سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

منع «كورونا» وغيره بالطب الوقائي.. لا العلاجي!

آراء

دروس انتشار فيروس كورونا لا حصر لها في كل مجالات الحياة، دخل الفيروس وأعطانا دروساً للحاضر والمستقبل، والذكي هو من يستخلص هذه الدروس والعبر، ويصنع منها خارطة طريق نجاح للمستقبل، تحميه من الوقوع في أخطاء مرحلة ما قبل «كورونا»، وتساعده على تجاوز جميع التحديات، في حال ظهور فيروسات أخرى.. على المديين المتوسط أو البعيد.

ولعل من أهم الدروس، التي لقّننا إياها فيروس كورونا، أن مقولة: «الوقاية خير من العلاج» ليست مجرد جملة عابرة، نرددها من دون أن نعمل أو نقتنع بها، بل هي أساس الصحة والعافية، وهي بداية كل الخطوات العلاجية، ولعل ذلك ظهر بكل وضوح عند ارتفاع حدة انتشار «كورونا»، إذ لم يكن هناك أي حل لمكافحته سوى بوقاية النفس منه بتقوية الجهاز المناعي، أو بتكثيف الإجراءات الاحترازية، ولم يكن هناك علاج يُذكر.

هي مشكلتنا منذ البداية، تتكرر عبر الزمن، وهي مشكلتنا ذاتها مع الأمراض المزمنة التي تزداد انتشاراً، وتؤدي إلى خسائر بشرية، وخسائر مادية كبيرة قد لا تكون واضحة للعيان، هذه المشكلة هي ضعف أساليب وطرق وخطط الوقاية من الأمراض، وتكمن في أن نظامنا الصحي لايزال قائماً على مفهوم الطب العلاجي، ولم يؤسس للطب الوقائي، الذي يمكنه أن يتصدى لأخطر الأمراض.

وللدلالة على ما سبق، لندرس تبعات وحجم الكلفة المالية لأي مرض، ونقارنها بكلفة الوقاية منه، ولنقارن ونحلل وندرس عدد العاملين المتخصصين في مجال الصحة العامة، وتعزيز الصحة والطب الوقائي، بعدد العاملين في الطب العلاجي، بالتأكيد الفرق واضح، والمقارنة ظالمة، وبكل تأكيد لا يعني أن تساويهم هو المطلوب، لا يعقل ذلك، لكن المطلوب هو التركيز على الطب الوقائي كأسلوب واقعي ومهم لمنع الأمراض، لا كإدارات شكلية، لا تمارس عملياً المهام المرجوة منها باحترافية مهنية واستراتيجيات واضحة.

ولكي نضع يدنا على الجرح، علينا أن نعتمد على دراسات محلية للواقع الصحي، وعلينا تحديد نقاط ضعفه – إن وجدت – قبل نقاط قوته، ونستكشف التهديدات والفرص، ونضع الخطط والإجراءات المناسبة لكل تهديد أو فرصة، ولا أظن أن هذا الأمر صعب.

الاعتماد على الطب الوقائي يعني ضرورة تكريس الكشف المبكر على الأفراد، وتغيير نمط الحياة، وضرورة تدخل الدعم الحكومي، من خلال سنّ التشريعات والقوانين، وتقديم التسهيلات التي من شأنها أن تساعد على تعزيز التغيير المطلوب، وفرض قوانين لإلزام المريض بالفحوص المبكرة.

وكلما زادت مجهودات الطب الوقائي قلت أعباء المنظومة الصحية، ما يسهم في توفير المليارات، ويقلل الإنفاق العلاجي بنسبة 50%، كما أن الطب الوقائي يمنع انتقال الأمراض المعدية، وتطور الأمراض غير المعدية، من خلال التركيز – بشكل رئيس – على أهميّة اتباع أنماط حياة صحية، لتجنّب الأمراض والمشكلات الصحية، إلى جانب حماية وتعزيز والحفاظ على الصحة العامة، والتمتع بنمط حياة صحي، سواء على نطاق واسع، أو على أساس فردي، وهذا هو جوهر مكافحة «كورونا».. وغيره من الفيروسات!

المصدر: الامارات اليوم