مركبات مزوّدة تقتل الأبناء بتــمويل الآباء

أخبار

أطلقت شرطة دبي وصحيفة «الإمارات اليوم» بشراكة مع النيابة العامة، حملة موسعة للحد من عواقب التزويد غير الشرعي للمركبات، وتمويل الآباء لهذه الممارسات الخطيرة التي تحوّل مركبات أبنائهم إلى وسائل قتل لا وسائل نقل، تحت شعار «لا تفقد ابنك بتزويد مركبته»، برعاية القائد العام لشرطة دبي، اللواء عبدالله خليفة المري.

4 شباب ضحايا حادث بسبب «التزويد»

قال نائب رئيس مجلس مدراء مراكز الشرطة مدير مركز شرطة القصيص، العميد يوسف العديدي، إن مراكز الشرطة تقوم بدور كبير في رصد من يزودون سياراتهم، من خلال تحديد أكثر المناطق التي يقصدها هواة التزويد والاستعراض، وأضاف أن هناك حوادث مأساوية وقعت نتيجة هذه الممارسات، منها حادث تدهور مركبة على شارع الخوانيج، أسفر عن وفاة ثلاثة شباب لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً، وإصابة الرابع بإعاقة بليغة، نتيجة عدم قدرة السائق على اتخاذ رد الفعل المناسب، وعجزه عن السيطرة على السيارة، مؤكداً أهمية الحملة والتعاون بين شرطة دبي و«الإمارات اليوم».

11

ألف مركبة تم ضبطها خلال ثلاث سنوات، نتيجة التهور والتزويد بشكل مخالف.

وقال رئيس نيابة السير والمرور، المستشار صلاح بوفروشة الفلاسي، إن النيابة العامة رصدت جوانب خطيرة مرتبطة بعمليات تزويد المركبات، ففي كثير من الحوادث التي تعرضت لها مركبات معدلة، كان السبب عدم تمكن سائقها التعامل مع المركبة بطريقة مناسبة، نظراً إلى اختلاف جوهر عملها، ما أسفر عن سقوط وفيات وإصابات بليغة.

فيما ذكر مدير الإدارة العامة للمرور في شرطة دبي قائد الحملة، العميد سيف مهير المزروعي، أن الإحصاءات المرتبطة بتلك الهوايات القاتلة مخيفة وتدق جرس إنذار قوي، إذ توفي نتيجة السرعة والتهور في السنوات الثلاث الماضية 42 شخصاً، بواقع 12 حالة وفاة خلال العام الجاري، و11 وفاة في 2017، مقابل 19 حالة وفاة في عام 2016، لافتاً إلى أن من المثير للقلق كذلك ضبط 11 ألفاً وتسع مركبات نتيجة التهور والتزويد بشكل مخالف، معتبراً أن هذه المركبات المضبوطة تمثل قنابل موقوتة تهدد سلامة مستخدمي الطريق، خصوصاً في ظل إضافة تعديلات مخيفة عليها تصل إلى استخدام وقود طائرات.

وأعلن نائب رئيس تحرير «الإمارات اليوم»، عبدالله القمزي، عن إتاحة الفرصة أمام جميع الأطراف، بمن فيهم هواة التزويد والآباء وأصحاب الكراجات، للتعبير عن آرائهم بموضوعية للوصول إلى حل مناسب.

وتفصيلاً، قال رئيس نيابة السير والمرور، المستشار صلاح بوفروشة الفلاسي، خلال مؤتمر صحافي عقد بقاعة «ديلي بريف» في مركز شرطة القصيص، إن تزويد المركبات بشكل غير قانوني من الممارسات التي لها آثار سلبية خطيرة، وذلك من خلال القضايا التي أحيلت للنيابة العامة، إذ يتعلق معظمها بحوادث قاتلة أو بليغة.

وأضاف أن المركبات التي تخضع لعمليات التزويد لها مواصفات معينة صنعت على أساسها، فمن غير المنطقي أن يضيف شخص تعديلات جوهرية على محرك السيارة وهيكلها ليضاعف سرعتها من 180 كيلومتراً في الساعة مثلاً إلى 300 كيلومتر، ونتوقع بعد ذلك أن تكون لها الاستجابة نفسها في حالة الطوارئ، سواء في حالة استخدام الفرامل أو التعامل مع موقف مفاجئ.

وأشار إلى أن هناك قضايا حوادث سجلتها النيابة العامة أسفرت عن وفيات وإصابات، كان رد فعل السائق فيها صفراً، لأنه لم يستطع التعامل مع المركبة المزودة، وهذه إشكالية خطيرة تعكس حجم المشكلة، لأن البعض يعتقد أن تعديل المركبة هو جوهر القضية وما بقي أمور تكميلية، لكن هذا تصور خاطئ من خلال رصد الواقع، فتحويلها من مركبة عادية إلى أخرى خارقة، يستلزم بالتالي شخصاً لديه خبرة في قيادتها.

