في سابقة صحفية: قينان الغامدي في مكاشفة مع “إخوان السعودية”!

أخبار

في مقال طويل نُشر صباح الأمس في جريدة (الشرق) السعودية بقلم رئيس تحريرها، كشف قينان الغامدي عن مخاوفه من تحركات مشبوهة في الداخل و الخارج تسعى لزعزعة إستقرار السعودية. هنا نص المقال الذي حمل عنوان: أربع «لماذات» وتنبيه لــ «إخوان الداخل» والمخدوعين فيهم ومن يوجههم ويدعمهم: هنا «وحدة وطنية وقيادة» دونهما “الحبر و…و… الدم”:

لماذا، ولماذا، ولماذا، ولماذا؟ أربع «لماذات» تواجهني يومياً، لماذا الشرق وحدها، لماذا الصحف الأخرى لا تتحدث عن قطر، ولماذا قطر «وهي دولة شقيقة، وعضو في مجلس التعاون المتجه إلى الاتحاد»، ولماذا لا تكشف «الشرق» أسرار السعودية السيئة مثل ما تفعل مع «قطر»، ولماذا لا تقدر «الشرق» أن بين الأشقاء عتاب وخصام، ولكن يجب ألّا تشارك فيه وسائل الإعلام؟ وقبل أن أبدأ في الإجابة أود أن أوضح أن الشعب القطري والحكومة القطرية هم إخواننا وأشقاؤنا وأهلنا، وليس لنا، وليس لهم، سوى هم، ونحن إذا ادلهمت الخطوب، وقسا الزمان، والقطريون هم أرحامنا، وهم جيراننا، ونحن في السعودية جيرانهم، وأرحامهم ، وأهلهم، ولكن -مع الأسف الشديد جداً- لا أرى -فيما يظهر لي- لا عتاباً ولا خصاماً خاصاً على حدود، أو قضية. الذي يظهر أمامي هو قضية وجود من عدمه، وليس قضية اختلاف أو خلاف، أشعر أن هناك من يريد زعزعة استقرار وطننا واقتلاعه من أمنه ووحدته بكل كبرنا على كل المستويات والاحتمالات والفهومات.

استمعت منذ فترة طويلة جداً «سنوات» إلى مكالمة لرئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها مع شخصية مهمة أخرى لم أتبينها، المهم أن المكالمة قد تكون غير صحيحة، وأنا ما زلت أشك في صدقيتها حتى الآن لكنني استشهد بها الآن لسببين:
الأول: أن سمو رئيس وزراء ووزير خارجية قطر لم ينفها حتى الآن، ونحن في الإعلام لدينا عرف مهني يقول إذا مرَّ على الحادثة وقت معين لا يقل عن أسبوعين دون أي تعليق، فإنها صحيحة مائة في المائة، فما بالك إذا مرت سنوات دون نفي؟ والمكالمة متوفرة على الإنترنت.

وأنتم تلاحظون تسابق المسؤولين كباراً وصغاراً على نفي ما ينسب لهم عبر الإنترنت أو توضيحه، وتأكيد أو نفي وجود حسابات لهم على تويتر أو يوتيوب أو غيرها.

الثاني: أن التحركات القطرية تترجم كثيراً النيات والأهداف التي ورد بعضها بوضوح في تلك المكالمة، خاصة ما يتعلق بالإخوان المسلمين، وضرورة دعمهم واحتوائهم في الوطن العربي وداخل السعودية؛ من أجل تجهيز زعزعة الاستقرار داخلياً، وكسب الدعم والتأييد من العواصم العربية إذا اعتلى «الإخوان» عروش الحكم فيها، وهو ما حدث واضحاً وجلياً، وبدعم قطري منقطع النظير إلى اليوم، ومن ورائه، دعم «أمريكي» واضح، والمكالمة نصّت على أن قطر تقوم بجهد لطمأنة الأمريكان، وتذويب تخوفاتهم من «الإخوان المسلمين» تمهيداً لتكريس هذه الطمأنينة لدى الغرب كله بأن زعزعة استقرار السعودية لا يضرهم.

