لا حل.. إلا بترشيد الاستهلاك

آراء

نعم، التضخم مرتفع بل مرتفع جداً، والمشكلة باتت عالمية وتنذر بالخطر في كثير من الدول حتى الغربية منها التي تمتلك اقتصادات قوية.

أمر طبيعي أن يحدث ما حدث، لماذا؟

أولاً، لأن سلاسل التوريد تأثرت بشدة على مدار عامين بسبب «كورونا» وتضرر العمليات الإنتاجية والتوزيع، وهو أمر ما زال قائماً في بعض الدول بما فيها الصين.

ثانياً، لأن الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة وتتجه نحو شهرها الثالث، وقد أدت إلى تعطيل تصدير المواد الخام والمنتجات الزراعية.

ثالثاً، لأن أسعار النفط في تصاعد مع تجاوز البرميل المئة دولار، ما يعني انعكاس ذلك على تكلفة إنتاج السلع ونقلها في العالم.

هذا حال العالم مع التضخم من شرقه إلى غربه وشماله وجنوبه، وهو أمر طبيعي لم يسلم منه أحد.

في الإمارات زاد التضخم عندنا، وبدأ الجميع يتلمسون في كافة تفاصيل الحياة، سواء في النقل أو المواد الخام أو في السلع الاستهلاكية والمعمرة.

كما أوردنا، فهذه الارتفاعات طبيعية بسبب العوامل الثلاثة السابقة، ولا يمكن تفاديها في الإمارات أو أي دولة مهما فعلت الحكومة؛ لأننا سندخل في موضوع «تشويه» الاقتصاد عبر الدعم، وهذا لن يتم؛ لأن أخطار مثل هذه الخطوة أكثر من فوائدها.

مساران يمكن لنا التقليل وليس تفادي التضخم في أسواقنا المحلية عبرهما، الأول بيد الحكومة بتعزيز آليات الرقابة على الأسواق من قبل الدوائر المحلية والاتحادية المعنية بحماية المستهلك، أي بحماية الاقتصاد؛ لأن المستهلك هو الاقتصاد بعينه ولا يمكن فصلهما، وهذا المسار محدود التأثير؛ لأنه لا يمكن لأحد إجبار المورّد على بيع المنتج بخسارة.

المسار الثاني، وهو الأهم، يتعلق بترشيد الاستهلاك – رغم سلبيته على النمو – فهذا الترشيد سيحد من التضخم؛ لأنه سيقلص الطلب، وبالتالي يضغط على الأسعار وعلى ربحية المنتج والمورد. فمثلاً، بدل أن تغير سيارتك كل أربع سنوات استبدلها كل خمس أو ست سنوات، ما يعني أن الطلب على السيارات سيقل 20 إلى 30 في المئة سنوياً، هذا الأمر ينطبق على كافة مناحي الاستهلاك، فلا داعي مثلاً لاستخدام سيارتك بشكل متواصل، تنقّلْ مع زميل آخر للوصول إلى عملك، ولا حاجة للخروج إلى المطعم أربع مرات في الشهر، اجعله ثلاث مرات، أو للسفر إلى الخارج لمدة شهر، فليكنْ لثلاثة أسابيع، أو لشراء تذاكر درجة رجال أعمال فيمكن الطيران بالدرجة الاقتصادية.. وهكذا.

مفتاح الباب الأساسي للتضخم هو بيد المستهلك، أما مفاتيح الأبواب الأخرى فهي بيد الحكومة والمنتجين والمورّدين وغيرهم.. إنها مرحلة وتحتاج إلى تضافر الجهود لعبورها.

المصدر: الخليج