ماذا تريد إيران؟

آراء

لم أؤمن بنظرية المؤامرة لأسباب كثيرة أهمها أن الصراع السياسي لعب على المكشوف، لا تستطيع أي دولة في العالم أن تخفي أهدافها، المصالح ثم المنطق يرسمان حدود الطموح والعمل، ثم تأتي البروباغندا المضادة وتشوش على العامة أبسط الحقائق، تخلق أهدافاً وقصصاً وهمية تدفع الذهن بعيداً عن الصراع الحقيقي، رغم تعقيد القضية السورية لا يمكن لأي إنسان عاقل أن تغيب عنه أهداف كل الدول المشاركة في الصراع.

منذ أن استولى رجال الدين على السلطة في طهران رفعوا شعار محاربة الاستكبار العالمي، المقصود بهذا الاستكبار سلطة أميركا وإسرائيل، الشعار نفسه الذي كان يستخدمه الاتحاد السوفييتي في دعاياته، ولكن تحت مصطلح الإمبريالية، كلاهما يهدف إلى تخليص الشعوب المستضعفة من الاستغلال والإذلال.

شعار عالمي يسمح لصاحبه بالتوسع ما شاءت له مصالحه من توسع، يقوم هذا الشعار على استغلال حالة عداء قائمة كما هي الحال مع إسرائيل أو صناعة عداء كما هي الحال مع أميركا، فالشعوب المستهدفة يفترض أنها تنتظر المدد. دخلت إيران لبنان كمحرر، بعيداً عن تحليل النيات لا يمكن لعاقل أن يصدق ذلك بالاستناد لحجم إيران وقدراتها، مستحيل أن تعلن إيران الحرب على إٍسرائيل، أبسط إنسان يعرف فرق القوة بين الدولتين، لماذا إذن تتكبد إيران تلك التكاليف الباهظة على بناء ودعم حزب الله وإذا كان هدفها تحرير فلسطين فلماذا تدعم الحوثي في اليمن والأحزاب الدينية المختلفة في العراق.

ثمة حكومات تعمل على حماية بلدانها وحكومات أخرى تعمل على حماية نفسها، الفرق بين هاتين السياستين يقرر الاستراتيجية. كان حافظ الأسد ينتهج السياسة نفسها التي تنتهجها إيران الآن مع فرق القدرة، ستجده مناضلاً في فلسطين وراعياً للأمن في لبنان وداعماً للحركة الكردية الانفصالية في تركيا ويأوي العرب المعارضين لحكوماتهم. هشاشة شرعيته في الداخل تفرض عليه أن يختلق معارك خارج البلاد تعطيه شرعية أممية، فالوحدة العربية والنضال ضد الامبريالية والاشتراكية هي شرعيته، أصبح الإنسان السوري رأس حربه لمعركة وهمية لا تنتهي أبداً.

الأيديولوجية الإيرانية لا يمكن أن تسوغ في العصر الحديث ولا يمكن لحكام إيران التخلص منها، فتضطر الحكومة الإيرانية أن تلبسها ملابس النضال الأممي تحت شعار محاربة الاستكبار، وجود إيران في سورية وفي لبنان وفي اليمن وفي أي مكان آخر هو لحماية النظام من ثورة داخلية، فالملالي يقومون بمهامهم الإلهية التي لا تحتمل المعارضة أو الرفض فيسمح لهم هذا الأمر قمع أي معارضة في الداخل وسهولة تجييش الشعب الإيراني للدفاع عنهم ضد الأخطار الخارجية.

المصدر: الرياض