القراءة للجميع.. رحلة في أعماق الكلمات

منوعات

القراءة للجميع هدف مجتمعي بالغ الأهمية يسعى إلى بناء جسر من العلم والثقافة والارتقاء بالشخصية في جميع جوانبها خصوصاً أن دولة الإمارات تبذل جهوداً كبيرة لضمان استدامتها بين أفراد المجتمع، والكثير من خبراء التربية يجمعون على أن القراءة لا تتوقف على مرحلة عمرية بعينها، بل إنه من الممكن أن يكون الفرد قارئاً أو متلقياً يستمع إلى قصة أو فصل في كتاب، وهو ما ينمي روح الفكر ويغرس في النفوس قيماً نبيلة ويرتقي بالمخيلة الإنسانية ويرفع درجات التثقيف الذاتي حتى إن بعض الدراسات العلمية ذهبت إلى أنه من الممكن أن تمارس أن الأم مستويات من القراءة لطفلها الذي يتأثر بها بحكم تأثر الأم نفسها، وهو ما يجعل من القراءة ضرورة مجتمعية للأفراد كافة في البيت في العمل في رحلات السفر في جلسات المطالعة الليلة بين الأم وأبنائها، أو من خلال القراءة لكبار السن أو التفاعلية عبر تبادل الكتاب بين أفراد المجتمع.

سلوك القراءة

يقول الدكتور جاسم المرزوقي استشاري الإرشاد النفسي والتربوي: «القراءة سلوك يكتسبه أفراد المجتمع على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الفكرية من خلال التعود، لافتاً إلى أن العادة لابد من أن تكون مرتبطة بالمثيرات من خلال الاقتران الشرطي الذي يعمق سلوك القراءة كما يرى العالم الروسي بافلوف الذي يبين أن المثير الشرطي هو الذي لا يولد استجابة متوقعة في بادئ الأمر، ولكنه من خلال وجوده قبل المثير الأصلي فإنه يصبح قادراً على إحداث الاستجابة الشرطية، ويذكر المرزوقي أن القراءة المتسمرة تحقق نوعاً من المتعة الشخصية، وهي مهارة في الآن ذاته، ويمكن تنميتها من خلال الأسرة، فهي الانعكاس الحقيقي الذي يعبر عن جملة الأحاسيس والمشاعر الإنسانية، ويمنح أفراد المجتمع القدرة اللفظية التي تجعلهم أقدر في التعبير عن الحالات الوجدانية والإنسانية، ومن ثم القدرة أيضاً على اكتساب الخبرات وتطويعها وفق الظروف المتغيرة.

شخصية متزنة

ويبين أن استدامة سلوك القراءة داخل الأسرة ولجميع أفراد المجتمع يحقق أهدافاً كثيرة ترتبط باتزان الشخصية واستقلاليتها، فالثقافة بوجه عام تصقل الشخصية الفردية وتمنحها مزيداً من الثقة بالنفس، وهو ما يعطي الفرد مهارات في التعامل الحياتي سواء الطفل في مدرسته والأم في محيطها الاجتماعي والأب في علاقته مع أفراد المجتمع، ويرى أن اهتمام دولة الإمارات بالقراءة نابع من الإيمان بأهمية المعرفة في صقل قدرات الشعوب وخلق مجتمع مثقف في القطاعات المختلفة مثل التعليم والصحة والثقافة وتنمية المجتمع والإعلام، فنحن في عام القراءة، وهو ما يشير إلى التأثير الإيجابي في أبناء المجتمع وتحمسهم إلى تطبيق مبادئ المبادرات الخاصة بالقراءة بشكل عملي.

نواة المثقف

ويذكر المذيع علي الشامسي أن الفرد الإماراتي الواعي لأهمية القراءة، والذي يتخذها منهجاً في حياته يتوافق مع مستقبل الإمارات المتقدمة خصوصاً أن المطالعة هي نواة المثقف وسنده الذي يجعله إنساناً فاعلاً في الحياة يدرك أهمية التطور ويبحث عن سبل الارتقاء بفكره حتى يرى العالم من حوله، ويبين أن من المفترض أن يركز كل فرد على جانب معين في القراءة قريب إلى نفسه، ثم يكون في الوقت نفسه ملماً ببعض المعارف الأخرى، وهو ما يضمن له موقعاً بين المثقفين.

ويؤكد أنه رسخ ثقافة المطالعة في أذهان ابنيه راشد الذي يبلغ من العمر 12 عاماً وسالم 5 سنوات، لافتاً إلى أنه يتعامل معهما في هذه الزاوية بمبدأ الثواب والعقاب، وهذا المبدأ أتى بثماره على أكمل وجه، حيث إن كل واحد من أبنائه مكلف بإنجاز قدر من القراءة الأسبوعية، وفي حال إتمام ذلك فإنه يسمح له بالتنزه واختيار الأماكن التي يحبون الترفيه فيها، ويشير إلى أنه وجه ابنيه إلى القراءة وحفزهما عليها، لكنه يترك لهما حرية اختيار الكتب التي يشعرون بالسعادة حين مطالعتها، إذ يهدف من ذلك إلى تنمية الذوق لديهم، ويوضح أنه قارئ متفاعل مع الكتاب حيث لا ينفصل عن هوايته هذه أبداً بصفة يومية، فهو لا يمر عليه يوم إلا ويطالع فيه جزءاً يسيراً مما يفضل خصوصاً كتب الإعلام والإدارة.

سبيل للمعرفة

وترى خولة الزعابي أن القراءة سبيل للمعرفة، ورغم إنها تعمل في إحدى الوظائف ولديها أولاد وهو ما يجعلها متحملة أعباء كثيرة فإنها تحرص على القراءة بصفة مستمرة، وتشير إلى أنها تستيقظ في ساعة مبكرة من الصباح من أجل الإشراف على ذهاب أطفالها إلى المدرسة، ثم تذهب بعد ذلك إلى عملها، وفور عودتها تجهز طعام الغداء، وهو ما يجعلها في حالة حركة مستمرة لكنها رغم كل هذه المسؤوليات التي تتوزع بين العمل والأبناء والزوج ورعاية أسرتها بوجه عام، فإنها تقتنص بعض الأوقات من أجل القراءة، وتلفت إلى أنها عندما تقضي ساعة مع كتاب فإنها تشعر بالسعادة وتجدد الحياة، وهو ما يجعلها تدرك تماماً أن للقراءة فوائد جمة، فهي تبعث على التفاؤل وتنمي مهارات أفراد المجتمع، وتجعلهم في حالة جيدة من الإقبال على الحياة.

المصدر: الإتحاد