصادية وثقافية، أو أصبح جواز سفرنا الأول عالمياً، أو أظهرنا قدراتنا المبدعة في تنظيم التظاهرات الكروية الدولية، فليس سهلاً أن نستضيف بطولتين، عالمية وقارية في أقل من شهرين.

رابعاً: «الجزيرة» كانت أسرع القنوات المعادية بثّاً للفيديو السيئ، وقطعاً لن يسألها أحد عن تعتيمها التام على أي شأن يخص الجرائم القطرية، تجاه حقوق العمال، فيما لا تزال المنظمات الحقوقية الدولية منذ العام 2012، تبحث عن أسباب موت 820 عاملاً في قطر، غير تلك التي أعلنتها الدوحة، عن نوبات قلبية مفاجئة، ثم إن القناة نفسها تتعامى عن قضايا العمالة ومشروعات كأس العالم، ولذلك فإن نشر ذلك الفيديو والاحتفاء به أمر متوقع.

لأجل ذلك، وغيره، تتصدى بلادنا العزيزة بقوة القانون، وسيادته لأي سلوك يناقض قيمنا وتقاليدنا، فتدافع عن «السنع الإماراتي» ضد كل من يؤذيه، ولأجل ذلك، كنّا من أوائل دول المنطقة التي وقفت ضد شيوع ثقافة التعصب ورفض الآخر، وأصدرنا قانون «مكافحة التمييز والكراهية»، ولا تهمنا «الجزيرة» ولا البغض في عواصم الإخوان والحوثيين، ولا الاصطياد في المستنقعات.

ما يهمنا، ويجب أن يبقى حاضراً، هو شأن بلادنا، وسمعتها، وهما لا يحتاجان إلى شواهد، لكن مؤسساتنا الثقافية والإعلامية مطالبة بتبني سياسات وبرامج، للتوعية بمخاطر المحتوى الضار في وسائل النشر الجديدة، فالدعابة لها سياقات أخرى، والمعركة ضد نموذجنا، جدية جدّاً..

المصدر: الاتحاد