كبار السن.. الثروة والحكمة

آراء

يمكن تعريف الثروة الوطنية لأي دولة بأنها مجموع القوى المنتجة في هذه الدولة، ولاشك أن العنصر البشري هو أحد أهم عناصر تلك الثروة. الكثير من المجتمعات تعطي أولوية وتركيز على الشباب، وذلك أمر طبيعي وفي غاية الأهمية، لكن أيضاً هناك دور لا يقل أهمية عن دور الشباب ألا وهو دور كبار السن ومن تقاعدوا، حيث إن الكثير من هؤلاء مازالت لديهم الطاقة والرغبة الحقيقية في العمل، وإضافة قيمة لمجتمعاتهم ولمن حولهم. قلّما توجد برامج على مستوى شامل لدمج كبار السن في المجتمع، والاستفادة من خبراتهم وحكمتهم في تعليم الشباب وتوجيههم، بل للأسف ينظر أحياناً لكبار السن على أنهم من زمن آخر، وأنهم لن يستوعبوا مقتضيات ولغة هذا العصر، ولكن هذه الصورة الذهنية مغلوطة وغير دقيقة. في بعض الدول الأوروبية حالياً يتم عمل برامج على مختلف المستويات، وبالتعاون مع العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية والأكاديمية، لدمج المتقاعدين والاستفادة من خبراتهم، هذه البرامج تهدف لإيجاد سبل تسهل الاستفادة بطريقة عملية من خبرة هذه الفئة من المجتمع، كما يتم إعدادهم للعمل كموجهين Mentors لتدريب المديرين الجدد وشريحة الشباب ونقل الخبرات لهم، ولا يقتصر الأمر على جانب العمل فقط، بل يتم منحهم الكثير من التسهيلات حتى يستطيعوا الاستمتاع بحياتهم، فيتم مثلاً منحهم خصومات خاصة في وسائل المواصلات، وكذلك بطاقات خصم للتسوق والمقاهي والمطاعم، وبالطبع يتم من الناحية العملية تسهيل تنقلاتهم من حيث تجهيز الطرق والممرات بحيث تستوعبهم في حال وجود صعوبات في الحركة أو استخدام وسائل تحرك مساعدة، مثل الكراسي المتحركة وما شابه، كما يتم تقديم الخدمات الحكومية لهم في أماكن إقامتهم توقيراً واحتراماً لهم.

• «احترام الكبير ليس مجرّد شعارات ونيات حسنة، بل يحتاج إلى سياسات وإجراءات وبرامج عملية تترجمه إلى أفعال».

إن احترام الكبير وتوقيره ليس مجرد شعارات ونيات حسنة، بل يحتاج إلى سياسات وإجراءات وبرامج عملية تترجم هذا الاحترام والتوقير إلى أفعال ونتائج ملموسة على الأرض، فكبار السن في الكثير من الأحيان يجدون صعوبة في التكيف مع الواقع، خصوصاً من أصابه ضعف الذاكرة أو تدهورت حالته الصحية، ولذلك فإنهم بحاجة إلى رعاية خاصة وتفهم الجانب النفسي لهم بشكل جيد. هناك الكثير من الجامعات التي تقدم برامج أكاديمية تقترن بالجانب العملي لتأهيل الخريجين على التعامل مع كبار السن، كما تقوم الكثير من الجامعات الأهلية بتنسيق أنشطة اجتماعية لهم بصفة مستمرة من خلال الجيران والأصدقاء، حتى لا يشعروا بالوحدة. وختاماً فلنتذكر دائماً قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا».

المصدر: الإمارات اليوم