أمهات شهداء في عيدهن: أبناؤنا ليسوا أغلى من الوطن

منوعات

أكدت أمهات شهداء، أن أبناءهن ليسوا أغلى من تراب الوطن، مؤكدات أنهن أصبحن يتوشحن بوشاح العزة والكرامة، وكان لقب «أم الشهيد» أعظم تكريم لهن، الذي لم ينلنه إلا بالصبر والاحتساب عند الله تعالى.

وأشرن إلى أن احتفال «عيد الأم» هذا العام ضمن مهرجان أم الإمارات، تحت عنوان: «أم الشهيد.. فخر الإمارات» له خصوصية مختلفة نظراً إلى أنه يكرّم الشهداء وتضحياتهم.

وتفصيلاً، قالت أم الشهيد عبدالعزيز خميس النقبي، شيخة حميد النقبي، (58 عاماًـ من مدينة خورفكان): «(عبدالعزيز) كان الرابع بين أشقائه الـ14، وكان يبلغ من العمر 30 عاماً وقت استشهاده، ولديه أربعة أبناء أكبرهم عمره 14 سنة»، مشيرةً إلى أن ابنها البطل استشهد في مهمة عسكرية في 2009، وهو يحاول إنقاذ مجموعة من الصيادين الغرقى، إلا أن الأمواج أخلت بتوازن القارب الذي كان يحمله هو ورفاقه، ولم يتمكنوا من السيطرة عليه ما أدى إلى انقلابه وفقدانه في البحر.

ولفتت إلى أن جميع الجهات المختصة بحثت عنه في البحر، إلا أنهم لم يعثروا عليه، متابعة: «كتب الله لابني الشهادة، وهو يحاول إنقاذ غيره من الغرق، فكيف لي أن أحزن على هذه الخاتمة الحسنة، وكيف لي أن اتحسر عليه، وأحتسبه عند الله شهيداً».

وأكدت أن «فقدان الابن أمر محزن، إلا أن الوطن أغلى بكثير من حب الأبناء، فهو في مراتب أعلى منهم، فتراب الوطن نفديه بأرواحنا، وقاداتنا هم من زرعوا فينا هذا الحب، الذي ترسخت جذوره في عروقنا». وأضافت: «حين أسمع نبأ استشهاد أحد من جنودنا البواسل بأي بقعة، أشعر بألم فقده كأنه ابني، لكن تذكر منزلة الشهيد، يمنحني الصبر، ورسالتي إلى كل أمهات الشهداء: (أنتن من خصكن الله بهذه الخصلة، فلا تكونن إلا من الصابرات المحتسبات، والواجب عليكن هو تربية أبناء الشهداء على حب الوطن والذود في سبيلة كما كان عليه آباؤهم)».

من جهتها، قالت أم الشهيد سلطان مبارك الكتبي، لطيفة محمد (65 عاماً)، إنها فرحت بهذا التكريم، هي وأمهات الشهداء، مشيرةً إلى أن ابنها كان برتبة جندي أول في الحرس الأميري سابقاً وكان عمره 16 عاماً وقت استشهاده، إذ فضل أن يترك دراسته ليتمكن من خدمة وطنه وقادته، لكنه لم يتمكن من إتمام حلمه.

وأضافت: «استشهد ابني في أسبوع تخرجه بسبب تحطم الطائرة، التي كان يستقلها أثناء التدريبات العسكرية، ما أسفر عن استشهاده ومن معه من زملائه»، مؤكدة أنها «لن تنسى يوم 17 من نوفمبر من عام 1988، تاريخ استشهاد سلطان، وهو اليوم الذي توشحت فيه بوشاح الكرامة والعزة».

وزادت: «لايزال قادتنا يتذكرون بطولات أبنائهم الأوفياء، فكيف لي أن أنسى ذلك اليوم»، لافتة إلى أنها هي ووالده المتوفى، كانا يتصبران بمنزلة الشهيد، إذ هو حي عند ربه يرزق.

وأضافت أنه «من المعيب أن تحزن والدة الشهيد على وفاة ابنها، إنما لابد أن تبكي فرحاً على المكانة التي وهبها الله له ولها»، مؤكدة أنها لن تتخاذل في أن تقدم أبناءها جميعهم فداء للوطن.

ووجهت حديثها إلى أمهات الشهداء قائلة: «كل عام وأنتن أشد صبراً، كل عام وأنتن أكثر شجاعة، فأنتن الكبرياء الأصيل، والتضحية الحقيقية، والمثال الذي يضرب في الوفاء».

وبدأت أم الشهيد عبدالرحمن إبراهيم، فاطمة مراد عبدالله (70 عاماً)، حديثها قائلة: «عبدالرحمن ليس شهيدنا نحن، بل شهيد الوطن، وليس ابني وحدي بل هو ابن كل إماراتية على أرض الدولة»، موضحة أن عيد الأم يمر سنوياً لكنه هذا العام يحمل خصوصية لم تعشها من قبل، إذ إنه تخليد لذكرى ابنها الشهيد.

وأضافت: «فقدت ابني الرابع، لكني دائماً أشعر بالفخر حتى مع الأسى الذي عانيته سابقاً، لأنه عمل من أجل الوطن»، لافتة إلى أنه كان أكثر إخوته اهتماماً بها، وكان دائماً يسأل إخوته عنها، ويحاول أن يعطيها ما تحتاجه حتى قبل أن تسأله.

وأكدت: «مكانة الشهيد محفوظة في قلب والديه وإخوته، وما زاد من صبري هو أن مكانه محفوظ أيضاً في الدولة، وتذكره القيادة في كل الاحتفالات»، مضيفة «لا يمر يوم دون أتذكره وأتذكر صوته عندما يدخل المنزل بعد عودته من عمله، لكن الله اختاره، ولا اعتراض على حكمه».

واستشهد عبدالرحمن في أغسطس من العام الماضي، نتيجة حادث تدهور آلية نقل خلال أدائه واجبه الوطني أثناء وجوده في المملكة العربية السعودية الشقيقة للمشاركة في عملية «إعادة الأمل» ضمن قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة.

من جهتها، قالت شقيقة الشهيد عبدالرحمن، خديجة: «أنا أكبر إخوتي وكنت اعتبر عبدالرحمن مثل ابني تماماً، وأرى كيف كان يتذكر أمي في كل شيء، ويحاول أن يساندها سواء في قضاء حاجاتها أو البقاء إلى جانبها».

وأوضحت أنهم فوجئوا بأن عبدالرحمن أنشأ حساباً بنكياً باسم والدته قبل استشهاده، وأصدر لها البطاقات الائتمانية التي تحتاجها، والبطاقات الرسمية التي قد تحتاجها في معاملاتها مع الجهات الحكومية، مضيفة: «كنا معه في معظم الوقت، لكننا لم نعلم أنه فكر باليوم، الذي يرحل فيه عنا، وحاول أن يعمل كيلا تحس أمي بفقده».

وقالت:«لقد أكرمه الله عندما اختاره للشهادة، ونحن فخورون بأنه المثل الأعلى لكل أفراد العائلة».

المصدر: الإمارات اليوم