خبراء: «أبل» قدمت درساً في إتقان «فن إدارة التوقعات» عند تسويق «آي فون 7»

منوعات

بعيداً عن «الهدية»، التي تلقتها شركة «أبل» عشية إطلاق هاتفها الذكي الجديد، المتمثلة في سحب شركة «سامسونغ» هاتفها «غلاكسي نوت 7» من الأسواق، بعد تعدد حوادث انفجار البطارية، رأى محللون وخبراء أن حملة «أبل»، التي اتبعتها في تسويق هاتفها الأخير «آي فون 7»، قدمت درساً مدهشاً في كيفية إتقان «فن إدارة التوقعات»، إذ استطاعت «أبل» التعامل مع توقعات المستهلكين باعتبارها مباراة حاسمة فاصلة، لا سبيل أمامها سوى كسبها بامتياز، بعدما تمكنت من جعل الجمهور العام سعيداً بأن الهاتف جاء بمزايا وخصائص فاقت التوقعات المعلنة، إذ بدأت حملتها بخفض سقف التوقعات إلى أقل من القائم فعلياً، لكنها استعدت في الوقت نفسه لطرح الهاتف بمواصفات عالية.

ومن بين التقارير المهمة التي حللت حملة تسويق هاتف «آي فون 7»، تقرير مفصّل أعده خبير تسويق منتجات تقنية المعلومات، جاسون هاينر، ونشره موقع شبكة «زد دي نت» zdnet.com المتخصصة في تقنية المعلومات، الذي انتهى فيه إلى أن ما قامت به «أبل» يعدّ درساً يمكن أن تتعلم منه شركات التقنية الأخرى، وعلى رأسها شركة «غوغل».

تكهنات سلبية

رصد التقرير بدايات حملة تسويق «آي فون 7»، موضحاً، أنها كانت في وقت مبكر من عام 2016 وربما أواخر 2015، وكانت جميعها عبارة عن مواد صحافية وتسريبات من «أبل» نفسها، تتوقع أن الهاتف الجديد سيمثل خيبة أمل هائلة.

وأفاد التقرير بأنه خلال 2016 تتالت التقارير والتسريبات التي تحمل تكهنات سلبية نحو «آي فون 7»، مشيراً إلى أنه رسمياً وظاهرياً لم تفعل «أبل» أي شيء تقريباً تجاه هذه التكهنات السلبية، التي كانت وتيرتها ترتفع كلما اقترب موعد الإعلان عن الهاتف المنتظر، وكانت جميعها لا تختلف عما سرّبته «أبل» من معلومات حول أن «آي فون 7» لن يتضمن تغييرات كبرى في التصميم على الطريقة التي كانت معهودة في هواتف «آي فون» الجديدة خلال كل السنوات الماضية، ولن يكون أكثر من تحديث إضافي لطرز «آي فون إس» السابقة التي تطلقها الشركة كل عامين، وأن ذلك سيحدث لأن إطلاق «آي فون 7» سيكون متبوعاً بإعادة تصميم «آي فون» في 2017، وهو العام الذي يوافق عيد الميلاد العاشر لـ«آي فون».

وذكر التقرير أنه هكذا عملت «أبل» على ترسيخ سقف توقعات منخفض لدى المستهلكين والشركاء والزبائن حول «آي فون 7»، إذ لوحظ أن سقف التوقعات وصل إلى أدنى مستوياته التاريخية، بشأن هواتف «آي فون» قبيل حلول سبتمبر.

أعلى من التوقعات

وجاء في التقرير، أنه مقابل ذلك، كانت «أبل» استعدت لطرح الهاتف بمواصفات تعلو وتتفوّق على سقف التوقعات المنخفض الذي صنعته بنفسها، إذ قامت بإجراء تحسينات قوية على الكاميرا، وأضافت خطوة كبيرة أخرى تتعلق بإطالة عمر البطارية، كما ضاعفت من السعة التخزينية للهاتف، ثم أقدمت بثبات وصلابة وثقة على إزالة منفذ سماعات الرأس التقليدي، الذي استبدلته بسماعات «أبل» الإلكترونية المزوّدة بشريحة مثبت عليها تطبيقات بتقنية الذكاء الاصطناعي، جعلتها أقرب إلى الحاسوب الصغير منها إلى سماعة رأس اعتيادية، وجددت «أبل» أيضاً في ألوان الهاتف، فجاء منه الأسود الفاحم، والأسود اللامع، مع خفض سُمك الهاتف بصورة ملحوظة، ليصبح أكثر نحافة وخفة.