وهذا ما يفسر جانباً من دعم «حكومة قطر» لجماعة وتنظيم الإخوان، فقد وجدت في «الحكومات الإخوانية» التي قامت، ضالتها، وتسعى إلى تمكين الإخوان من الحكم في الأردن واليمن، لتضيفهم إلى «الحكومات الإخوانية» التي دعمتها وتدعمها حتى هذه اللحظة في «مصر، وتونس، وليبيا» وحكومة السودان في يدها، ولم يبق إلاّ المغرب والجزائر، وهي -فيما أظن- قادمة إليهما، وأخشى -إن صدقت وصحت المكالمة الهاتفية- أن يكون الهدف تكوين «لوبي» عربي يدعم موقفها ورغبتها -كما ورد في المكالمة- لتقليل شأن السعودية وزعزعة استقرارها، عن طريق الذراع «الإخوانية» الجاهزة عندها، وعند «القرضاوي الفقيه، وعزمي بشارة الخبير السياسي»، وحينها تصبح «نحن هنا» التي قالها لي المسؤول الخليجي الرفيع الذي أشرت إلى حديثي معه يوم السبت الماضي، تصبح «لسنا هنا» يعني السعودية «ليست هنا»، يعني «الإخوان السعوديون» أخذوا في الحلم والتطلع إلى الحكم في بلادنا، «فهل هذا معقول ومقبول عند أي مواطن سعودي أو خليجي أو مسلم الآن وأمس وغداً وبعد غد؟.

الإخوان السعوديون» يمارسون «التقية» التي ينكرونها على بعض «الشيعة» وهم، يلتقون ويتفقون مع بعض «الشيعة» السعوديين في التقية السياسية»، هؤلاء الإخوان السعوديون «سنة وشيعة» كشفوا أوراقهم من حيث يقصدون أو لا يقصدون عبر «الفيسبوك» و «تويتر» وحتى بعض المقالات في بعض الصحف، وهم يكتبون آراءهم -وبراءة الذئب في كلماتهم- عن آرائهم ومواقفهم، واقتراحاتهم، لتدخل إيران في البحرين، أو زعزعة استقرار دول المنطقة، أو تحسين وتطهير سلوك وتطلعات وأخطاء «حكومات الإخوان» في مصر وتونس وغيرها من البلدان، أو تأييدهم لجماعات وأحزاب الإخوان في الأردن والكويت والإمارات، أو غيرهم في بلدان مختلفة، أو غمزهم ولمزهم في قيادة بلادنا وحكومة بلادنا وميزانية بلادنا، واستغلال أخطاء بعض الأمراء وتضخيمها والتشنيع بها وعليها، بهدف استثارة الناس، وتشجيعهم على الفوضى، اقرأوا هذا الذي يقول: إيران شماعة سعودية لتغطية أخطاء الداخل، والذي يقول: الإخوان «ومرسي شخصياً» تدعمهم الملائكة، وكأننا في غزوة «بدر» وآخر يقول: العلمانيون والليبراليون لا يكرهون الإخوان، ولا سياستهم ولا نجاحاتهم، هؤلاء يكرهون الإسلام نفسه، بمعنى أن كل من ينتقد سياسة حكومة «الإخوان» هو ضد الإسلام، وآخر، وثالث، ورابع، وخامس يكتب قصيدة هجاء في قناة «العربية» لأنه يشعر أن القناة لها موقف من سياسة حزب «الإخوان» وطريقة حكمهم لمصر، وهذا الأخير لا أظنه إخوانيَّ التنظيم، لكنه مخدوع بشعارات الإخوان، وأنا أستطيع أن أذكر هؤلاء الإخوانيين السعوديين بالاسم والدليل عندي، فهم سبق أن تنادوا لبعضهم لتأييد مقولة «ولاة الأمر العلماء والأمراء» وما زال بعضهم من فوق المنابر يدعو للملك وللعلماء باعتبارهم جميعاً ولاة أمر، أقول أستطيع أن أذكرهم بالاسم لكنني أتبع طريقة المصطفى -عليه أفضل الصلاة والسلام- «ما بال أقوام … إلخ» لعلهم يرعوون، ويعرفون أننا نعرفهم بالاسم، وقد رأيت بنفسي أحد الإخوان السعوديين «الشهيرين جداً» والذي خدعنا كثيراً بتلونه وتغيير مواقفه، وادعائه التنوير، وهو يتذلل بين يدي «القرضاوي» «الإخواني القطري المصري» .

