منى بوسمره
منى بوسمره
رئيسة تحرير صحيفة الإمارات اليوم

لماذا «بُنيان الخير»؟

آراء

«بنيان الخير»، هو اسم المبادرة الجديدة التي نطلقها في «الإمارات اليوم»، ابتداءً من اليوم وإلى أن تحقق هدفها، بالتعاون والشراكة مع كل من مؤسسة الأوقاف وإدارة أموال القصّر بدبي، ومؤسسة محمد بن راشد للإسكان. هدف هذه المبادرة هو جمع 35 مليون درهم، لبناء 22 مبنى وقفياً لمصلحة المواطنين ذوي الدخل المحدود والأسر المتعفّفة. فمن هم المستفيدون من هذه المبادرة؟ وهل نحتاج إلى مبادرات من هذا النوع لتأمين احتياجات ذوي الدخل المحدود؟

بداية، فإن ملف الإسكان، كما هو معروف للجميع، يعد أولوية كبرى لدى القيادة الرشيدة في إمارة دبي، ويحظى هذا الملف باهتمام خاص من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي وجه منذ أيام فقط، بالبدء الفوري بتخصيص 8500 وحدة سكنية للمواطنين في منطقة اليلايس الخامسة، بمساحة 120 مليون قدم مربعة، كما يحظى بمتابعة حثيثة من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، الذي أطلق منذ أشهر خطة إسكانية متكاملة، لتوفير 15 ألفاً و800 مسكن للمواطنين في دبي خلال السنوات الأربع المقبلة. ونتذكر حينها تأكيد سموه بأن «ملف إسكان المواطنين يشرف عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وأتابعه بنفسي مع أخي الشيخ مكتوم».

مبادرة «بنيان الخير» لا تستهدف من تنطبق عليهم شروط المساعدة السكنية وفقاً للقانون في إمارة دبي، فهؤلاء والحمد لله، محل رعاية كبيرة من القيادة، لكنها تستهدف المواطنين ذوي الدخل المحدود والأسر المتعفّفة، والحالات الإنسانية التي لا تنطبق عليها اشتراطات الخدمة الإسكانية. فالقانون على اتساعه وشموله العديد من الشرائح، إلا أن بعض الحالات لا تقع ضمن المستفيدين لظروف استثنائية خاصة بها، ومن هنا جاءت هذه المبادرة لتأمين مصدر دخل دائم لهم، يقيهم شرور العوز وضيق ذات اليد.

هناك عناصر مهمة جديرة بالاهتمام في هذه المبادرة، لعل أولها وأهمها هو أنها تفتح الباب لتجسيد مفهوم الشراكة المجتمعية، والمسؤولية التضامنية من جميع شرائح المجتمع. فالدولة في نهاية الأمر قادرة على تقديم يد العون لكل من يحتاج المساعدة، وخيرها وصل إلى كل أصقاع الأرض، غير أن ترسيخ ثقافة المسؤولية المجتمعية وقيم التضامن والتعاضد هدفٌ سامٍ بحد ذاته، لأنه يفتح أبواب تقديم العون أمام الجميع، ومثل هذه المبادرة تشكل فرصة مواتية لكل من يبتغي الخير، بحيث يكون المتبرع مطمئناً إلى أن من يصله هذا الدعم هو من المستحقين فعلاً، وممن دُرست ملفاتهم جيداً عبر جهد حكومي منظم وواضح وشفاف.

وثاني العناصر المهمة في المبادرة هو تكاملية الجهات المنفذة لها، سواء من قبل «الأوقاف» التي لا تألو جهداً في استكشاف جميع الفرص المحتملة لتنفيذ المشروعات الخيرية المشتركة للتيسير على الأسر محدودة الدخل بالإسهام في دفع المبالغ المستحقة والرسوم المتأخرة عن المتعثرين. أو من قبل مؤسسة «الإسكان» المؤسسة المسؤولة عن هذا الملف الضخم والحيوي في الإمارة، والتي تقدم خدماتها لكل فئات وشرائح المجتمع، من منطلق رؤية المؤسسة في تأمين خدمات إسكانية رائدة ومستدامة، وعلى قاعدة البناء الحضاري الذي يضمن الاستقرار الأسري والمجتمعي من خلال السكن الملائم، أو من قبل «الإمارات اليوم» التي تدخل بجهدها الصحافي وتأثيرها في المشهد الإعلامي في دولة الإمارات، وخبرتها المتراكمة في إدارة حملات كبرى من هذا النوع.

لاشك في أن «بنيان الخير» سيكون لها دورها المقدّر بعد نجاح مهمتها بتعاون جميع المعنيين، لاسيما المتبرعون والراغبون في الإسهام في هذا الجهد الخيري الكبير، إذ ستسهم في الارتقاء بحياة عدد من المواطنين، وتعزز استقرارهم الاجتماعي، من خلال تشييد مبانٍ وقفية يُستفاد من ريعها في سداد المستحقات الإسكانية للغارمين والمتعثرين في قضايا مالية إسكانية، وتوفير الدعم المالي للحالات الإنسانية التي لا تنطبق عليها شروط وضوابط الاستحقاق في مؤسسة «محمد بن راشد» للإسكان.

بالنسبة لنا في «الإمارات اليوم» فإننا ماضون في النهج ذاته الذي بدأناه منذ سنوات طويلة بتنفيذ المبادرات المجتمعية والإنسانية على مدار العام، إيماناً منا بأن دورنا لا يقتصر على نقل مشكلات وهموم وآمال مختلف شرائح المجتمع فحسب، بل الإسهام في حلها أيضاً، لاسيما مع وجود «الخط الساخن» النافذة الإنسانية التي تواصل عملها منذ 13 عاماً في الإنصات لمشكلات قرّاء الصحيفة، والبحث عن حلول لها. وجهد هذه النافذة الإنسانية أثمر تقديم نحو 380 مليون درهم، استفاد منها أكثر من 6100 شخص.

وأخيراً، فهذه دعوة للقطاع الخاص ورجال الأعمال وأهل الخير لدعم مثل هذه المبادرات التي تصب في المصلحة العامة، ونحن على ثقة بأن الراغبين في الخير في مجتمعنا كثر، وينتظرون فقط فتح الأبواب أمامهم عبر مثل هذه المبادرات الإنسانية الجليلة ذات الأثر الكبير في حياة المستفيدين منها.

المصدر: البيان