سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

ماراثون في منطقة سكنية مزدحمة!

آراء

صباح يوم الجمعة الماضي، اضطرت سيدة مواطنة إلى أن تمشي مسافة طويلة وهي على وشك الولادة، كي تصل إلى أقرب مكان تستطيع فيه الوصول إلى السيارة التي أقلتها للمستشفى، هذه السيارة كانت بعيدة عن منزلها لسبب واحد، وهو إغلاق جميع المداخل والمخارج في منطقة جميرا التي تقطنها السيدة، بسبب تنظيم سباق للماراثون، ما جعل وصول السائق إلى بيتها مستحيلاً!

بالتأكيد لا أحد يعارض تنظيم الأحداث الرياضية، بل إنها ضرورية للغاية، ولابد منها، لما لها من فوائد مجتمعية واقتصادية وتوعوية وغيرها، ولا أحد ضد تنظيم الماراثونات الطويلة، فرياضة الماراثون أصبحت دليل وعي وتقدم، ولكن مع ذلك، لابد من مراعاة تنظيم هذه الأحداث بشكل مناسب، وفي المكان المناسب، فالمدينة لم تعد تحتمل إغلاق شوارع رئيسة لمدة طويلة، كما حدث يوم الجمعة!

لا ننكر أن اللجنة المنظمة اختارت توقيتاً تقل فيه الحركة المرورية، بدءاً من الساعة السادسة صباحاً في يوم عطلة رسمية، لكن طول مسافة السباق على شارع حيوي ومهم مثل شارع جميرا، أدى إلى احتجاز جميع سكان المنطقة الذين يقدر عددهم بالآلاف في منازلهم، لا يستطيعون الخروج أو الدخول، إلا بعد انتهاء السباق في تمام الساعة الـ12 ظهراً، وهو أمر صعب عليهم بكل تأكيد!

هناك حالات طارئة، تماماً كما هي حال السيدة التي أرادت الانتقال بسرعة إلى المستشفى، وغيرها، وربما الأمر يتعلق بأطفال أو كبار في السن، وهناك حاجات ضرورية تظهر فجأة يحتاج الإنسان فيها إلى الخروج من منزله، وهناك محال تجارية ومطاعم ومراكز تسوّق على طول الشارع، فهو شارع تجاري في منطقة سكنية مكتظة، لا تصلح أبداً أن تتحوّل إلى مضمار مغلق للجري، ولمدة طويلة، فالماراثون عادة لا يقل تنظيمه عن ست ساعات أو أكثر!

دبي مدينة تزخر بالكثير من المواقع المتميزة، كما أنها تحتوي على مناطق مؤهلة لتنظيم مثل هذه السباقات خارج حدود الازدحامات والمناطق ذات الكثافة السكانية، هناك خيارات عدة، ولا أعتقد أن شارع جميرا هو الخيار الوحيد أو الخيار الأفضل، خصوصاً بعد أن أصبح وجهة مرغوبة ومطلوبة في كل وقت، إضافة إلى مصالح السكان التي لا ينبغي تعطيلها بسبب سباق، وهذا هو الأهم، فلو تضررت على سبيل المثال تلك السيدة الحامل، وواجهت خطورة هي وجنينها فمن يا ترى سيتحمل مسؤولية هذا الضرر؟ لم لا تعيد الجهة المنظمة التفكير في هذه الأمور مجتمعة، وتعيد تخطيط أولوياتها لإيجاد مناطق أخرى أكثر عملية، لتنظيم مثل هذه الأحداث الرياضية فيها، دون ضرر ولا ضرار!

المصدر: الإمارات اليوم