فرنسا تعرض العربات الذهبية لملوك فرنسا للجمهور

منوعات

فتح قصر فيرساي التاريخي مخازنه وأعار بلدية أراس (شمال البلاد) مجموعة من العربات الملكية لتقديمها للجمهور في معرض يستمر حتى خريف العام المقبل، في شراكة ثقافية معهودة في فرنسا.

وتشكل هذه البادرة حدثاً فريداً لأنه أول معرض فرنسي يخصص للعربات التي تجرها الخيول وكانت من مستلزمات الأباطرة والبلاط، واستخدمت في النقل والسباقات والاستعراضات والأعراس وحفلات النصر وتسلية الأمراء الصغار وفي الجنازات، وفقاً لصحيفة “الشرق الأوسط” اليوم الأحد.

ويقدم المعرض المقام في متحف الفنون الجميلة عدداً من اللوحات والمنحوتات التي تصور تنقلات الملوك في عرباتهم المذهبة وهم يعودون منتصرين من المعارك، أو في العربات المتشحة بالسواد وهم ينقلون إلى المثوى الأخير. ومن أبرز المعروضات موكب عربات عرس الإمبراطور نابليون، وعربة الملك شارل العاشر، والناقلة المهيبة التي حملت رفات الملك لويس الثامن عشر.

ويطوف الزائر من خلال هذه المعروضات غير المعروفة للجمهور والموزعة في 1000 متر مربع في رحلة متتابعة زمنياً عبر تاريخ فرنسا، تأخذه من لويس الرابع عشر حتى الجمهورية الثالثة. وككل المعارض الحديثة فإن المتفرج لا يقف أمام قطع من الجماد فحسب، بل تجتذب أنظاره لوحات رقمية وأفلام تتحدث عن عمليات صيانة الممتلكات التاريخية ولوحات مضيئة وموسيقى تعبيرية مصاحبة وكل ما من شأنه أن يؤثث المكان بأجواء المعارك أو سباقات عربات الخيل أو الاحتفالات والأفراح الملكية.

واحتفلت باريس بزواج نابليون والأميرة النمساوية ماري لويز في الثاني من أبريل/نيسان 1810. وقد سارت فرق الحرس في مقدمة موكب العرس، وأحاط به المارشالات على خيولهم، ثم مركبات أفراد العائلتين الملكيتين والحاشية التي زاد عددها على 50 عربة مزينة. واجتازت العربة الإمبراطورية حاجز ساحة النجمة، ومرت من تحت قوس النصر الذي لم يكن منجزاً بالكامل وجرى استكماله، مؤقتاً، بالخشب والقماش، لضرورة المناسبة. ومن هناك هبطت عربة العروسين لتقطع جادة “الشانزليزيه” التي اصطف فيها آلاف المحتفلين.

وحسب التقاليد الملكية فإن عربة العروس تسير فارغة، لذلك جلس الإمبراطور والإمبراطورة المقبلة في العربة التي كانت قد استخدمت في حفل التتويج. وهذه العربة لم تعد موجودة اليوم.

وصل الموكب إلى حدائق “التويلري”، وترجل العروسان والضيوف من العربات وساروا على الأقدام إلى الصالون المربع في “اللوفر” الذي تم تحويله إلى كنيسة مؤقتة لإجراء المراسم الدينية للزواج، أمام الكاردينال فيش.

ويمكن لزائر المعرض أن يأخذ فكرة عن الحدث من خلال الجدارية التي رسمها “غارنييه”، وعكست فخامة المناسبة ومظاهر البذخ الإمبراطوري فيها، فقد أبدع نجار العربات الباريسي “غيتينغ” في صناعة العربة التي حملت اسم النصر (فيكتوار)، وكانت واحدة من 54 عربة سارت في موكب العرس، بينها 34 عربة تمت التوصية عليها خصيصاً لنقل ضيوف المناسبة، وتفرغ لاستكمال تجهيزها في الموعد المحدد 14 عاملاً ماهراً من أفضل ورشات باريس، ما بين نجار وحداد ونقاش ومركّب زجاج وصانع عجلات وصبّاغ.

وقد حفر كل أولئك الحرفيين أسماءهم على مقدمة العربات. وقد استخدمت تلك العربات، بعد إعادة طلائها، في مناسبة ثانية هي زواج الإمبراطور نابليون الثالث وأوجيني دو مونتيجو عام 1853.

ولعل من بين أجمل المعروضات عربة تتويج الملك شارل العاشر التي صنعت في باريس وسارت إلى مدينة رانس لتستخدم في المناسبة. وتتميز العربة بعجلاتها المنحوتة والمطلية باللون الذهبي التي خشي عليها من أن تتضرر بسبب من طول المسافة بين المدينتين، ذهاباً وإياباً. لكنها قامت بواجبها حاملة ثقلها البالغ 4500 كيلوغرام. وعدا عن اسم الملك، نقشت على الجانب الأمامي للعربة عبارة “الحذر والحكمة”، وعلى الجانب الخلفي: “العدالة والقوة”. أما على البابين الجانبيين فقد رسمت الرموز التي تدل على القوات العسكرية الفرنسية.

وفي عام 1809، لدى وفاة المارشال لان، المعروف بدوق مونتيبيلو، تمت، على عجل، صناعة عربة خاصة لنقل نعشه إلى المقبرة، وجيء بألواحها الخشبية من لوحات كانت مرسومة مسبقا وتحمل توقيعات 3 من كبار الحرفيين: بريلو، ودوفو، ودالدريغن.

وقد استخدمت العربة نفسها، في ما بعد، لنقل جنازة دوق بيري، وكان قد اغتيل عام 1820، كما نقلت بعد 4 سنوات من ذلك التاريخ، في مناسبة ثالثة، جنازة الملك لويس الثامن عشر. وفي ذلك اليوم من صيف 1824، جرت 8 خيول موشحة بالقطيفة السوداء الجثمان من حدائق “التويلري” وحتى مقبرة “سان دوني”، شمال باريس، وحملت في قمتها تاج فرنسا مسنوداً بباقة من الزنابق الطبيعية وبـ4 منحوتات تحمل مشاعل منكسة، دليلاً على الموت والحداد. وزينت العربة بريش النعام الأسود اللون وتويجات الورد الأبيض. وقد سمحت بعض التبرعات بترميم هذه العربة في عام 1995.

ومن أثمن العربات تلك التي تكلفت 50 ألف فرنك لتحمل دوق بوردو، الذي كان طفلا، بمناسبة مراسم تعميده، عام 1821، إلى كاتدرائية نوتردام في باريس. وقد تولت آنسات وسام الشرف تطريز مهد المحتفى به بنقوش مستوحاة من الثمار وأغصان الشجر. وتتسع العربة المبطنة بالقطيفة والحرير والساتان الأبيض لـ4 أشخاص. أما السقف فقد تم تطريزه بخيوط الذهب والحرير. وفي عام 1856 تم استخدام هذه التحفة في حفل عماد الأمير الإمبراطوري، نجل نابليون الثالث، كما عرضت في المعرض الكوني الذي أقامه السلطان العثماني عبد العزيز عام 1867. وقد قتل السلطان بعد 4 أيام من تنحيه عن العرش في العام نفسه.

 المصدر: العربية