أمّا أن «الشرق» لا تكشف أسرار السعودية، فهذا واجبها أولاً، حتى لو توفرت لديها معلومات، وثانياً فالسعودية لا تعمل ضد أحد في الخليج في الدول الخمس الأخرى، ولا حتى في الدول العربية الأخرى هي تفعل ما يخدم مصالحها، وهكذا كل الدول، وأنا أتحدى أي أحد أن يثبت أن السعودية -وهذا من حقها- تواجه ما هو ظاهر وواضح من أفعال تضر أمنها واستقرارها بما يماثلها، ولو فعلت السعودية لما نطقت لا أنا ولا «الشرق».

لا أنا ولا «الشرق» تريد اختلاق عدواة مع أحد، لا في الداخل ولا في الخارج، بل نريد أنقى وأجمل العلاقات مع كل الدول العربية، بغض النظر عن من يحكمها فشعوبها «أبخص»، وأريد أن تكون علاقاتنا في الداخل وطنية بامتياز مهما تنوعت المشارب والتوجهات لكنني أريد هذه الجهات التي تريد الضرر بوطننا وزعزعة استقراره، سواءً أكانت دولاً أم تنظيمات أم أفراداً أن ترعوي وتكف، فالمملكة العربية السعودية ليست كياناً هشاً و «هرماً» كما يكرر بعض هؤلاء، المملكة دولة كبرى ليس في المنطقة ولا مجلس التعاون الخليجي فقط، بل في الوطن العربي كله، وعلى مستوى العالم، وأتذكر أنني قلت لمجموعة من رؤساء التحرير الخليجيين في جلسة خاصة في إحدى القمم الخليجية التي عقدت في الدوحة، إنه يجب أن يكون للمملكة حق «الفيتو» في مجلس التعاون، وكان رأياً شخصياً آنذاك، وإلى اليوم بحكم مكانتها، ولا أدري من أبلغ سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله-، فاستدعاني «ووبخني» بطريقته الراقية الأبوية، وقال لي «يا قينان نحن شقيقة كبرى وهذا يكفي»، قلت: يا أمير لا يكفي، قال: بلى يكفي، أفهم كلامي- أنت ما زلت صغيراً «طبعاً آنذاك قبل نحو ثماني عشرة سنة» وستكبر وتفهم- والتزم به، قلت: سمعاً وطاعة، وكان الدكتور المتميز مستشار وزير الداخلية «ساعد العرابي الحارثي» حاضراً في هذا اللقاء، عندما كنت رئيساً لتحرير صحيفة البلاد.

عندما قلت ذلك آنذاك، لم يكن في ذهني لا «الكويت ولا البحرين، ولا عمان، ولا الإمارات ولا حتى قطر» فلا فرق بين السعودية وبينهم الجميع أشقاء، كان في ذهني بعض مسؤولين خليجيين بدأوا-آنذاك- التحرك والنجومية، وكان أول من أدرك ذلك، وحجّمه، الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، ولذلك كنت أريد بحق «الفيتو» هذا، إيقاف من يريد أن يكون نجما على حساب بلادنا عند حده الطبيعي، لكن هذا لم يحدث، فاستمر ذاك البعض واستمرأ التمرد على «الشقيقة الكبرى» حتى وصلت الحال إلى التآمر عليها، وهو من حيث يدري أو لا يدري، لو تأثر استقرار السعودية، فإنه وبلاده لن تأخذ أكثر من طرفة عين حتى تصبح أثراً بعد عين.

من يحاول المساس باستقرار وأمن السعودية، واهمٌ، وهو يلعب بالنار فعلاً حتى لو دعمه «الأمريكان» و»الحكومات الإخوانية الجديدة» والقادمة، فالسعودية دونها شعبها وقوتها العالمية وقيادتها، يبدو أن هناك ثيابا فضفاضة أكثر من اللازم كما قال الدكتور عبدالله مناع في مقاله يوم الأحد الماضي، وإن البعض لم يقرأ خطط الشرق الأوسط -المزعومة أو الحالمة- الجديد التي تحدث عنها الدكتور جاسر الحربش يوم الإثنين الماضي وكلا المقالين كانا هنا في «الشرق».

