السياحة التجميلية ترف أم ضرورة إجتماعية؟

منوعات

لم تنعم امرأة بريطانية في الخامسة والأربعين من العمر طويلاً بالمظهر الجديد لنهديها بعد إجرائها عملية لتكبيرهما في تونس، حيث انفجر واحد منهما بينما كانت تأخذ حماماً ساخناً. قالت إليسون تشابمان أنها عانت من تجربة قاسية. تفتح هذه الحادثة الباب على موضوع السياحة التجميلية التي تجري في إطار رحلات خاصة، والمسألة لا تقف عند هذا الحد لأنها يمكن أن تؤدي إلى تعقيدات كبيرة تكلّف المريض أكثر من المبالغ التي اعتقد أنه وفرها.

تشيرالإحصائيات إلى أن عدد المنتفعين الأجانب من عمليات التجميل يقدر بـ 20 بالمئة في تونس و 40 بالمئة في لبنان.

والملفت للنظر أن عدد الرجال يصل إلى 30 بالمئة من مرتادي عمليات التجميل في لبنان، بينما تصل نسبتهم إلى 20 بالمئة في تونس.

وغالبية الأجانب قاصدو تونس والمغرب لأجل عمليات التجميل يأتون من أوروبا، بينما الذين يقصدون لبنان غالبيتهم من الخليجيين.

فما الذي يشجع على هذه السياحة التجميلية؟ وهل هذه العمليات للتوفير أم لا؟

الدكتور غطاس داوود، جراح تجميل في باريس، يرى أن ما يشجع على هذه العمليات التجميلية هي أن كلفتها أقل بكثير من الكلفة في البلد الذي يعيش فيه المنتفع. وبرأي الدكتور داوود ليس هناك من سبب آخر يدفع المريض للذهاب إلى بلد آخر من أجل إجراء عملية تجميلية.

لكن ينسى الكثيرون التعقيدات التي قد تنتج عن بعض العمليات والتي قد تحول حياتنا إلى جحيم، فكل ما نراه فقط هي العمليات الناجحة دون غيرها من التي تخلف آثارا وخيمة.

في هذا المجال، يقول الدكتور غطاس داوود أنه عندما تحصل تعقيدات أو مشاكل بعد إجراء العملية، وإذا كان من المستحيل أو الصعب العودة إلى البلد الذي أجريت فيه العملية الجراحية، على المريض أن يرى طبيباً في نفس الاختصاص في البلد الذي يعيش فيه. وهنا من الممكن أن تتأزم الأمور من ناحية التكاليف المادية ومن الناحية الطبية لأن الطبيب الذي يتابع المريض لا يعرف الكثير عن تفاصيل العملية.

إلى مَن يمكن أن يلجأ المريض في حالة الأخطاء الطبية، خاصة وأنه بحكم نظام السياحة التجميلية فإن المريض لا يمكث في البلد إلا أياما معدودة؟

الدكتور جو كنعان جراح تجميلي في لبنان يرى أنه في بعض الأحيان يخلط الناس بين الخطأ الطبي الموصوف والمضاعفات الطبية المعترف بها عالمياً تجاه أي عمل جراحي أو طبي.

في ما يخص لبنان، يضيف الدكتوركنعان، أن هناك نقابة الأطباء التي لديها لجنة تحقيقات مهنية، حيث تجري تحقيقات لمعرفة ما حدث بالضبط. وإذا كان هناك خطأ طبي، يحال الملف إلى مجلس هذه النقابة التي تقرر حسب أهمية الخطأ الذي يذهب من التوجيه إلى التحويل إلى المجلس التأديبي للطبيب.

ويتنافس جراحو التجميل على تحويل مصحاتهم إلى فنادق “خمس نجوم”، من أجل استقطاب الزبائن الراغبين في إجراء عمليات تجميل في أماكن فاخرة، مجهزة بوسائل فائقة العناية والترفيه، أو ببرنامج استشفائي سياحي يتيح لهم التمتع بشواطئ البلاد والخضوع لحصص في العلاج بأعشاب البحر التي تشتهر بها هذه البلدان.

فهل المسألة ضرورة نفسية ملحة أم ترف اجتماعي؟

هنا يعتبر الدكتور جو كنعان أن الطب التجميلي هو نوع من الرفاهية وليس له علاقة بالتشوهات الخلقية، ويهدف إلى تحسين المظهر الخارجي للشخص.

لذا فإن العمليات التجميلية ليست بحاجة إلى بعثات طبية متقدمة جدا، والمستشفيات التي تتعاطى العمليات التجميلية تحديداً تشدد على النواحي الجمالية والمميزة والمريحة داخل المباني التي تجري فيها العملية. وهذا يمكن اعتباره نوعاً من التسويق أو “الماركيتنغ”.

بعض المحللين النفسيين يرون أن جمال المظهر والصورة أصبح مهماً جدا للمرأة ولاهتمامها الطبيعي بجمالها أو حتى للرجل.

وقد أثار الإقبال الكبير للأوروبيين على إجراء عمليات التجميل في المغرب وتونس ولبنان ضجة بين صفوف الأطباء الأوروبيين الذين اعتمدوا التخويف من مضاعفات هذه العمليات. وبين صحة هذا وخطأ ذاك، يمكن تشبيه الطبيب التجميلي بالرسّام الذي يرسم نفس اللوحة عدة مرات، وفي كل مرة تأتي النتيجة مختلفة عن غيرها.

المصدر: فرانس 24