هل أنت متقدم أم متذبذب

آراء

هناك نوعان من الأنماط السلوكية لدى الناس: التقدم أو التذبذب. التقدم هو نمط يصبح فيه النجاح الذي حققه الإنسان منصة للنجاحات التالية في المستقبل، حيث يبني الإنسان على نجاحه السابق، ويُكوّن الزخم اللازم بمرور الوقت، وهنا تقود تلك النجاحات إلى نجاحات أخرى، وبالتالي يدفع ذلك الإنسان إلى الأمام، فيصبح النمط السائد لديه هو التقدم. أما في النمط المتذبذب فيتم تحييد النجاح الذي حققه الإنسان، بمعنى أنه ينجح في مهمة أو خطوة ما، ثم ينشغل بشيء آخر يلهيه عن الاستمرار في المسار الذي بدأه، وبالتالي ينطفئ أو يتلاشى الزخم الذي حققه، فكل خطوة إلى الأمام تليها خطوة إلى الوراء، وبالتالي لا يمكن للنجاح أن يستمر على المدى الطويل. تلك خلاصة قراءات قمت بها الأسبوع الماضي لكاتب ومخرج اسمه روبرت فريتز، وهو من رواد التعلم المؤسسي، كذلك من خبرات فريق خبير التعلم المؤسسي «بيتر سينج».

يذكرني النمط الأول بشخصيات كثيرة، مثل ستيف جوبز، فكل نجاح حققه كان يتبعه نجاح آخر، ومنتجات أخرى من شركة أبل، ويحضرني أيضاً نموذج محمد صلاح، الذي لا يتوقف عن الاستثمار في نفسه والتعلم والتدريب الدائم، وبالتالي تتوالى نجاحاته، ولا يلتفت كثيراً إلى منتقديه أو حتى لأي فشل عابر، حيث ينهض بسرعة، ويكمل مسيرة النجاح والتقدم، لذا فهو من النمط الأول. أما النمط الثاني فأعتقد أن الغالبية العظمى من البشر يمكن تصنيفها ضمن هذا النمط، وهو النمط المتذبذب، حيث يحقق الإنسان بعض النجاحات، لكن لا يحافظ عليها، مارادونا مثلاً حقق نجاحات عظيمة، وتقدماً هائلاً، لكن بعد ذلك ارتبط اسمه بالإدمان، وتدهور أداؤه بصفة مستمرة. شركات كثيرة ظهرت للنور وحققت نجاحاً كبيراً، لكن سرعان ما اختفت. وفي مجال التكنولوجيا يمكن أن نتذكر «بلاك بيري»، وكذلك «نوكيا»، «وكوداك»، فهي أمثلة كثيرة على التذبذب، وعدم الحفاظ على النجاح الذي تحقق، وقد حاولت «نوكيا» مراراً النهوض، لكنها لم تستطع المنافسة. وهناك مديرون تنفيذيون حققوا نجاحات عظيمة، وعند الانتقال إلى شركات أخرى لم يتمكنوا من تحقيق ذلك النجاح.

يعتمد الموضوع على فهم الذات بدرجة كبيرة، والبداية أن يسأل الإنسان نفسه: هل أنا متقدم أو متذبذب؟ ويمكن بسهولة إذا كان الإنسان صادقاً مع نفسه أن يكتشف أي نمط هو، ومن هنا ستأتي الخطوة التالية، فإذا كان الإنسان من النمط الأول، فهنيئاً له، وليستمر كما هو، أما إذا كان من النمط الثاني (المتذبذب)، فهذه خطوة جيدة يتبعها معرفة ما الذي يؤدي إلى ذلك التذبذب، هل هو نقص الإمكانات؟ أم نقص الدافع؟ هل هناك عوائق واضحة ومعروفة؟ أم أنه مجرد كسل وتسويف للأعمال التي يجب القيام بها؟ وبالتأكيد فمعرفة السبب يساعد كثيراً في رسم لوحة لحياة الإنسان بالطريقة التي يتمناها، ولكل مشكلة حل، إن التفكير باستخدام الورقة والقلم، وتحديد الهدف أو النتيجة المراد الوصول إليها، ثم تدوين الخطوات والمسار الذي سيؤدي إلى تحقيق ذلك الهدف أو النتيجة مع سرد الدعم المطلوب لتحقيق ذلك سيساعد على الأقل في معرفة خط سير الإنسان للوصول للنتيجة المرجوة والخروج من حالة التذبذب.

الامارات اليوم