أمّا مجلس التعاون المتجه إلى الاتحاد، فلا يصح -ولم يحدث- أن اتحدت دول أو أقوام، وهم قلوبهم ومصالحهم شتى، «عمان» ترفض الفكرة من الأساس «وهي محقة حسب فهمها» لأنها تقول لم تنجح خطوات ولا قرارات التعاون فكيف نقفز إلى «الاتحاد» ننجح أولاً ثم نتحد، أو هكذا فهمت من أحد مسؤوليها و»السعودية» أكبر دولة وهي صاحبة الدعوة على لسان «حبيبنا» عبدالله بن عبدالعزيز ترى أن إخفاقات التعاون تدعو إلى الاتحاد لتلافي تلك الإخفاقات، فإذا اتحدنا اضطررنا للعمل الجدي ونجحنا.

وكلاهما وجهة نظر معقولة وقابلة للنقاش مع أنني -شخصياً- مع الاتحاد تماماً، لأننا في الخليج شعب واحد وإمكانيات متشابهة وأهداف واحدة، وأسلوب حياة يكاد يكون متطابقاً.

بقي أن أجيب على سؤال تقدير «الشرق» للعلاقة بين الأشقاء، والحقيقة أن «الشرق» تحترم هذه العلاقة وتقدّرها بل وتقدّسها، فلو جاء للشرق من مصادر موثقة أن هناك خلافات حقيقية بين رئيس أو أمير دولة خليجية، ورئيس وزرائه أو أحد وزرائه على حكم البلاد، أو على العلاقات الخارجية وما شابه ذلك من أخبار فإن الشرق لن تنشر حتى لو أكد لها هذه الخلافات مصدر رسمي، لأن «الشرق» يهمها استقرار وأمن دول المجلس كلها مثلما يهمها استقرار وأمن «السعودية».

لكن إذا راقبت «الشرق» دوراً معيناً في تونس وليبيا ومصر والأردن واليمن وسوريا وغيرها، ووجدت أن هذا الدور يدعم منظمات وتنظيمات وأحزاب، كلها هدفها السلطة في بلدانها، ولهذه المنظمات والتنظيمات والأحزاب امتداداتها داخل «السعودية»، وكلها خارجياً وداخلياً هدفها السلطة، ومع هذا يتم دعمهم جماعات وأفراداً، لأنهم سيصبحون « لوبي» مهما لزعزعة استقرار السعودية، فماذا تفعل «الشرق» هل تصمت، والنار عند رجليها وبين يديها؟

كثيرون قالوا لي صراحة، إن «الشرق» تثير فتنة، لكن أصحاب التهمة وغالبيتهم من «الإخوان المكشوفين والمستترين»، يتجاهلون – طبعاً- ما يجري في كل البلدان المذكورة، ويتعامون عن رسائل وتحركات «إخوان السعودية»، وأهم من هذا كله، أن أصدقاء وأحباء الشيخ يوسف القرضاوي في المملكة يتحركون ويعملون ويتواصلون، وربما يجمعون الأموال، ويحاضرون و»يتوترون» بكامل حريتهم ولا أحد يسألهم، هذا الحراك «الإخواني» من أين؟ وإلى أين؟، بينما الإمارات تنبهت واتخذت إجراءاتها وهي محقة.

ثم ان «الشرق» لا تمثل الحكومة السعودية، هي في النهاية وإن كانت صحيفة سعودية فإنها بمثابة مواطن سعودي يقول رأيه، ويعبر عن حرصه وخوفه على وطنه، سواءً كانت تخوفاته وحرصه تنسجم مع الرأي الرسمي لحكومته، أو تختلف معها، وحرية الرأي في بلادنا مكفولة شرعاً ونظاماً طالما لم تتجاوز حدود الأدب والأخلاق والانظمة ولم تمس الثوابت الوطنية، و»الشرق» فيما أعتقد لم ولن تتجاوزها وهي مثل أي صحيفة وطنية في أي مكان من الدنيا تستطيع أن تقدم غداً أو بعد غد أدلة على تحركات سعودية- إن كانت تملكها- لزعزعة أي بلد أو الاضرار بنظامه ولن تلام تلك الصحيفة، وحكومتنا يجب عليها في هذه الحال أن توضح الحقيقة.!!

