عبد الله الشمري
عبد الله الشمري
عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية

مؤتمرات الربيع العربي بين طهران وأنقرة

آراء

«تعتبر ثورات الشعوب العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نقطةَ تحوّل مفصلية في التاريخ الحديث، حيث أسفرت مطالب الجماهير العربية بالعدالة والحرية والعيش بكرامة إلى فتح صفحة جديدة في تاريخ العالم العربي وظهور ديناميكيّات وفرص ومخاطر جديدة».

كانت هذه ديباجة الإعلان عن «المؤتمر الدولي للصحوة العربية والسلام في الشرق الأوسط: وجهات نظر إسلامية ومسيحية»، والذي اُفتتح صباح الجمعة الماضية بحضور رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان و وزير الخارجية التركي، وبمشاركة نخبةٍ من السياسيين والزعماء الدينيين والخبراء من الدول العربية والشرق الأوسط ،ومنهم الرئيس اللبناني الاسبق أمين الجميِّل والشيخ / راشد الغنوشي ورئيس المجلس الوطني السوري عبدالباسط سيدا.

ورغم أن ظاهر المؤتمر عِلمي واكاديمي وهدفه مناقشة «المشاكل الدينية والاجتماعية والاقتصادية العربية « في دولِهِ غير العربية  إلّا ان الحضور السياسي الضخم مــن الدولة الراعية والانتقائية في اســماء المدعوين وتغييب دول عربية وإسلامية كبرى يطرح علامات استفهـــام كبيرة وعديــــدة حـــول المؤتمر «المغلق» وأهدافه غير الواضحة ،خاصة في ظل التشدّد الواضح في أن تكون الجلسات مغلقة !.

وقبل عامٍ تقريباً وفي ظروف مشابهة وأسماء متشابهة عقد «المؤتمر الدولي الأول للصحوة الإسلامية» في العاصمة الإيرانية طهران وبرعاية ومشاركة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد /علي الخامنئي، وحضور رؤساء السلطات الثلاث وبمشاركة المئات من العلماء والمفكرين من 80 بلدا. وجاء المؤتمر حسب كلام منظميه « في وقته و كان خطوةً موفّقةً لخدمة الإسلام والمستضعفين وقوى الخير والحرية والعدالة في العالم أجمع, وكان موضوع المؤتمر جديراً بالتأمل، حيث إن الصحوة الإسلامية اليوم هي نتيجة لجهاد وجهود السنين لعلماء الأمة وحركاتها وفعالياتها الدعوية والسياسية ، فالثورات التي تندلع والانتفاضات التي تقوم اليوم ثمرة وعي الشعوب.

ورغم مثالية الاسمين اللذين حملهما المؤتمرين، إلّا أن طغيان الخِطاب العاطفي والتشنُّجي و«شتم الآخر ، والذي يشجع على القتل وسفك الدماء والتكفير والاقصاء، جعل الكثير يتساءل عن من هو هذا الآخر «المجهول»؟ وفي أجواء تذكِّرنا بالخطاب الاقصائي ،والذي سيطر على الوضع الإقليمي في الستينات والسبعينات، وفي كلا المؤتمرَين أُعطيت الوعود بدعم الشعوب الثائرة ضد الظلم والاستكبار دون تحديد آلية واضحةٍ لهذا الدّعم والهدف منه !

ما يميّز المؤتمرين ظهور العرب بمظهر التابع للإقليم  و «تغييب» الخليجيين واستقطاب اكبر قدرٍ من المتحمِّسين للشتم وتحميل الآخر كلّ المشاكل «الموجودة وغير الموجودة» في الشرق الأوسط . أخيراً ما يقلِق أيّ متابعٍ سياسيّ هو أن تتحوّل «دول إقليميّة ما « إلى ممارسة دورٍ تحريضي ،وربّما توريطي لتحقيق اهدافها دون أدنى تفكير !

المصدر: جريدة اليوم