قرار قيادة المرأة للسيارة درس في حقوق الإنسان

آراء

استعاد مغرد في تويتر الحوارات التي قادها الإعلامي الأستاذ علي العلياني قبل سنوات قليلة مع عدد من الكتاب والمثقفين والفنانين، وكان الحوار يتضمن سؤالاً تم توجيهه للجميع: هل تؤيد حق المرأة في قيادة السيارة.

في التعليق قال صاحب التغريدة إن الجميع (ثلاثين شخصاً) أيد حق المرأة في قيادة السيارة عدا صوت واحد. ضم من يؤيد بلا تحفظ إلى من يؤيد بتحفظ. هذا يثير تساؤلاً: من طالب بوضع شروط على حق المرأة في قيادة السيارة في شوارع المملكة هل كان بالفعل يؤيد هذا الحق؟

بتأمل سريع يمكن أن نقسمهم إلى عدة أقسام، أهمها ثلاثة: يؤيد بيد أنه خائف على مكانته أو مركزه فلجأ إلى التقييد، القسم الثاني على العكس لا يؤيد ولكنه خائف أن يصنف مع المتشددين فاحتمى بالتأييد المشروط، أما الثالث فقرر أن يضع رجلاً هنا وأخرى هناك في انتظار من سينتصر.

أغلبية الناس كانت على يقين أن المرأة ستقود سيارتها في المملكة قريباً، لكن الأغلبية داخل هذه الأغلبية كانت تظن أن قرار السماح سيشفع ببعض الشروط التنظيمية أو الإرضائية، ستؤدي هذه الشروط إلى تسوية الجدل على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وضع أي شروط يعطي كل طرف نصراً جزئياً حتى وإن كانت شروطاً شكلية أو مرحلية يقصد بها جبر الخواطر.

لا يدرك كثير من هؤلاء الذي أيدوا بشروط أن أنصاف الحلول ليست حلولاً وربما تزيد الأمر سوءاً، الحق الإنساني يختلف عن أي حق آخر، لا يجزأ ولا ينتقص، أي تقييد يصيبه مهما تضاءل يعني إلغاءه وانتقاصاً من قيمة صاحبه. هذا ما أدركته قيادة هذه البلاد، فجاء القرار التاريخي بحق المرأة في قيادة السيارة حاسماً وشاملاً، يساوي بين المرأة والرجل.

السيارة أداة خطيرة، احتاجت على مر الأزمان إلى كثير من الأنظمة والقيود لكي تكون آمنة، ولكن لا تتضمن أنظمة المرور تمايزاً بين فئة وأخرى. المرأة تقود السيارة في كل بلاد العالم في ظروف مختلفة، تقود في البلاد الآمنة، وتقود في البلاد المضطربة، وفي البلاد التي يفتقد فيها الأمن، وفي البلاد التي تجتاحها الحروب. لم تعمد أي من هذه الدول إلى تقييد حق المرأة في القيادة تحت أي ذريعة، جميع من شاركوا في استفتاء الأستاذ علي العلياني يدركون هذه الحقيقة، سافروا وشاهدوها تقود في كل مكان. وضع شروط على أي حق من الحقوق الإنسانية على المرأة يعني عدم أهلية المرأة أو الجهل بمفهوم الحقوق. أرجو أن يكون القرار التاريخي الذي اتخذه خادم الحرمين درساً للحوار حول قضايا المستقبل، لا يوجد أنصاف للحلول في قضايا الإنسان، إما مع أو ضد.

المصدر: الرياض