أمّا إن كنت مثلي متوجساً حذراً، فإنك لن تستبعد الصورة «المتخيلة المخيفة« التي قلتها في مقالي يوم السبت الماضي، بفضل الدعم المادي والإغراءات البراقة من الخارج والفكر الإخواني الحركي ودعم القرضاوي وهي – للتذكير- : تخيّل خروج عشرة أشخاص من المدفوع لهم أو المنطلقين من أهداف وتنظيمات حركية «إخوانية» وهي موجودة هنا في المملكة بأسماء شتى لكنها جميعاً من عباءة التنظيم الأم أقول: تخيل لو خرجوا في كل مدينة – ولدينا نحو ثمانين مدينة- سعودية، مع البث المباشر للجزيرة –وأمثالها- يرفعون شعارات المطالبة بالعدل والحرية، وهي شعارات الثورات البراقة التي ما زالت حتى الآن في اللافتات ولم تترجم إلى فعل، إذا حدث هذا- لا سمح الله- هل سيصدق العالم أننا نعيش ورشة تنمية عملاقة أم سيصدق هؤلاء العشرات المرفوع صوتهم ولوحاتهم أننا في ظلم وكبت عظيمين؟، ويبدأ المخدوعون بالشعارات داخلياً وخارجياً يتقاطرون لتأييد ودعم الفوضى لا قدّر الله.

لدينا أخطاء جوهرية في بلادنا، ولدينا فساد عميق، ولدينا أفكار لإصلاحات سياسية، والإصلاح السياسي هو أبو الإصلاحات وأمها، فالإصلاح السياسي الجذري يصلح كل شيء أدنى منه، وهو إصلاح قادم لا محالة، لكن قيادتنا هي التي تفعله، وليس الراكبين على فرس الدين زوراً، وبنفس الهدوء والاتزان والرشد المعروف عن قيادتنا الحكيمة، وبالصورة التي تراعي أن لدينا استقراراً وتنمية عملاقة لا يمكن أن نفرط فيها، وما نحتاجه من تطوير وإصلاح لا نريد أن يؤثر مطلقاً على أمننا واستقرارنا ووحدتنا الوطنية، ولا يعطل تنميتنا، نريد إصلاحاً وتطويراً لا يؤثر سلبياً أبداً على ما نحن فيه من نعمة، ولهذا نحذر من هؤلاء الطامحين المندسين، ونقول بالصوت الرفيع أن هدفهم هو إفساد هذا المناخ في بلادنا، وتمكين بعض الأشرار والجهلة من زعزعة استقرار بلادنا، وهم لن يتمكنوا ولن يقبل السعوديون –مطلقاً- بغير «آل سعود» حتى لو أدى الأمر إلى أن نقول لهم بوضوح وصراحة: السعودية قبلت وحمت بعض الفاسدين المطلوبين للعدالة في بلادهم، انطلاقاً من أخلاقها في إغاثة المستجير، ولهذا فأجنحة قصور المؤتمرات السعودية جاهزة لاحتضان حتى المتآمرين على استقرارها وأمنها، لأن «السعودية». أكبر وأرفع وأكرم وأقوى من أن تعميها مشاعر الانتقام حتى ممن يحاول الإضرار بها، لكنه إذا أرعوى في اللحظة المناسبة، فهذا وطن الأخلاق والعادات والقيم العربية والإسلامية، وهو وطن دونه «الحبر» إذا فهم المقصودون، و»الدم» إن تمادوا، فليفهموا أفضل.

نحن نعرف أن لدينا بطالة، ولدينا نسبة من الفقر، ولدينا أزمة سكن، ولدينا أنظمة تحتاج إلى تطوير، ولدينا، ولدينا، لكن القيادة والحكومة تعملان على حل كل تلك المشكلات، ونحتاج فقط التسريع والانسجام مع روح العصر، وتطلعات الأجيال الشابة من الجنسين، وهذا أمر واضح ومعروف ونطالب به يومياً، ونطالب بالاستجابة السريعة له.

