جولة على أجمل معالم باريس في أقل وقت ممكن

منوعات

المدن الكبرى كالمتاهة، لا يمكن التجول فيها دون خطة واضحة ومدروسة مسبقا، خصوصا للغرباء. باريس، العاصمة الفرنسية، من هذه المدن التي تعصى أحيانا على زوارها، أو أن الوقت لا يسعفهم، حقا، لرؤيتها بالكامل. هذا لا يعني أن هذا النوع من المدن ليس أليفا ومحببا، بل فقط على زائر المدن الكبرى وضع خطة سير لرحلته قبل أن يطأ بقدميه أرض أحدها، وخصوصا إذا ما كانت هذه الزيارة قصيرة ومحددة بعدد قليل من الساعات لا غير.
نقترح هنا زيارة أهم الأماكن التي يمكن لمن تشملها زيارته أن يحيط، ولو بقدر قليل، بباريس، سياحة وثقافة وتذوقا.

* الحي اللاتيني وحديقة لوكسمبورغ

* هو أحد أقدم أحياء باريس التاريخية. بني الحي منذ العصر اللاتيني ويضم جامعة السوربون وعدد كبير من المباني التاريخية الكبرى إلى جانب عدد من أهم وأكبر المراكز العلمية ومراكز الأبحاث والكليات. إلى جانب ذلك، زاىر الحي يتمتع بإكتشاف الحياة الباريسية الحقيقية من خلال المقاهي والمطاعم التقليدية الفرنسية Brasserie الشهيرة كما يضم أهم محلات الباتيسيري الفرنسي مثل Pierre herme وGerard mulot وغيرهم. إضافة إلى أهم علامات الموضة التجارية الفرنسية والعالمية.

يضم الحي إلى جانب ذلك حديقة لوكسمبورغ التي فتحت للعامة في 1612 بعد أن أنجزها أندريه لونوتر البستاني الخاص للملك لويس الرابع عشر، وهي حديق تحيط بقصر لوكسمبورغ الذي بني لملكة فرنسا ماريا دي ميدتشي التي تزوجت الملك هنري الرابع وأنجبت الملك لويس الثالث عشر. والقصر اليوم ملكية للدولة الفرنسية ويشغله مجلس الشيوخ الفرنسي، وهو من أفخم القصور الملكية الفرنسية التي بنيت في عصر الأنوار. تحتوي الحديقة على الكثير من الأشجار المثمرة وغيرها والآلاف من أنواع الزهور التي يعتنى بها على مدار العام. كما تحول الجدار الخلفي له المطل على ناحية السان ميشال ومبنى البانثيون) مقبرة العظماء) التي تضم رفاة عظماء فرنسا على مر التاريخ.

زيارة هذا الحي وكذلك الحديقة وما يجاورها من أماكن، يعتبر رحلة حقيقة في قلب التاريخ الباريسي والفرنسي لما يحتويه هذا الحي من كنوز ثقافية وإنسانية هامة.

22

* كاتدرائية القلبين الأقدسين وحي مونمارتر

* عرف هذا الحي المطل على باريس، بحي الفنانين التشكيليين. في ساحة place de la tartre سكن ورسم أشهر رسامي العالم أميدو مودلياني وبابلو بيكاسو وكلود مونيه وفنسنت فان غوغ وسلفادور دالي الذي يقع مرسمه السابق الذي تحول إلى متحف على بعد خطوات من هذه الساحة. منذ قرن تحولت هذه الساحة إلى ملتقى للفنانين الذي يرسمون السياح ويعرضون أعمالهم الفنية في الهواء الطلق.

ميزة الحي اليوم أنه يتيح للزائر رؤية باريس المسطحة من تحته، كما يتيح الوقوف على أعلى التلة التي بنيت عليها كاتدرائية القلبين الأقدسين رؤية المدينة بانوراميا، خصوصا، بعد الصعود إلى قبتها التي تعلو 130 مترا، ثم التعرف على جزء من تاريخ الحرب الفرنسية الروسية 1870 حيث دفن جل من قتلوا في السرادب السفلية للكاتدرائية الرخامية البيضاء.

