ياسر حارب
ياسر حارب
كاتب إماراتي

ماذا ستفعل وزيرة تنمية المجتمع؟

آراء

عندما تسمع اسم وزارة تنمية المجتمع، يخطر ببالك «المعونات الاجتماعية»، ورغم أن الوزارة معنية، كحال مثيلاتها في مختلف دول العالم، بـ«تنمية المجتمع»، فإن وزارتنا في السنوات العشر الماضية كانت منشغلة بالمعونات أكثر من أي شيء آخر. وفي لقاء جمعني بالوزيرة الجديدة نجلاء العور، في ديوان الوزارة قبل أيام، سألتها عن دور الوزارة، ولم أكد أكمل سؤالي حتى انطلقت تتحدث عن التحديات التي تواجهها، كمسؤول جديد في مؤسسة تعتبر إحدى ركائز تقدم واستقرار المجتمع في أي دولة. «أم فاطمة» كانت صريحة جداً، تحدثت عن مشكلات الوزارة بشفافية تامة، ورغم تقديرها لجهود كل من سبقوها فإن الواقع الذي نلمسه في تراجع دور الوزارة، يفرض عليها أن تكون جادة في الإقرار بالمشكلات أولاً، ثم العمل على إيجاد حلول ثانياً.

من المشكلات التي تواجهها «أم فاطمة» غياب السياسات الحاكمة للفئات المستفيدة من الوزارة، كالأرامل مثلاً، أو المطلقات اللائي تتكاسل كثيرات منهن عن البحث عن وظيفة، ويكتفين بالمعونات التي يحصلن عليها من الوزارة. مثل هذه الحالات، وكثير غيرها، لا تجد سياسات تدفعها لتغيير أوضاعها إلى الأفضل. أضف إلى ذلك غياب برامج المتابعة والتأهيل لكثير من المستفيدين من الوزارة، لمساعدتهم في الحصول على وظيفة، أو فرصة في الحياة. فلربما يكون أحد المستفيدين من فئة «العاجز مادياً» غير قادر على أن يحصل على وظيفة، لأنه يفتقر إلى أبسط مهارات الكمبيوتر والعمل المكتبي. مثل هذا الشخص لا يكفيه أن يُعطى مُساعدات مادية، بل من حقه على الوزارة أن يُدرَج في برامج تدريب لرفع كفاءته، ومن ثم يُساعَد في الحصول على وظيفة تناسبه. هذا الدور الذي من المفترض أن تقوم به الوزارة، يحتاج إلى بناء ثقافة جديدة في داخل الوزارة وخارجها، وقد يحتاج المجتمع إلى «صدمات» أحياناً، حتى يبدأ أفراده في الاعتماد على أنفسهم.

هذا لا يعني أن المعونات ستنقطع، بل مستمرة كما هي، إلا أن «أم فاطمة» عازمة – مع فريق عملها – على تقديم سياسات جديدة، ومشروعات عملية بعيدة عن البهرجة والسعي لنيل الجوائز، حتى تقوم الوزارة – أخيراً – بالدور المنوط بها.

إن رؤية الوزارة قائمة على خلق «مجتمع متلاحم مسؤول مشارك في التنمية الاجتماعية»، لكن عندما ننظر حولنا لا نرى تلاحماً، حتى إن أحدنا بات لا يعرف مَن جاره! وفي منظومة القيم التي تعمل الوزارة على تعزيزها تأتي «الشراكة المجتمعية»، لكن اسأل نفسك متى كانت آخر مرة شاركت في عمل اجتماعي؟ متى تطوعت؟ مَن تعرف مِن محيط معارفك تطوع أو له مشاركات اجتماعية؟ كل هذا يحتاج إلى عمل طويل المدى من الوزارة، لتفعيل دور الفرد في المجتمع.

وفي ظل غياب هذه الاحتياجات التنموية ومراكز الشباب، وبرامج التطوع الجادة، وازدياد حالات الطلاق وتفكك الأسر، مِن حقنا أن نتساءل: ماذا ستفعل وزيرة تنمية المجتمع؟

«أم فاطمة» تُدرك أن حكومة الإمارات تجاوزت الاحتفاء بالخدمات الإلكترونية، والفوز في جوائز التميز كل عام. والمفرح أنها قالت في نهاية اللقاء إنها مستعدة للجلوس مع الشباب والفتيات، من المجالات كافة، لتُحدّثهم عن خططها القادمة، وتسمع منهم اقتراحاتهم ورؤاهم حول «تنمية المجتمع». فهي جادة، رغم التحديات الهائلة التي تنتظرها في الطريق، على تحويل الوزارة من مُقدِّمٍ للخدمات، إلى مطوِّرٍ للمجتمع.

المصدر: الإمارات اليوم