نصير شمّه : الموسيقى جسر المحبة والسلام بين الشعوب

منوعات

أكد أستاذ العود العربي، وسفير الأمم المتحدة للسلام، الموسيقار العالمي نصير شمة أن «الثقافة والفنون عامة، والموسيقى خاصة، يمكنها أن تكون الجسر الذي يشيد علاقة مبنية على الحب والاحترام بين الشعوب والدول، وأن الثقافة، مع الاقتصاد والرياضة، من أفضل السبل والآليات التي تعزز العلاقة العربية العربية، وتجعل من هذا الوطن العربي وطناً يفكر بالسلام، وبالحب الحقيقي، وبنجدة الآخر.. لافتاً إلى أن التأثير العميق للثقافة يتجلى على الصعيد الإنساني، فهذه الأدوات الناعمة يمكنها أن تكون أداة مهمة جداً، حتى على المستوى السياسي، لأنها تملك القدرة على تغيير النظرة إلى أي مجتمع».

جاء ذلك في تصريح خاص بـ «الاتحاد» عقب أول عرض أوركسترالي قدمه نصير شمة و35 عازفاً ومبدعاً، مساء أمس الأول، في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) في مدينة الظهران بالمملكة العربية السعودية، والذي يستضيف ثلاثة عروض موسيقية في الفترة من 20 إلى 22 ديسمبر الحالي.

وأعرب نصير شمة عن سعادته البالغة بهذه التجربة، مؤكداً أن العزف في المملكة العربية السعودية إنجاز حقيقي، وقال: «الجمهور رائع جداً، وهو متعطش للموسيقى والإبداع والجمال والفن، ويستقبل ما يقدم له بحب وشغف».

وكانت تذاكر الحفلات الثلاث قد نفدت جميعها قبل 72 ساعة من الحفل الأول، وعلق نصير على ذلك قائلاً إن عدداً كبيراً من السعوديين يحرصون على سماعه وحضور أمسياته في كل مكان، وأن بعضاً منهم جاء خصيصاً لحضور إحدى حفلاته في برشلونة، وأضاف: «السعوديون يتابعون الفنان الذي يحترمونه ويحظى بتقديرهم».

أول عروض نصير شمة في السعودية

وكشف نصير شمة لـ«الاتحاد» عن ورشة عمل سيعود لإقامتها في مركز «إثراء»، وأن عدد المتقدمين لها بلغ 150 طالباً، وتقام الورشة بالتعاون بين بيت العود في أبوظبي، وبيت العود في مصر، مؤكداً أن مركز إثراء سيسهم في الفترة القادمة في تقديم عازفين سعوديين مهرة، وصناع للعود وللآلات الجديدة.

وعن طبيعة هذه التجربة اللافتة التي تقدم موسيقى من 2350 سنة قبل الميلاد، والتي حظيت بنجاح ساحق في برشلونة، قال شمة: «بعد النجاح الكبير الذي حققه عرض «برشلونة» ضمن مهرجان أبوظبي، وبالشراكة مع إدارة الثقافة والسياحة – أبوظبي، تأكد لنا أن هناك إمكانية لتقديم الفكرة في كل دول العالم. فهذه الأوركسترا لديها ما تضيفه إلى الموسيقى العربية، بل والموسيقى العالمية، وهي تقدم العود مع خمس آلات موسيقية جديدة، تم تصنيعها في ورشة بيت العود التابع لدائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي التي أصبحت واحدة من أهم ورش صناعة العود في المنطقة كلها»، لافتاً إلى أن هذا الإنجاز والجهد الكبير «تحقق بفضل العناية التي يلقاها بيت العود وورشته».

وعن الاستقبال اللافت الذي حظيت به الحفلات لدى الجمهور السعودي أكد شمة أن السعوديين «يتذوقون الموسيقى على نحو بارز، وأن العود موجود في الكثير من البيوت السعودية»، مدللاً على هذا الشغف والحب بالألوان الغنائية الموجودة في المناطق القديمة مثل نجد والحجاز، والتي تتميز بأساليب وأشكال غنائية تعرف بها وتحمل أسماءها، وهي أشكال تراكمت وأصبح لها ميزة وهوية خاصة بها، ويمكن للمرء أن يتعرف عليها بمجرد سماعها؛ فهذا لون حجازي، وهذا نجدي، وذاك من الطائف.. وحتى تلاوة القرآن لها أساليبها التي تشبه هذه الطرق والمقامات والأبعاد المتواجدة في مناطق المملكة المترامية. هذا بالإضافة إلى أن الأوركسترا تقدم صوتاً جديداً، بعد أن التم شمل عائلة العود بإضافة خمسة أعواد هي: عود لين ، عود لا، عود لو، عود باس، وسوبرانو.

وأكد نصير أن هذه العروض في المملكة العربية السعودية «ستبقى طويلاً في ذاكرة الجمهور، وذاكرتي وذاكرة العازفين المشاركين في هذا الحفل، من خريجين ومدرسين، من بيت العود في أبوظبي، وبيت العود في مصر، والإسكندرية، والعراق، ولبنان، والسودان، وفلسطين، والكويت، واليمن وليبيا، من كل الدول العربية اجتمعت هذه الأوركسترا، ولم يكن هذا ليحدث لولا الجهد الكبير الذي بذله «إثراء» وفريق بيت العود الإداري برئاسة الإماراتي محمد الحوسني، فالعازفون موزعون بين 20 دولة وجمعهم ليس هيناً لكن هذا الصرح الثقافي «إثراء» نجح في تحقيق ذلك، وتميز بحسن تنظيم لافت للانتباه، ورغم أن المسرح جديد إلا أن المواصفات، والخبرة، وطريقة إدارة الحدث تميزت بحرفية عالية مع كل الأمور الفنية.. كل ذلك، ساهم في خلق هذا النجاح الإيجابي للحفلات.

وختم شمّه: «العود ليس فقط آلة من الآلات الموسيقية، بل يمثّل تراثاً ثقافياً عظيماً، والحفلات الموسيقية التي أقدمها في السعودية أكثر من عروض موسيقية؛ فهي جولة ثقافية من الماضي إلى الحاضر».

المصدر: الاتحاد