مجلة «نيويورك» تتراجع بعد خمسة عقود من التربع على منشورات مانهاتن

منوعات

منذ تأسيسها في 1968 ومجلة «نيويورك» تخدم بوصفها نموذجا للنشر المتعلم من الوتيرة العالية مستغلة إيقاعها الأسبوعي وموقعها في واحدة من أكبر عواصم العالم الثقافية لتقود أسلوبا جديدا أكثر عاطفية وصراحة لما يجب أن تكون عليه المطبوعة، مستفيدة من مبادئ ما عرف بالصحافة الجديدة ساعدت المجلة في التعريف بالأصوات العالمة المتشككة لكتب مثل توم وولفو جيمسي بريسلين وغلوريا شتاينيم ونورا إيفرون. وكانت مهد مجلة «ميس» وفكرة «راديكال شيك». الآن وبعد نحو خمسة عقود من التربع على مقعد طليعة منشورات مانهاتن، تقر المجلة بأن التطور لا يعني بالضرورة افتراض الوضع المربح أو المستدام على الأقل من حيث الاستمرار على نفس الجدول.

بداية من شهر مارس (آذار) ستبدأ مجلة «نيويورك» بالتراجع من وضعها الذي استمر طويلا كمجلة أسبوعية وستصدر كل أسبوعين. جنبا إلى جنب مع توقف صدور النسخة المطبوعة من مجلة «نيوزويك» وإعادة هيكلة مؤسسة التاي التي تشمل مجلتي «تايم» و«بيبول» الأسبوعيتين، فإن التحول إلى الإصدار نصف الشهري يعتبر نهاية لعهد ويؤكد الوضع الاقتصادي الكئيب للطباعة ودورها المتضائل في المستقبل والذي يتضح منذ الآن. سيحزن التغيير محبي المجلة بينما لن يعبأ بعض القراء ويتحولون إلى النسخة الإلكترونية لمجلة «نيويورك» دائمة التغير التي تظهر على محرك بحثهم. سيكون هنالك 42 إصدارا أسبوعيا في السنة. وسرعان ما سيتحول إلى 26 إصدارا في السنة مع ثلاثة إصدارات خاصة – أفضل الأطباء ودليل الهدايا السنوي وإصدار المأكولات والمشروبات. ترى هل سينقلب العالم أو على الأقل عالم مؤسسة نيويورك للنشر بسبب نقص 13 إصدارا؟ لا ولكن شيئا ملموسا وإثارة حقيقية ستضيع مع التغير في إيقاع المجلة الذي ظل ينتظم الشوارع على مدى أكثر من أربعة عقود. وأقر رئيس تحرير مجلة «نيويورك» بأثر التغيير لكنه شرح بثقة الأسبوع الماضي المنطق وراء التغيير وهو يعرض ملصقات للأفكار البديلة لغلاف المجلة مع إعادة تصميم الأقسام الداخلية والأسلوب الذي يعتمد على الناحية البصرية أكثر. وأضاف بينما كان لورنس بيرستاين ناشر المجلة ومايكل سيلبرمان مدير عام عمليات الموقع الإلكتروني يستمعان «لقد تحدثنا عن هذا الأمر لفترة ولا يسعك إلا أن تحزن له» لكني سأقلق أكثر إن لم نتعامل مع تغير السوق وتغير عادات القراء بالنسبة للقراءة. ما كنت لأفعل ذلك لولا اعتقادي بأنا نستطيع عمل مجلة أفضل ومواصلة النمو في المجالين المطبوع وعلى الموقع الإلكتروني. يمكن شرح الاقتصاديات العقابية بالنسبة لمطبوعة تقف لوحدها في كلمة واحدة: «نيوزويك». فالنقص في الإعلانات الأسبوعية يهدد بالوجود كما حدث لـ«نيوزويك» فلم يعد راعيها موجودا فقد اشتراها بروس واسرستاين عام 2004 وتوفي عام 2009. وبعد وفاة مالكها الجديد سيدني هارمون اضطرت للدمج مع «الديلي بيست» حتى توقفت عن الطبع العام الماضي. ويحاول الورثة ومن يعملون معهم تجنب ذلك المصير. من ناحية صحافية ازدهرت مجلة «نيويورك» وفازت بالكثير من الجوائز منها مجلة العام لسنة 2013 الممنوحة من الجمعية الأميركية لمحرري المجلات. لكن ذلك لا يسدد الفواتير مما حول الكثير إلى المواقع الإلكترونية NYmag.com Vulture.com The Cut and Grub Street ونمت الإيرادات الرقمية بنسبة 15% عاما بعد عام وستتجاوز العام القادم إيرادات الإعلانات المطبوعة. حسب ما قال بيرستاين. لمجلة «نيويورك» ما يفوق 400000 مشترك وقد عانت من ضربة موجعة بعد ركود عام 2008 وفقدان إعلانات لم يتم تعويضها. هذا العام انخفضت المجلة بنسبة 9.2% في صفحات الإعلانات مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي والتي كانت سيئة أيضا.