وذكر تقرير هاينر أنه، عندما أطلقت الشركة «آي فون 7» ووصل إلى المستهلكين والمستخدمين، كانت هذه التحسينات أكبر من سقف التوقعات المنخفض، الذي ظلت الشركة تعمل على ترسيخه في فترة ما قبل الإطلاق، وبالتالي شعر المستهلكون والشركاء والمستخدمون بأن لديهم منتج فاق توقعاتهم، وليس سيئاً أو ضعيفاً أو قديماً بالدرجة التي صورتها التوقعات السابقة.

نجاح مزدوج

ووفقاً لتقرير هاينر، فإن الحملة حققت في هذه النقطة «ضربة معلم» ونجاحاً مزدوجاً، فهي من ناحية أوجدت مناخاً نفسياً إيجابياً للغاية مع المنتج، كونه حقق أكثر من المتوقع، ومن ناحية ثانية جعلت جمهور المستهلكين يتغاضى أو لا يلتفت كثيراً لبعض الجوانب التي تعود على أن تفعلها «أبل» في كل مرة تطلق فيها طرازاً جديداً من «آي فون»، مثل التغيير الشامل والجوهري في التصميم، وفي هذا النقطة صرفت الألوان الجديدة والنحافة الأشد، النظر عن مسألة التصميم، أما الإضافات الكبرى في الإمكانات، فغطت عليها التحسينات المميزة التي طرأت على عمر البطارية وسعة التخزين، مع إزالة منفذ سماعات الرأس، وتحسين قدرات الكاميرا.

سلوك متكرر

ولفت التقرير إلى أن النتيجة كانت استقبالاً هائلاً، ومبيعات منتعشة، إذ إن التوقعات تشير إلى أن «أبل» ستبيع أكثر من مليون جهاز من «أي فون 7»، خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري. كما اعتبر محللون أن ما جرى في هذه الحملة التسويقية لا ينفصل ولا يختلف عما تفعله «أبل» عادة في مواقف أخرى، جعلت لديها تاريخاً طويلاً في الإدارة الناجحة للعبة التوقعات، مشيرين إلى أن الشركة تعرف بمثل هذا السلوك في تنبؤاتها وتقديراتها لأسعار الأسهم، ولأدائها المالي، التي عادة ما تكون أقل من المتحقق فعلياً، كما تفعل ذلك مع التوقعات الخاصة بمعدلات النمو وغيرها.

مبالغة «غوغل»

وقارن تقرير هاينر، بين أداء «أبل» ونظيرتها «غوغل» في حملات التسويق، على ضوء أن «غوغل» ستعلن في الرابع من أكتوبر الجاري، عن هاتفها الذكي الذي يحمل اسمها وعلامتها التجارية. ورأى التقرير أن «غوغل» تبدو النموذج المقابل أو المناقض لـ«أبل»، فهي عادة ما تلجأ إلى المبالغة الشديدة في إمكانات وقدرات ما تقوم بإطلاقه من منتجات وخدمات جديدة، ثم يأتي المنتج أقل كثيراً من التوقعات مسبباً الإحباط، ومنتهياً أحياناً بالفشل.

وضرب التقرير مثالين على ذلك، الأول هو ما حدث مع خدمة «غوغل ويف»، التي أطلقت عام 2009 وصورتها «غوغل» على أنها «البريد الإلكتروني للمستقبل»، الذي لن يكون مجرد رسائل إلكترونية رسمية، كما هي حال الآن، بل سيضم التراسل الفوري والمشاركة في الصور والفيديو وخلافه، لكن انتهى به المطاف إلى الفشل والإلغاء. وكذلك الحال مع نظارة «غوغل»، التي قدمتها الشركة في حفل إطلاق ضخم، كان مصحوباً بقفزة لفريق من هواة القفز بالمظلات من طائرة تحلق فوق مقر الاحتفال، ثم انتهى بها المطاف أيضاً إلى الإلغاء عام 2015 وتحويلها إلى منتج جانبي للمؤسسات، لا تفضل «غوغل» أن تذكر عنه أي شيء.

ولذلك نصح تقرير هاينر، «غوغل» بأن تتعلم من درس «أبل»، وهي تطرح هاتفها الجديد، حتى لا ينتهى بها المطاف إلى الإحباط.

المصدر: الإمارات اليوم