مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

ما الحل مع هؤلاء؟

آراء

كارثة أن يصبح القتل وسيلة تستخدم لمجرد الاختلاف في الفكر أو العقيدة أو الدين. وما حادثة الأحساء قبل يومين وأفعال تنظيم داعش في العراق وسورية، وقبل ذلك ما كان يحدث في بعض البلدان من تفجيرات من قبل منتمين إلى مذهب ما في أماكن دينية لمن ينتمون إلى مذهب آخر. المسألة يصعب حلها كما يبدو من التطورات عبر السنوات الماضية، فهؤلاء القتلة غابت عقولهم وحفظوا درسا واحدا هو تصفية المختلف الذي لا يتفق كليا مع أفكارهم المتطرفة.

القضية ليست فكرية، لأن من يحمل فكرا مستعد لتقبل الحوار، والفكر يعني أن العقل يفكر في ما يتلقاه أو يطلع عليه، غير أن عقول هؤلاء القتلة توقفت عن العمل، وثبتت على نقطة واحدة تم استسهال القتل عبرها. فما فعله المجرمون في الأحساء يشبه في جوهره تماما ما يفعله “الدواعش” من قطع رقاب وعمليات إعدام وقتل وتمثيل بالجثث، فالاختلاف هو السبب الرئيس لتبرير إنهاء حياة إنسان، وهذا ما لم يرد في السيرة النبوية الشريفة، وما لم يذكر في القرآن الكريم. أما المبررات التي يستند عليها القتلة فلا أسس لها ولا تتجاوز كونها انحرافا في العقل البشري من حالته الإنسانية إلى صورة دموية في منتهى البشاعة.

لا منطق مثلا لدى “داعش” قبل أيام في إعدام طبيب سوري لعله لم يرق لأحد “الدواعش” فاتهمه بالردة، وصدر عليه حكم بالقتل، كذلك تلاشت الإنسانية لدى الدواعش في الرقة قبل أيام عندما ربطوا جثثاً وسحلوها بدراجات نارية في شوارع المدينة لإرعاب أهلها وبث رسالة للآخرين ليخافوا إن اقترب عناصر “داعش” منهم، وبالمقابل لم يفكر القتلة في الأحساء بأن من أجرموا بحقهم هم مواطنون شركاء معهم في الوطن، فطغت نزعة القتل على الانتماء للمكان.

لذلك فإن التوافق بين مفتي عام المملكة وهيئة كبار العلماء وبين علماء القطيف وكذلك عامة الشعب وكل من سمع بالحادث.. في استخدام لغة العقل ورفض العنف واستنكار العمل الإجرامي في الأحساء، هو رسالة لأولئك المجرمين وزعمائهم ومنظريهم أنهم صاروا منبوذين من الجميع، وأن العقلاء قادرون على استقطاب أصحاب العقول الواعية لمجابهة العقول المنحرفة أو المغيبة عن الإنسانية.

الواقع صعب والحقيقة مرة، وهي أن تلك العقول لن يقضى عليها بين يوم وليلة، وربما الخيار المتاح لنهاية الظلاميين هو المواجهة المباشرة والتضييق عليهم أينما كانوا، وعزل من يقبض عليه منهم عن البشر، إلى أن يتناقص عددهم تدريجيا حتى لا يظل منهم أحد.

المصدر: الوطن أون لاين

http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=23735