* جزيرة المدينة وكاتدرائية نوتردام

* في نهر السان الذي يقسم باريس إلى شطرين جزيرة. نعم جزيرة وإسمها جزيرة المدينة، وهي تضم عددا كبيرا من الأبنية وكذلك أشهر معلم باريسي تاريخي كاتدرائية نوتردام التي خلدها فيكتور هوغو بعمله الروائي الفانتازي (أحدب نوتردام) الذي وقع بحب سيدة عطفت عليه وتقربت منه رغم العاهة التي تقبح منظره. الكاتدرائية إضافة إلى بعض المعالم الأخرى تعد من أقدم الأبنية في العاصمة الفرنسية التي تعود إلى فن الهندسة القوطية الذي درج في القرن الثاني عشر واستمر حتى القرن السادس عشر. تم إنجاز البناء بمئتي عام حيث بدأ البناء في العام 1163 وانتهى في 1354 وترتفع واجهتها الخارجية ثلاثين مترا وتطل على النهر من جانبيه.

تربط الجزيرة باريس التاريخيه بعضها ببعض. فمنها يمكن العبور من حي السان ميشال إلى شاتليه ومتحف اللوفر والكوميديا الفرنسية ومبنى الأوبرا، وهذا كله ممكن على الأقدام لمن يهوى المشي في الطرقات الباريسية وإكتشاف ما لا يمكن إكتشافه عند التجول في المترو.

* برج إيفل وساحة التروكاديرو والشانزيليزيه

* صمم غوستاف إيفل، المهندس المعماري النابغة هذا البرج بمناسبة الذكرى المئوية للثورة الفرنسية. لكنه تزامن أيضا، مع افتتاح المعرض العالمي في باريس 1889 ليشكل بعد ذلك رمزا معنويا وسياحيا لفرنسا. اليوم لا يمكن لمن يزور باريس أن لا يمر به حتى وإن لم يصعد إلى الطبقة العليا منه 324 مترا حيث يمكن مشاهدة باريس كما لو أنك في الطائرة.

من البرج مرورا بجسر إينا الذي يوصل إلى حديقة التروكاديرو ثم إلى متحف العمارة ومبنى الأكواريوم يمكن لعشاق المقاهي الفخمة الاستراحة قليلا قبل مواصلة الطريق إلى الشارع الأشهر في باريس الشانزيليزيه. غير أن هذا الحي الذي يعد سكن النخبة الاقتصادية والمالية والسياسية في باريس لا يحتوي على الكثير سوى بعض المطاعم الغالية الثمن التي يصل ثمن الوجبة الواحدة فيها إلى أكثر من مائة يورو عند كبار الطهاة الفرنسيون المعروفين على مستوى العالم.

قوس النصر أو فاتحة الشارع أو مركز تواصل المدينة هو أكبر ساحة في أوروبا، حيث يتفرع عنها أحد عشر شارعا رئيسيا تربط المدينة ببعضها. لكنه أيضا بداية شارع الشانزيليزيه الشهير الذي لا ينام. وتضم الطرقات المتفرعة عنه أفخم فنادق العاصمة مثل جورج الخامس والشانغريلا والبيننسولا.. إلخ.

* متحف اللوفر وحديقة التوليري

* هو أكبر متحف في العالم والأكثر استهدافا للزوار حيث يؤمه سنويا ثمانية ملايين زائر. يقع في الدائرة الأولى من باريس، أي في القلب، وهو بني ليكون القصر الملكي في عهد الملك فيليب الثاني في القرن الثاني عشر. تبلغ مساحته الإجمالية مع حديقة التوليري 210 000 ألف متر مربع وتبلغ المساحة المخصصة للعرض 60 600 متراص مربعا تتسع لخمس وثلاثون ألف قطعة فنية. منذ بنائه تم توسيع المبنى عدة مرات كان آخرها مع لويس الرابع عشر الذي استبدله بقصر فرساي وجعل صالاته الفسيحة والأنيقة مكانا لعرض الموجودات والممتلكات الملكية.

كانت آخر التوسعات في عصر فرنسوا ميتران الذي أمر ببناء الهرم الزجاجي المقلوب الذي صممه ونفذه المعماري الصيني الأميركي منيغ بيه وهو نقل بهذا العمل البناء من رتابة القرون الوسطى إلى قلب الحداثة المعمارية.

يستقبل المتحف سنويا معارض من كل انحاء العالم. كما يضم، رسميا، منذ العام 2008 ثمانية أقسام رئيسية هي. الفنون المصرية، الفنون الشرقية، الفنون الأغريقية، الفنون الرومانية، الفن الإسلامي، التماثيل، الفنون الحديثة، الفنون التشكيلية. في محاولة لتسهيل اختيار الزوار للإقسام التي يودون زيارتها دون غيرها.

لا شك أن في باريس الكثير من الأماكن الأخرى. لكن مدينة بحجمها وما تحتوي تحتاج لأكثر من ثلاثة أيام بلياليها.

باريس: سيمون نصار – الشرق الأوسط