سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

قرار لم يجرؤ على اتخاذه إلا قائد واحد..

آراء

قرار جريء جداً، لم يجرؤ على اتخاذه إلا قائد شجاع، لم يفكر فيه أحد من زعماء العالم بأسره، كما لم تمتلك أي دولة في كل أنحاء العالم الشجاعة الكافية لاتخاذ قرار مثله، خصوصاً في ظروف راهنة صعبة، ووسط مخاوف وقلق عالمي، وفي وقت ينتشر فيروس معدٍ تسبّب في ارتباك معظم الحكومات، وجعلها تترك التفكير في أي شيء آخر، وتركز جل اهتمامها في كيفية وقاية مواطنيها، وحماية بلادها من تفشي هذا المرض.

إلا قائد عربي وعالمي واحد، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لم يقتصر تفكيره على مواطني بلده، ولم يغلق أبواب الأمان والسلامة أمام أحد، تفكيره ذهب إلى أبعد من حدود الإمارات، ليس لأنه أفضل من غيره في الإمكانات والتجهيزات، بل لأنه الأكثر إنسانية ومحبة لنصرة ومساعدة البعيد والقريب، والأكثر جرأة وشجاعة من غيره عندما يتعلق الأمر بإنقاذ البشر، وتوفير الحماية والأمان للعرب أينما كانوا.

فعل ما لا يمكن أن يفعله أحد غيره، سخّر كل الإمكانات لنجدة العرب وغير العرب، من العالقين في مدينة هي بؤرة ظهور وانتشار فيروس «كورونا» الذي أرهب العالم، لم يرهبه الفيروس ولم يخشَ مما كان يخشاه غيره، فاتخذ قراراً في منتهى الجرأة والشجاعة، بإجلاء 215 شخصاً من «بؤرة كورونا»، ليس من بينهم مواطن إماراتي واحد، ومع ذلك فهو يشعر بأن العرب جميعهم إخوانه، وإنسانية الإنسان مهما كانت جنسيته هي الرابط الذي يحرك كل مشاعره وقراراته، فوضع جل تفكيره في تقديم الدعم والعون والمساعدة لجميع العالقين هناك في هذا الظرف الصعب المعقد.

الأمر ليس سهلاً، بل هو أمر بالغ التعقيد، ولكن لا صعب ولا مستحيل عندما يكون محمد بن زايد وراء القرار، أرسل لهم طائرة مجهزة ومزودة بخدمات طبية متكاملة لعملية الإجلاء، وأنشأت الإمارات «مدينة إنسانية» كاملة المرافق، في فترة زمنية قياسية، تضم كل المستلزمات والمنشآت والتجهيزات الضرورية، لإجراء الفحوص الطبية اللازمة لرعايا الدول الشقيقة والصديقة الذين تم إجلاؤهم، وذلك للتأكد من سلامتهم لمدة لا تقل عن 14 يوماً، وخلال هذه الفترة تتوافر لهم جميعاً منظومة رعاية صحية متكاملة طوال فترة الحجر، بما يتوافق مع منظمة الصحة العالمية، إلى حين التأكد من سلامتهم، وبعد ذلك كله سيعيد كل شخص منهم سليماً معافى إلى بلده، فهل هناك إنسانية أكثر من ذلك، وهل هناك مروءة وشجاعة وجرأة أكثر من ذلك، وهل هناك قلب طيب محب للخير والسلام والإنسان أكبر من قلب محمد بن زايد!

ليتهم يفعلون مثقال ذرة مما يفعل، وليتهم يملكون ذرة من أخلاقه وطيبته وشجاعته، وليتهم يهتمون ببناء الإنسان وتوفير الأمن والأمان والاستقرار له، بدلاً من اهتمامهم بتدمير الأوطان وتشتيت الإنسان، ليتهم يعرفون حق المعرفة من هو محمد بن زايد آل نهيان، فهو سماء لن تصلها أيديهم الملوثة!

المصدر: الإمارات اليوم