ومع كل ما تقدم من سلبيات ضخمة وتحديات كبيرة، فإن المواطن السعودي عليه أن يعلم، أنه ينعم بالأمن، والاستقرار والوحدة الوطنية، وينعم بوجود عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده، اللذين يسعيان إلى توفير كل ما يخدم المواطن ويعزّه، وإزالة كل ما يضايقه ويشتكي منه، وهما يعرفان أن الوصول إلى طموحاتهما يتطلب صبراً وجهداً، ويكفي أنهما يقولان ويكرران «نحن خدم لكم»، وسنفعل ما يحقق الطموح والتطلعات من تنمية وإصلاحات، وهما لا يحتاجان منك أيها المواطن –الوفي المحب- سوى أن تساعدهم بالنقد الموضوعي المنطقي، والتشجيع للإضاءات التي تقدمها وتضيئها الحكومة في «كل شارع وسكة» من الوطن، وتسخر كل جهدك وإمكاناتك للعمل الجاد لتطور وتحضر وطنك.

أيها المواطن الحبيب – أنت الآن تعرف حقوقك، وهي حقوق لازبة، لكن اعرف واجباتك، واعرف أنها واجبات لازبة، وانتبه عندك الآن مع الأمن والاستقرار والتنمية التي تراها بعينك، عندك قيادة رشيدة – متزنة- تقول لك، «أنا خادمك»، وتقول الخير الأكثر قادم، والإصلاح الأكبر قادم، فانتبه، لوطنك كله -استقراره، وحدته الوطنية، قيادته- هذه أمانة في عنقك، ولاحظ أنني لم أذكر عقيدتك، لأنني أعرف أنك مسلم بالفطرة، وتعرف أن هذا الموضوع «الإسلام» لا مجال للمتاجرة فيه، لكن هؤلاء الذين يريدون خلخلة دولتك –يريدون فعل ذلك باسم الدين فلا يخدعونك، وانظر فقط إلى مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا، وقل الحمد لله .

إن معظم إن لم يكن كل هؤلاء الذين يكتبون بأسماء مستعارة تعليقات في «النت» في مواقع الصحف وغيرها، وبعض الذين يكتبون بأسمائهم الحقيقية، ضد الوطن هم يحطبون جميعاً في حبل زعزعة الاستقرار والأمن وهز الثقة في القيادة وتفكيك الوحدة الوطنية، وهم بطبيعة الحال يمكن معرفتهم، وأنا شخصياً أسمح بنشر تعليقات في موقع الشرق وأعرف أن كاتبها يظن نفسه «جاء برأس كليب» وما درى أن نشرها هدفه أن يستخف به معلقون آخرون، وهذا يحدث كثيراً و(يستتفهون) رأيه من جهة، وهذا يحدث أيضا، فالمحبون للوطن والقيادة كثر بل هم الغالبية وتعليقاتهم وحتى نقدهم للسلبيات يدل على وعيهم، ومحبتهم لوطنهم ويأملون أن يكون أجمل، ومن جهة أخرى ننشر لطمأنة «إخواننا المسلمين» في الداخل أننا «أغبياء» ولا ندري أنهم يفعلون ذلك لأهداف سياسية ولذلك ننشر لهم حتى يظهروا أكثر، ويُظهروا المخدوعين بهم.

موقف «الشرق» من كل هؤلاء المتربصين أو الحالمين سواء من الداخل أو من الخارج، كان مهنياً أخلاقياً بحتاً، في البداية بسبب اعتبارات الأشقاء والأهل والأخوّة والمواطنة ونحوه، لكن موقفها الآن – أقصد الشرق- أصبح وطنياً بحتاً، طالما أن هناك قصداً أو عفواً أو جهلاً، من يريد أن يضر بالسعودية سواءً من الداخل أو الخارج فلن ترضى لا «الشرق» ولا أي مواطن سعودي واحد، أمّا حين تصبح المعلومات متواترة فإن على هؤلاء بصراحة أن يفهموا أن «السعودية» دولة كبرى في المنطقة وأن الإضرار بها أو التآمر عليها خط أحمر ولن يقبل به المواطنون ولا المقيمون فيها ولا حتى شعوب الخليج!.

