محمد بن راشد.. ولي الأمر المبدع

آراء

عندما يتصف ولي الأمر بالابتداع والبحث عن كل فكرة جديدة وكل مشروع جديد، ولا يركن إلى ما كان بالأمس ويمضي باحثاً عن كل فكرة جديدة لكي يتخذها سلماً إلى الارتقاء والى الغد، فإن الأمة ما تفتأ أن تتفاعل ويتحرك منها كل ساكن، وتنفض عن نفسها غبار التواني، ونجد عندئذ أن كل شيء يسير إلى الأمام..

وهذا ما يحدث اليوم في الإمارات، وفي عاصمتها التجارية والاقتصادية والثقافية، دبي، مدينة التنوع والتناغم والانسجام بين سكانها وأهلها ومن يأتي اليهم زائراً أو سائحاً على كل مركب ومحمل ومن كل فج عميق… فلا يلقى في هذا البلد المريح غير البشاشة والتعامل الحضاري الراقي..

دبي، الممثلة لدولة الإمارات العربية المتحدة، تهفو إليها القلوب، وتشرئب إليها الأعناق كلما ذكرت وفي أي وقت، واسم محمد بن راشد آل مكتوم لصيق ومرافق وحاضن لهذا الاسم، اسم دبي، واسم الإمارات، فلا تذكر دبي إلا به، ولا يذكر هو إلا بها، وإذا ذكر اسماهما دبي ومحمد بن راشد، فان اسم الإمارات يبرز بينهما شامخاً، يضيء برقه ويلمع من أعلى برج في العالم يحمل اسم الشيخ خليفة بن زايد ،حفظه الله ورعاه، واسبغ عليه نعمة الصحة والسلامة..

والشيخ محمد بن راشد برؤيته الثاقبة وذهنه المتوقد، يدرك أن العالم كله يجري في سباق، وما لم يستعد ويهيىء نفسه لهذا السباق، فإن عقارب الزمن لا تنتظره ولا تمهله، وعليه أن يسابق باندفاع قوي وبشكيمة وعزم قويين، ويسبق، وهذا السباق هو كما يقول الشاعر..

يعدو الزمان فمن لم يعدُ مستبقاً

أمامه، ركلته أرجل الزمن

وإذا ركلت أرجل الزمن الإنسان ودفعته إلى المؤخرة، فالوقت الذي يحتاجه للملمة شتاته مرة أخرى يستغرق طويلاً.. والوقت في دنيانا الحالية من ذهب بل من كل جوهر ثمين.. الشيخ محمد بن راشد عرف هذه الحقيقة ووعاها جيداً لأنه يتابع ما يجري حوله، وفي الدنيا الواسعة، ولأنه يقرأ ويطلع ويفهم ويتفاعل مع الوقائع في العالم وما يحدث فيه، ويحاول أن يلتقط الأخيَر والأحسن ويصبه في قالب ملائم للأمة وللبلد..

كل مشروعات محمد بن راشد الابتكارية هي نتاج للرغبة الكامنة في نفسه أن لا يكون في المؤخرة وأن يشق لنفسه طريقاً إلى الصف الأمامي، ومن يقرأ لمحمد بن راشد ما كتبه في كتابيه، رؤيتي، وومضات من فكر،ويستمع إلى أحاديثه فإن هذا القائد يؤكد أنه في سباق مع الوقت وأنه مُصر على أن لا يخسر الرهان وأن لا يكون مركوبه في المؤخرة..

بالأمس أعلن الشيخ محمد بن راشد عن تأسيس مشروع يتسمى، ببيت الحكمة، لست ملماً بتفاصيل هذا المشروع ولكن اسمه يجسد أمامي وعاء ضخم الحجم يقيمه محمد بن راشد ويريد أن يصهر فيه كل مشروعاته الابتكارية ويخرجها للناس جاهزة سليمة البنية تمشي في درب ممهد لا يعتوره الخلل ولا يعيقه عائق.. وكلمة بيت الحكمة مقتبسة من مجمع تاريخي مشهور كان بمثابة جامعة، وبالفعل اعتبرها المؤرخون أول جامعة تقيمها الدولة العربية في عاصمة الخلافة العباسية، وعلى يد الخليفة العالم المثقف عبدالله المأمون بن هارون الرشيد عام 850 م. تقريباً..

وبيت الحكمة التاريخي كان تجمعاً لطلاب العلم ومكاناً للابتكار والسباق من أجل خلق الجديد في المجتمع العربي الإسلامي، وأكبر المراكز التي ألحقت ببيت الحكمة هو مركز الترجمة، من كتب تخص الأمم القديمة كالإغريق والفرس والهند، إلى العربية، والاستفادة من هذه الكتب للابتكار العلمي في مجالات الطب والهندسة والرياضيات وعلوم الفلك، وكان الخليفة المأمون شغوفاً بالكتب وبالترجمة وكان يشرف بنفسه على بيت الحكمة هذا ويجلب المدرسين والكتب والمراجع من جميع أنحاء العالم المعروفة في وقته..

ومن هنا يتضح لنا بجلاء ما يساور محمد بن راشد من أفكار ابتكارية ويسابق الزمن ، كما، قلنا ليس رغبة في السباق وحده بل ليكون في المقدمة، وليس هناك أحسن من السباق من أجل خلق حياة أفضل ومجتمع أفضل.. الشيخ محمد بن راشد يقرأ كثيراً في الجديد والقديم ويبحث عن الحكمة، والحكمة ضالته ينشدها أينما وجدها.. «ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيراً كثيراً» كما يقول القرآن الكريم.

المصدر: الخليج