سيوفر خفض وتيرة الإصدار نحو 3.5 مليون دولار سيتم استثمارها في النمو الرقمي الأسرع. ليس من المتوقع تسريح العمالة وسيتم إضافة 15 موظفا جديدا لدعم محتوى الموقع الإلكتروني والمبيعات. وسيحول موقع الموضة الإلكتروني الخاص بمجلة «نيويورك» ذي الشعبية الكبيرة «ذا كت» إلى الإصدار المطبوع، وستميل المجلة إلى المحتوى الذي يستفيد من الطباعة ويشمل ذلك ما يطلق عليه «الحياة في صور» وهو عبارة عن سرد القصة الإخبارية من خلال الصور. يتمتع موس بنظرة ثاقبة وبعيدة في صنع المجلات وستكون المجلة نصف الشهرية رائعة وقوية. سيشتمل كل عدد على أربعة أقسام كبيرة بدلا عن ثلاثة كما هو الحال الآن، وأربع قصص إخبارية كبيرة بدلا عن ثلاث. ستكون هناك أيضا أعمدة عن الجنس والتجارة وربما التقنية. ويقول موس المحرر السابق بمجلة «نيويورك تايمز»: «لقد قضينا وقتا طويلا ونحن نحاول الوصول لمعادلة بين ما يريده الناس فورا ولكن أيضا ما يتمسكون به ويأخذونه معهم إلى منازلهم». يبدو ذلك معقدا خاصة مع الإصدار نصف الشهري فلا يمكن الاعتماد على الإيقاع السريع للأخبار للمحافظة على تشوق القراء. وستكون وتيرة الطباعة كل أسبوعين نادرة بالنسبة للنشر في أميركا ولذلك ستكون عادة جديدة. رغم اسمها فمجلة «نيويورك» لا تختص بمكان معين ولكنها تتناول مواضيع إقليمية وعالمية. من الصعب التكهن بكيفية رد فعل القراء على من سيعبث بمجلتهم. ويقول انوب باغاريا الرئيس التنفيذي لمؤسسة «نيويورك» الإعلامية وأحد الشركاء الإداريين لوسرستاين. «ما منعنا من فعل ذلك في الماضي هو أننا ظللنا نناقش هذا الأمر منذ حياة بروس وكانت ضربة عاطفية. لكن بعد إدراكنا أن تلك وسيلة لنواصل ما نقوم به وربما بصورة أفضل، أعتقد أن الناس تحمسوا».

قبل عشر سنوات عندما كنت أعمل محررا بالمجلة، كنت أحتسي كأسا من الشاي وكان المكان مثيرا للغاية. اليوم هو موقع باهت وغير متناسق في مدينة مسعورة حيث لم يعد هناك شيء كما كان، ليس حتى أو ربما خاصة مجلة تدعى «نيويورك».

واشنطن: «الشرق الأوسط»