وأوضح أن أغلب ضحايا الحوادث الناتجة عن هذه الممارسات من فئة الشباب، وهذا لا يختلف كثيراً عن مؤشر منظمة الصحة العالمية، الذي كشف أن أغلب ضحايا الحوادث المرورية تراوح أعمارهم بين 25 و29 عاماً.

وأكد الفلاسي أن توقيت الحملة مهم جداً، لأن ممارسي هذه الهوايات ينشطون في هذه الفترة من العام، وهذا يمثل خطورة إضافية لأن المئات من الأسر والأفراد يقصدون البر للتخييم وممارسة الهوايات الصحراوية، ما يجعلهم تحت تهديد هواة الاستعراض والتزويد وغيرهما من الممارسات التي يتجاوز أثرها صاحبها.

وأشار إلى أن هناك ضعفاً في الثقافة القانونية لدى آباء وأمهات، في ما يتعلق بتبعات تمويل تزويد مركبات أبنائهم، إذ يرتد عليهم ذلك قانوناً في حالة تسبب الابن في حادث نجمت عنه وفيات أو إصابات بليغة، مؤكداً أن الأب شريك لابنه في كل ما يقوم به في ظل أنه يعيش تحت ظله.

من جهته، قال مدير الإدارة العامة للمرور في شرطة دبي قائد الحملة، العميد سيف مهير المزروعي، إنه لا يخفي على أحد التأثير الخطير لهذه الممارسات في جميع مستخدمي الطريق، سواء السائقون الآخرون أو المشاة أو حتى رواد البر والمناطق الصحراوية، بالإضافة إلى سكان مناطق بعينها يعيشون كابوساً بسبب بعض سائقي السيارات المزودة، الذين يثيرون الفوضى والإزعاج في ساعات متأخرة من الليل، فيوقظون الأطفال ويؤذون المرضى وكبار المواطنين.

وأضاف أن شرطة دبي تلقت أكثر من 2000 شكوى خلال العام الجاري، ومثلها في الأعوام السابقة، بسبب سائقين أثاروا فوضى بمركبات مزودة في مناطق مختلفة، ما يمثل دافعاً إضافياً لتنظيم هذه الحملة بمشاركة صحيفة «الإمارات اليوم» للوصول إلى أكثر عدد ممكن من أفراد الجمهور.

وأشار إلى أن أغلب مزودي المركبات طلبة من فئة عمرية تراوح بين 18 و30 عاماً، ما يدل على أن أغلب عمليات التزويد تتم بتمويل من الآباء، وهذا سلوك غريب وغير مفهوم، وتظهر عواقبه بكل أسف حين يتعرض الشاب لحادث، ويعض والده أو أمه أصابع الندم، غير مصدقين أنهما كانا سبباً غير مباشر في وفاته حين أعطياه أموالاً طائلة لتحويل مركبته إلى وسيلة قتل لا نقل.

وبناء على ذلك تخاطب الحملة الآباء بشكل رئيس، وتطالبهم بتحمل مسؤولياتهم من خلال عدم تمويل مثل هذه الممارسات بأي حال من الأحوال، مهما تعرضوا لضغط عاطفي من قبل الأبناء، ورصد الأماكن التي يخرج إليها أولادهم، خصوصاً الطلعات الليلية، ومراقبة مركباتهم للتأكد من عدم خضوعها لعمليات تزويد، والتعرف إلى أصدقائهم.

وأكد المزروعي أن شرطة دبي تقوم بواجبها، سواء في ما يتعلق بالضبط أو تأمين حركة السير على الطرق، وكذلك الجهات القضائية، لكن لا يمكن تخصيص دورية شرطة لكل مركبة أو منزل، لذا فإن هناك مسؤولية مجتمعية تقع على عاتق أفراد الجمهور من حيث رصد أي تجاوزات على الطريق، والإبلاغ عنها فوراً عبر الخط المجاني لمركز الاتصال الموحد 901، وستتم متابعتها في الحال، بالإضافة إلى مسؤولية الأسرة التي تعد خط الدفاع الأول، ولو قامت بدورها فستغني عن جهود أخرى لاحقة.

وأشار إلى أن الحملة لا تغفل طرفاً مهماً، يعد أحد مصادر الخطورة، وهو الكراجات التي تزود المركبات بطريقة غير شرعية ومن دون الحصول على تراخيص مسبقة، بهدف التربح فقط، لافتاً إلى أن هذه الورش تحقق أرباحاً خيالية ولا يهتم أصحابها إطلاقاً بعواقب ما يرتكبونه بحق هؤلاء الشباب.

