متى تكشّر دبي عن أنيابها؟

آراء

من علامات الساعة – أي يوم القيامة – ما جاء في الحديث الشريف القائل: «… وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان» انتهى.

الواقع أن التطاول بالبنيان كان قديماً منذ العهود التي شيدت بها الأهرامات والكولوسيوم والحدائق المعلّقة.

غير أن الانفجار الحقيقي للتطاول بالبنيان لم يبدأ إلاّ بعد اختراع (الأسانسير) – أي المصعد، وهو تطور من الجهد البدني إلى المحركات البخارية ثم الكهربائية التي كانت هي النقلة الحاسمة.

وأول مبنى سكني استخدم هذه التقنية الجديدة، هو مبنى متعدد الطوابق في (نيويورك) عام 1889، وقد اعتبر أعظم إنجاز حققه الإنسان على الكرة الأرضية، وكانت سرعة المصعد لا تتجاوز 0.20 متر في الثانية، في حين أنه الآن يمكن للمرء أن يتجاوز 10 أمتار في الثانية الواحدة.

وإلى الآن المبنى قائم ومصون ويعتبر من الآثار التي يفخر بها الأميركان، وأذكر أنني عندما شاهدته أخذت أبتسم تلقائياً، وأنا أراه أمامي قزماً وسط حشد من ناطحات السحاب الحديثة.

كما أذكر أنه عندما شيد (برج الجزيرة) وسط القاهرة في الخمسينات الميلادية، قيل وقتها إنه لا قبله ولا بعده، وأُلفت ولُحنت فيه الأغاني، وفي جدة ذهلنا وكادت تعشو أبصارنا عندما شيدت عمارة الملكة في السبعينات الميلادية.

وكان الحدث الكبير هو ما أنجزته دبي عندما اكتمل بناء (برج خليفة)، كأطول مبنى في العالم، متجاوزاً كل المباني في أميركا وماليزيا وكوريا.

غير أن المهندسين في اليابان يعكفون الآن على دراسة بناء ناطحة سحاب في طوكيو، اسمها (Sky mile tower)، التي من المتوقع أن يبلغ ارتفاعها 1700 متر، وهو تقريباً ضعف ارتفاع (برج خليفة) في دبي، الذي يبلغ 830 متراً، ومن المقرر أن يتم تخصيصها لإيواء 55 ألف شخص، كما ستضم مراكز تسوق متعددة ومطاعم وفنادق وغيرها من المرافق.

وسوف يكون البرج محاطاً بعدد من الجزر الصناعية، ستشكل جزءاً من استراتيجية الدفاع ضد الكوارث الطبيعية – انتهى.

وحسب اعتقادي، فإن دبي تحب وتقبل التحدي، ولا أستبعد أنه بعد أن يقام ذلك البرج الياباني المعجزة، سوف تكشّر دبي عن أنيابها مرة ثانية، مثلما كشّرت عنها بعد أن شيدت ماليزيا برجيها التوأمين.

ولم تسعد في حينها بتتويجهما أعلى برجين في العالم، سوى عدة أعوام قليلة، حتى قضت عليهما دبي بالضربة القاضية، واحتلت وما زالت تحتل الصدارة.

ولا أدري إلى أين وإلى متى سوف يستمر هذا التسابق والتطاول بالبنيان؟!، وذلك قبل أن تدق الساعة دقاتها النهائية، وعندها لا يبقى سوى وجه ربكم الكريم.

المصدر: الشرق الأوسط