سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

لا نريد «أصحاب سوابق» بيننا!

آراء

جريمة بشعة للغاية، لم تشهدها الدولة منذ سنوات، تخلى فيها المجرم عن الصفات الإنسانية كافة، وضرب مثلاً مؤلماً للبشاعة وقسوة القلب والانحطاط، والضحية طفل في عامه التاسع، بالتأكيد لم يعرف بأي ذنب أُزهقت روحه، وانقطعت أنفاسه خنقاً!

بالتأكيد هناك مئات التساؤلات، وكثير من علامات الاستغراب والتعجب، ربما لا يستطيع أعتى المجرمين، وأكفأ أطباء علم النفس الإجابة عنها، فما حدث لا يستوعبه عقل بشري، لكن دعونا من هذا كله، ولنركز في سؤال واحد بسيط جداً: ماذا يفعل «صاحب سوابق» في البلد؟!

طالبت، في مقال سابق، بإبعاد جميع من يتورطون في قضايا جنائية، فهؤلاء «مجرمون محتملون» في أي لحظة، عندها عارض ذلك كثير من القانونيين والمحامين، وقالوا: لا يوجد في القانون تعريف يحمل اسم «مجرم محتمل»، أُجيب هُنا بالتأكيد لا يوجد، لكن هناك دلالات ومؤشرات غير قائمة على النيات، بقدر ما هي قائمة على أفعال إجرامية سابقة، لذا وجدنا اليوم مصطلحاً قانونياً، هو «صاحب سوابق»!

من يطعن صديقه بقصد القتل لخلاف على عشرين درهماً، لاشك في أن لديه الاستعداد لتقطيعه إرباً في المرة المقبلة، لو زاد مبلغ الخلاف إلى ألف درهم، ومن حاول اغتصاب امرأة وفشل، لأسباب خارجة عن إرادته، لاشك في أنه سيغتصبها في المرة المقبلة إن توافرت الظروف المناسبة، وهكذا الفعل الإجرامي السابق لاشك في أنه يقود إلى فعل إجرامي أخطر في المرات المقبلة، فهل ننتظر حتى تقع الكوارث، أم أن الإبعاد هو الحل المثالي لكل من ينتهك قوانين الدولة، ويعرض حياة الآخرين للخطر، أليس في ذلك حماية للمجتمع وأفراده؟!

القضية المأساوية البشعة التي آلمتنا جميعاً، وأفجعتنا جميعاً، وتأثر بها كل من عرف تفاصيلها، صغيراً كان أم كبيراً، أليس أحد أهم أسبابها هو بقاء ذلك المجرم «صاحب السوابق» في البلد، رغم سوابقه الإجرامية، بالتأكيد الجرائم السابقة هي أقل ضرراً من جريمته البشعة في حق الطفل «عبيدة»، لكنْ بقاؤه مع وجود النية الإجرامية المزروعة فيه، وفقاً لأفعاله السابقة، جعلنا نفجع بجريمة نكراء، كان ذلك المجرم بطلها الذي بقي حُراً طليقاً، يفكر ويخطط وينتظر اللحظة الحاسمة للتنفيذ، والنتيجة كانت جريمة بحجم كارثة مجتمعية!

ارحمونا من المثاليات القانونية، واتركوا حقوق الإنسان جانباً، فلن يقترب منها أحد إذا كان ذلك الإنسان ملتزماً بقوانين الدولة، ولا يشكل أي خطر أو تهديد للمجتمع وأفراده، فالإمارات دولة قانون، وقبل ذلك هي دولة رحيمة بالإنسان، تفتح أبوابها لكل من يريد الكسب الحلال، والعيش بأمان، أما أولئك «المجرمون المحتملون» أصحاب السوابق العدائية، فإنهم غير مرحب بهم هُنا، وإبعادهم بعد أول دليل على قسوة قلوبهم، هو الحل الأمثل لحماية الدولة والمقيمين فيها من شرورهم، ودوافعهم وأفعالهم الإجرامية.

المصدر: الإمارات اليوم