مانع المعيني
مانع المعيني
كاتب اماراتي

فيلم ليون..

آراء

شاهدتُ فيلم “ ليون “ في رحلتي للمملكة المتحدة في مارس ٢٠١٧، بعدما شاهدته فكّرت كثيرا بحال الأطفال الأبرياء الذين يتوهون عن أهاليهم ويعيشون كالمشردين وتنتشلهم أيادي العصابات والمجرمين وينشأون نشأة شنيعة إلا من رحم ربك قد تتبناه أسرة أو يأخذه أحد الطيبين لملجأ وينشأ فيه ويتعلم كل شيء..

قرأتُ مقالة للأستاذ “ جمال الشحي “ كتب فيه عن هذا الفيلم الرائع وتناول فيه القضية الجلية والأساسية وهي عن الطفل الذي تاه عن أخاه وأخذته الأحداث إلى أن وصل من الهند لأستراليا بعدما تبنته عائلة إسترالية وعاش معهم حتى كبر، خلال متابعتي لهذا الفيلم سألت نفسي “ هل تلك السنوات أنسته الوطن الأم؟ هل استطاع نسيان أسرته التي نشأ فيها؟ أم أن كوابيس الإشتياق كانت تلاحقه طوال الوقت حتى بدأ بالبحث عن عائلته إلى أن وجدهم ورجع إليهم “، المؤلم في الأمر أن الفيلم ليس من محض الخيال بل هي قصة حقيقية..

سأل الأستاذ “ جمال الشحي “ سؤال مهم جدا وسألته نفسي عندما أنهيت من مشاهدة الفيلم “ ماهو الوطن؟ “، هل الوطن هو الذي ولدنا فيه أم الذي تربينا على أرضه أم الذي عملنا فيه أم الذي عشنا فيه طوال هذه المدة، أجاب الطفل سارو في فيلم ليون بأن الوطن الحقيقي هو الذي ننشأ فيه مهما بعدت المسافات فعلى الرغم من مرور خمس وعشرين عام على ابتعاده عن وطنه إلا أنه في نهاية المطاف عاد إليه دون الكلل والملل في البحث عن أهله، على الرغم من أنه كان يعيش أجمل عيشة مع أسرته التي تبنته ووفرت له الحياة الكريمة ولكنه ضرب كل ذلك بعرض الحائط وعاد لقريته الصغيرة ولوالدته، وأنا أشاهد الفيلم وعندما كان يبحث عن أسرته كنت أتمنى أن تكون والدته على قيد الحياة حتى يراها ويعيد ذكريات الطفولة معها لأنها وطنه ولا يرضى لها أي بديل، ولكن بالفعل إنه سؤال محيّر أن تبحث عن معنى الوطن ولا تجد له وصف قد يرضيك أو يشبع فضولك..

إحدى رواياتي التي أكتبها في الوقت الحالي أتحدث عن فتاة والدتها عربية ووالدها أجنبي وهي تضيع بينهما وتبحث عن وطنها وتتسائل كثيرا عنه، فهي لا تعرف أين يقع موطنها الأصلي، هل أرض أجدادها التي رحلوا منها منذ وقت طويل أم وطن والدتها الذي نشأت فيه أو وطن والدتها الذي عاشت فيه وتزوجت من رجل أجنبي وعاشت معه..

قد يكون السؤال عادي جدا للكثير من الأشخاص عندما تطلب منهم تعريف الوطن ولكن إذا ما تفكرنا فيه بعمق سنجده من أصعب الأسئلة، أتمنى في أحد الأيام أجد إجابة تكفيني وأكتفي ولا أبحث عن معنى الوطن..

كل الشكر للأستاذ “ جمال الشحي “ لطرحه هذا السؤال المهم!