«نزاهة» والخصخصة.. مبادرة الوعي المسؤول

آراء

تمثّل الخصخصة في رؤية المملكة 2030 شراكة مطلقة مع القطاع الخاص لدعم فرص الابتكار والاستثمار، وتذليل كافة العقبات أمامه للقيام بدور أكبر في التنمية، وتطوير وتفعيل المنظومة التشريعية المتعلقة بالأسواق والأعمال، بما يسهّل للمستثمرين والقطاع الخاص فرصاً أكبر لتملك بعض الخدمات في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات البلدية والإسكان والتمويل والطاقة، وتحويل دور الحكومة من مقدم أو مزود للخدمة إلى منظم ومراقب للخدمات، حيث تتوقع الرؤية الوصول بمساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من (40 %) إلى (65 %)، وتقدم ترتيب المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجيستية من المرتبة (49) إلى (25) عالمياً، والأول إقليمياً.

ويناقش مؤتمر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» الذي يبدأ أعماله بعد غدٍ الأربعاء برعاية من خادم الحرمين الشريفين؛ بعنوان (حماية النزاهة ومكافحة الفساد في برامج الخصخصة) مخاطر الفساد في برامج الخصخصة، وطرق اكتشافها، والآثار الناتجة عنها، من خلال حزمة من التدابير الوقائية المناسبة في عملية المتابعة، وكفاءة القوانين والسياسات والإجراءات، ودور وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني في المشاركة، وكل ذلك في إطار تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

لقد نجحت «نزاهة» خلال السنوات الثلاث الماضية في تعزيز علاقاتها الإيجابية مع المجتمع ومؤسساته وأفراده، والتوازن في تقديم دورها على أساس من المشاركة والتعاون والتوعية، وليس فقط ممارسة دورها الرقابي في تتبع حالات الفساد، وهو ما يعبّر عن وعي مسؤول من أن الفساد مشاركة مجتمعية لاجتثاثه، وخطط وبرامج استباقية لمحاصرته، وفعل نظامي وتنظيمي في تقديم أدلته.

يحسب لهيئة مكافحة الفساد أنها سباقة ومبادرة لمناقشة أحد أهم مرتكزات رؤية 2030 وهو برنامج الخصخصة، واستعراض احتمالات شبه الفساد التي قد تنشأ عن تطبيقه، وتقديم التوصيات للمؤسسات الحكومية والخاصة أيضاً في التعامل معه، واستدراك ما يجب أن تكون عليه العقود في تنفيذه، والإفادة من التجارب الدولية بما يحقق تطبيق أفضل الممارسات لضمان استدامته وتحقيق أهدافه.

لا يمكن أن ينجح برنامج الخصخصة في القطاعات الحكومية من دون أن يكون هناك التزام في حماية النزاهة ومكافحة الفساد، وهو مؤشر على أن المسؤولين في «نزاهة» واعون للتفاصيل الدقيقة جداً في برنامج الخصخصة، وشركاء أيضاً في تسديد الثغرات المحتملة في تطبيقه، والتصدي مبكراً لما قد ينتج عنه من تجاوزات مالية وإدارية، وملامستها بكل شفافية، والتحذير منها.

«نزاهة» تمثّل اليوم أحد أهم دعائم رؤية 2030، ويعوّل عليها كثيراً في تحسين البيئة الاستثمارية في المملكة، وتحفيز المستثمرين المحليين والأجانب على المشاركة، والثقة بها كجهاز وطني مسؤول ليس فقط في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ولكن أيضاً أن تبعث برسالة اطمئنان إلى شركاء السعودية الجديدة من أن برامج الخصخصة لن يطالها فساد، أو تضييع للحقوق.