.. كن أنت من يأخذ بيدهم ..

آراء

خاص لـ هات بوست:

يتحدث الكثيرون عن أنواع المديرين وأساليب الإدارة، إلا أنني لم أقرأ كثيراً عن القادة الذين يلتفتون إلى أحد الموظفين الإداريين ويسعون لتشجيعهم من خلال منحهم الثقة وإعطائهم مهام إضافية بهدف تشجيعهم على التعلم وتطوير الذات وليس بهدف إنجاز المهام المتراكمة والمتأخرة.

وهنا لي وقفة مع قصة إحدى الزميلات عندما بدأت حياتها المهنية الـ20 من عمرها، كموظفة استقبال في إحدى الشركات، وبرغم مسؤوليات العمل في هذا العمر الصغير، إلا أنها كانت تتحمل مسؤولية والدتها وإخوتها الصغار أيضاً، وفي وقت لاحق استكملت دراستها الجامعية حتى أنهتها بالرغم من ساعات العمل الطويلة في الشركة التي تمتد من 8:00 صباحاً إلى 5:00 عصراً، وبعد أن تنهي ساعات العمل الرسمية، تتوجه إلى الجامعة، وهكذا، حتى نالت شهادة البكالوريوس من جامعة مرموقة.

كانت الموظفة تبذل جهداً إضافياً ملحوظاً، وبتفانيها في العمل كسبت ثقة قائد الشركة الذي رأى فيها الالتزام والصدق والإخلاص فقدم لها الدعم.. كترشيحها للدورات التدريبية، وحضور مؤتمرات محلية ودولية، إضافة إلى تجربة العمل في أقسام مختلفة في الشركة، وتدرجت الموظفة في المناصب، واليوم وبعد مرور 10 أعوام في الشركة نفسها أصبحت مدير قسم الشركاء الاستراتيجيين.

لم تكن هذه الموظفة لتحصل على أية ترقية ما لم يكن قائد الشركة ذو رؤية ثاقبة، فقد منحها فرصاً عدة، ومنها تغطية الشركة لتكلفة الدراسة الجامعية، وبدورها كانت في كل مرة تثبت أنها على قدر هذه الثقة وأكثر.

من القصص المؤثرة أيضاً، عندما سمح أحد المديرين الاستثنائيين بتعيين سيدة كمتدربة لمدة شهرين لمنحها فرصة لتجربة قدرتها على العمل في جهة حكومية بعد أن ضاقت بها السبل للحصول على وظيفة عقب تخرجها وبقائها في المنزل لمدة 7 سنوات، حيث قالت له في مقابلة العمل: “أستاذي، كل ما أعرفه أنني تخرجت من الثانوية العامة ومن الجامعة بامتياز، وكنت شغوفة بالعلم، والآن بعد 7 سنوات من مكوثي في المنزل نسيت كل ما تعلمته، ولكني سريعة التعلم، وأتوق لتحقيق حلمي وطموحي لأكون امرأة عاملة وناجحة، أنا فقط أبحث عن من يأخذ بيدي ويجرب أداءي فترة في جهة العمل”. وكان لها ذلك، فأخذ بيدها ومنحها فرصة، واليوم هي امرأة مستقلة وناجحة وملهمة في المجتمع.

فلم لا تكون أنت مثل هذا القائد الذي يمنح فرصة العمل للذين يحتاجون إليها ويكونوا أهلاً لهذه الفرص.. لما لا تكون أنت من يأخذ بيد “فلان” و”فلانة” فيضعهم على الطريق الصحيح في مسيرتهم المهنية، وحينئذٍ لن ينسوا فضلك أبداً، واعلم أن الشخص الذي يصقل المادة الخام ويخرج منها جوهرة نفيسة، ليس كالشخص العادي الذي يعتمد على الكوادر الجاهزة.

كم من قائد لديه صلاحيات التعيين ويأخذ بعين الاعتبار الجانب الإنساني أحياناً؟ فليست كل وظيفة بحاجة إلى تعيين الأكثر خبرة وكفاءة، هناك وظائف تتحمل تعيين من هم أقل خبرة، ومن ثم منحهم فرصة للتعلم والتطور ليكونوا أكثر كفاءة مستقبلاً.. هل فكرت كم موظف نمت مهاراته ونضج وهو تحت قيادتك؟ إن ذلك يعني الكثير.. نجاحك كقائد يتضح عندما تحصد نتيجة دعمك وتوجيهك للموظفين، خصوصاً من هم في بداية مسيرتهم المهنية، والذين بحاجة إلى التشجيع والدعم.

وكثيرون يتساءلون عن ولاء بعض الموظفين لقاداتهم بشكل لافت وعن كيفية خلق هذا الولاء، إن تعيين الفئة التي تحدثنا عنها أو تقديم الدعم بهدف التشجيع والتعلم مع الحفاظ على أسس القيادة والإدارة الرئيسية التي لا تخفى عليكم هي أحد أهم أسباب الولاء.. فما تزرعه اليوم ستحصده غداً.

هي رسالة أبعث بها للقادة وكل من في يدهم فرصة التوظيف.. لا تنسوا الجانب الإنساني وجانب الدعم، قد تكون في موقف الاختيار بين موظف ذي خبرة وكفاءة ولكنه على رأس عمله ومستقر مادياً، وبين إداري خبرته بسيطة ولا يعمل حالياً وبحاجة إلى وظيفة، ومستعد أن يبذل قصارى جهده ليكون عند حسن الظن به. اسعى لترك ذلك الأثر الإيجابي الذي لا ينسى عند الموظف، ولا تستصغر أصحاب المهام الإدارية بل ادعمهم ليتعلموا ويكبروا وليعيدوا ترك الأثر نفسه في المستقبل.

فكل التحية والاحترام للقادة الذي كانوا سبباً في نجاح غيرهم وصقل مهارات موظفين بدأوا فعلياً من الصفر.