وقال المزروعي إن الحملة تهدف إلى تقليل عدد الشكاوى الواردة حول تزويد المركبات والقضاء على 70% من المشكلة، والوصول إلى أكثر من 500 ألف مشاهد للمواد التوعوية عبر وسائل الإعلام، وخفض عدد مزودي المركبات، وتشجيع المواطنين والمقيمين على الإبلاغ عن السيارات المزودة، لافتاً إلى أن الحملة، التي تستمر حتى 31 مارس المقبل، تتكون من شقين، الأول توعوي ويبدأ من تاريخ انطلاق الحملة، 23 ديسمبر إلى 23 يناير المُقبل، أما الشق الثاني فهو ضبطي، ويبدأ أيضاً مع انطلاق الحملة، ويستمر إلى 31 مارس المقبل.

وأشار إلى أن الإحصاءات المرتبطة بهذه المشكلة تثير القلق، إذ بلغ عدد ضبطيات التهور والمركبات المزودة في إمارة دبي خلال العام الجاري 3007، مقارنة بـ3208 ضبطيات خلال عام 2017، و4794 ضبطية في عام 2016.

ولفت إلى تسجيل 2308 حوادث خلال العام الجاري، شملت 28 حادثاً بسبب السرعة، فيما سجل 2917 حادثاً، بينها 45 نتيجة السرعة، عام 2017، وتم تسجيل 3001 حادث سير، بينها 66 نتيجة السرعة الزائدة، عام 2016.

إلى ذلك قال مدير إدارة المرور في شرطة أبوظبي، العميد خليفة محمد الخييلي إن رجال المرور ينتشرون في كل المناطق والطرق لتأمين حركة السير، مؤكداً أنه لا تهاون إطلاقاً مع أي من مخالفي القانون، خصوصاً في ما يتعلق بالتزويد غير الشرعي للمركبات، نظراً إلى خطورة هذه الممارسات وتأثيراتها السلبية في الآخرين.

وأضاف أن هناك مسؤولية تقع على عاتق الآباء، سواء بعدم تمويل تزويد مركبات أبنائهم أو من خلال مراقبة تصرفاتهم، فمن غير المعقول أن يغفل الأب عن وجود مركبة مزودة تصدر ضجيجاً، وتختلف في جوهرها ومظهرها عن المركبة العادية، وليس من المقبول أن يتجاوز ذلك لأن العواقب تكون وخيمة.

وأوضح أن من الصعب السيطرة على المركبات المزودة، وتستلزم دائماً سائقين لديهم خبرة كبيرة، فضلاً عن أن استجابتها تختلف كلياً عن نظيرتها الطبيعية، ولو أنها معدة لذلك لكانت جهزتها الشركة المصنعة لها، مشيراً إلى أن غرفة العمليات تتلقى على مدار الساعة أي شكاوى مرتبطة بهذه السلوكيات، وتم ضبط كثير من المركبات التي تورط سائقوها في قيادتها على الطرق العامة بما يخالف القانون.

من جهته، قال نائب رئيس تحرير «الإمارات اليوم»، عبدالله القمزي، إن الحملة هي الأولى من نوعها التي تتناول قضية مهمة تمس الكثيرين، وهي تزويد المركبات، الهواية التي تثير هوس المئات من الشباب، وتسفر في كثير من الحالات عن عواقب مأساوية سواء بالوفاة أو الإصابة البليغة، فضلاً عن تهديدها المباشر للآخرين، سواء من مستخدمي الطرق أو من سكان المناطق التي تتضرر بهذه الهواية القاتلة.

وأضاف أن «الإمارات اليوم» تحاول من خلال هذه الحملة، بالتعاون مع شرطة دبي ونيابة السير والمرور وهيئة الطرق والمواصلات، وغيرها من الجهات المعنية، تسليط الضوء بطريقة عملية وموضوعية على أبرز الجوانب السلبية لهذه الظاهرة، وستتيح المجال لجميع الأطراف للإدلاء بآرائهم بغية الوصول إلى حل موضوعي يتقبله الشباب من ناحية، ولا يمثل تهديداً لحياة أو سلامة وراحة غيرهم من ناحية أخرى.

ونوه باهتمام القائد العام لشرطة دبي، اللواء عبدالله خليفة المري، بهذه المبادرة، وترحيبه ورعايته لها، مؤكداً أن هذا ليس غريباً على مؤسسة تحمل على عاتقها رسالة جليلة مثل شرطة دبي.

المصدر: الإمارات اليوم