عائشة الجناحي
عائشة الجناحي
كاتبة إماراتية

لا توفيه الكلمات حقه

آراء

اثنا عشر عاماً انقضت على رحيله، طيب الله ثراه، ولاتزال القلوب تنبض وتحيا بحب زايد فمثله لا يُنسى فلقد أحب الناس وأعطاهم كل ما يحتاجون إليه، فأسس دولة وبنى شعباً وحضارة لأنه يؤمن بأن الاستثمار في الإنسان هو الأنفع والأجدر للبلدان لكي يكون لها الحضور القوي والمكانة المتميزة بين الشعوب.

سألني أحدهم ذات يوم «أعرف أن الشيخ زايد عظيم في قلوب أبناء دولة الإمارات ولكن لماذا كل العالم يحبه؟» فقلت له «الشيخ زايد طيب الله ثراه لم يكن مجرد قائد لدولة الإمارات فحسب وإنما أباً عظيماً للجميع فلقد أفاض حنانه ليشمل جميع سكان الإمارات دون تفرقة، وامتد عطاؤه ومواقفه الإنسانية إلى كافة بقاع الأرض تعبيراً عن وحدة المصير الإنساني في كل مكان. فالراحل الكبير بذل الجهد من أجل رفعة هذا الوطن الغالي وازدهاره فهو ينظر إلى أفراد شعب دولة الإمارات والدول العربية الشقيقة كأسرة واحدة لذلك لا تختلف علاقته بهم باختلاف الأماكن فجميعهم في دائرة اهتماماته.

فعاد يسألني «أعرف أن الشيخ زايد رحمه الله لديه مواقف كثيرة تشهد أنه رمز للتسامح والمودة، هل تخبرينني إحدى هذه المواقف»، فتذكرت أنني قرأت قصته التي حدثت في أحد أيام رمضان مع الرجل الذي كان يغسل كيس التمر، فسردت له هذا الموقف.

في أحد أيام رمضان شعر المغفور له بإذن الله بالعطش بسبب الحر الشديد في رحلته الشاقة على ظهر حصانه التي بدأت منذ مطلع الفجر ولكنه ظل يقاوم الإفطار، واتجه إلى أحد الأفلاج في منطقة العين ليسبح في الماء لعله يتغلب على الحر، ولكن سرعان ما وجد رجلاً يغسل كيس التمر في الماء فدعاه سموه أن يتوقف عن غسل الكيس حتى لا يتلوث الماء ويعكر عليه الاستحمام. ولكن رفض الرجل طلبه ثم قال «ومن أنت حتى ألبي طلبك»، فأجابه «إنسان مثلك» ولكنه لم يكف واستمر في عناده وتلفظ بكلمات غير لائقة ولكن لم ينفعل الشيخ زايد بل تحلى بالصبر، وأخيراً قال له «هل أنت قوي؟» فجاوبه «نعم قوي وأستطيع أن أرميك رمية واحدة» فقال له سموه «تهددني رغم أنك أعزل وأنا مسلح»، فأجابه «لو كان عندي سلاح مثلك لما تركتك» فابتسم الشيخ زايد، وسرعان ما توجه إليه مجموعة من الرجال لتحييه تحية إجلال فعرف الرجل بأنه الشيخ زايد فأقبل عليه يعتذر ولم يغضب سموه بل صافحه وأخذ يتعرف على أحواله. كيف لا نحب هذا الوالد القائد.

في القلب زايد حي ما مات، إلى الأبد بيعيش قايد، ذكراه في قلب الإمارات، تنبض وتهتف باسم زايد، أكتب يا تاريخ بأحرف من ذهب شهادة جيل بأنه سيبقى قائداً ومؤسساً عظيماً في نفوس أبنائه، زايد الخير.

المصدر: البيان