أمّا لماذا «الشرق» وحدها، فربما أن حساسيتها الوطنية عالية، وربما جهلها بمسيرة الأحداث السياسية موجود ومتغلغل. و»الشرق» إن أحسنت أو أساءت فهي – كما قلت سابقاً- لا تمثل رأي القيادة ولا الحكومة السعودية، وإنما تمثل نفسها فقط، ثم إن معلومات «الشرق» موثقة ومن مصادر بعضها متضرر وبعضها متفرج أو مطلع، وبعضها ضالع وضليع في تنفيذ خطط اكتشف سوءها ثم ارعوى وكشفها للناس من أجل العبرة والاتعاظ.

ثم إن الفرصة متاحة لأي أحد يريد أن ينفي أو يصحح ما يشاء مما ننشره، وأقرب مثال على موضوعية «الشرق» ما نشرناه أمس من معلومات عن منظمة الكرامة. فقد اتصلت «الشرق» برئيسها ونشرنا كلامه «المسجّل لدينا» كاملاً، حتى إشاراته السلبية عن السعودية. ولو جاء رد من أي جهة حكومية أو أهلية أو من فرد فإن، «الشرق» مستعدة بل ويسعدها أن توضح وتصحح المعلومات الخاطئة.
بعض المخدوعين مازالوا يحقرون عملنا الإعلامي أمام مهنية «قناة الجزيرة» ويتهمون أو يظنون أن «الشرق» تفعل ذلك بتوجيهات رسمية، لكن أطمئنهم أن «الشرق» وغيرها من الصحف السعودية أو وسائل الإعلام الأخرى المحسوبة على السعودية مثل «قناة العربية» غير موجهة من الحكومة السعودية، بل الحقيقة أنها مغيبة تماماً، إذ إن الحكومة السعودية «وهذه مشكلة مزمنة» لا تعطيها حتى المعلومات الطبيعية التي يجب أن تحصل عليها، فما بالك بالمعلومة السرية التي يجب أن تعرفها والتي كما هو معروف فإن أي رئيس أمريكي يسر بها بنفسه لرؤساء تحرير الصحف ومديري القنوات الفضائية المؤثرة، ليوجهوا وسائلهم فيما يخدم قضايا ومصالح أمريكا العليا وتوجهاتها الدولية.

أمّا قناة «الرأي والرأي الآخر» فقد انكشفت بوضوح صارخ إنها لخدمة تنظيم «الإخوان المسلمين وما تفرع عنه»، وما سماح القناة للقرضاوي من منبرها أن يهدد بإيقاف أو تقليص المساعدات القطرية لمصر، إذا لم يتم التصويت على الدستور «الإخواني» في مصر بـ «نعم» إلّا أنموذج بسيط لدعمها للإخوان وتحيزها لهم، وأنا هنا لا أسأل عن المهنية ولا عن الموضوعية، أنا أسأل عن الصفة التي اعتبرت القناة القرضاوي عليها حين يتحدث باسم «حكومة قطر»، وهي أقصد القناة- مهنية لاشك، لكن مهنيتها التي تحتم عليها سؤاله عن الصفة التي يتحدث بها، غابت أو توارت، أو التوجيه أو التوجّه المنحاز غيبها مع الربيع –أو الخريف- العربي ولا تفسير آخر.
«الشرق» ولله الحمد والمنّة لا تتلقى من أحد تعليمات ولا توجيهات، وهي فقط تتلقى الأسئلة الأربعة المشار إليها في البداية « لماذا، ولماذا، ولماذا، ولماذا». وهي أسئلة لا نملك الإجابات النهائية عليها كلها، ولكن أستطيع أن أؤكد لكم أن «الشرق» حرة مستقلة، وهذه الحرية والاستقلالية لا نقاش عند أسرة التحرير فيها مهما كانت الظروف، والمساس بوطننا أمنه واستقراره ووحدته الوطنية وقيادته «آل سعود« التي هي الضمان الوحيد بعد الله لوحدته واستقراره ونهضته، أقول المساس بهذا الوطن هو الخط الأحمر الأقوى والأول عند «الشرق»، ولن تقبل ولن تغمض عينيها عمن يحاول ذلك سواء من الخارج أو الداخل «هنا وحدة وطنية وقيادة دونهما الحبر والدم».

المصدر:صحيفة الشرق