زاهي حواس
زاهي حواس
وزير الدولة لشئون الاثار المصرية السابق

هل ذهب رمسيس الثالث إلى السعودية؟

آراء

هناك العديد من الأدلة التي تثبت أن ملوك مصر القديمة أقاموا علاقات تجارية مع جيرانهم خلال الدولة القديمة والوسطى، أي منذ حوالي خمسة آلاف عام، حيث كنا نستورد الزيوت من سوريا وفلسطين وخشب الأرز من لبنان. ولكن بدأ الفراعنة خلال عصر الدولة الحديثة، أي منذ حوالي ثلاثة آلاف عام، يتوسعون بحدود مصر ويقومون بحملات حربية في مناطق شرق وجنوب مصر. أما سبب القيام بهذه الحملات فقد حدث أن دخل الهكسوس مصر من طريق شبه جزيرة سيناء، وعاشوا في مصر حوالي 150 عاماً واتخذوا من العاصمة أواريس في الدلتا مقراً لهم. ومن الغريب أنهم تمصروا تماماً وكتبوا أسماء ملوكهم داخل خراطيش، وعاشوا مثل الفراعنة وجاءوا لمصر ومعهم الحصان والعجلة الحربية.

ظهر الملك سقننرع في قصره بالأقصر وكان في حيرة من أمره، فجمع مستشاريه وقال لهم: «كيف أحكم وهناك آسيوي يعيش في الدلتا وزنجي يعيش في الجنوب»، وبدأ هذا الملك العظيم حرب التحرير ضد الهكسوس، ومات في أول معركة حربية لتحرير مصر. وقد قمت مؤخراً ومعي الدكتورة سحر سليم أستاذة الأشعة بكلية طب القصر العيني ووضعنا مومياء سقننرع تحت جهاز الأشعة المقطعية. وعرفنا من خلال دراسة المومياء أن هذا الملك تم أسره على يد الهكسوس وقاموا بربط يديه إلى الخلف وتم طعنه سبع طعنات حتى الممات، واستطعنا أن ندرس الأدوات الحربية الموجودة بالمتحف المصري ونقارنها بالجروح التي أصابت الملك. وبعدها قام جنوده بنقله إلى طيبة لكي يتم تحنيطه ملكياً. وبعد ذلك قام ولداه كامس وأحمس بطرد الهكسوس من مصر بعدما استخدموا أسلحة الهكسوس نفسها وأهمها العجلة الحربية والخيل.

قام الفراعنة بتأمين سيناء والاستيلاء على المدن في سوريا وفلسطين والعراق، ولكن لا يوجد لدينا أي دليل على أن الفراعنة قاموا بأي علاقات تجارية خلال الدولة القديمة مع الجزيرة العربية، وأيضاً لا يوجد أي تسجيل يشير إلى حملات حربية بالجزيرة العربية، لذلك جاء كشف يحمل اسم الملك رمسيس الثالث بمنطقة تبوك بمحافظة تيماء ليثبت أن العلاقات بين مصر والجزيرة العربية لم تكن علاقات عدوانية بل علاقات تجارية.

ويعتبر هذا النقش أول نقش هيروغليفي يعثر عليه حتى الآن في الجزيرة العربية على صخرة ثابتة وعليه توقيع ملكي (خرطوش) وقد حدث ذلك منذ ثلاثة آلاف عام. لذلك يؤكد هذا النقش وجود علاقات تجارية مباشرة مع مصر.

وقد كشف عدد من الأثريين السعوديين عن طريق تجاري كان يربط بين وادي النيل بتيماء والشمال الغربي للجزيرة العربية في عهد الملك رمسيس الثالث آخر الملوك العظام في الأسرة العشرين. واتضح أن هذا الميناء قد استخدمه الملك رمسيس الثالث للاتصال بالسعودية. وكانت القوافل المصرية تقف عند تيماء للحصول على ما اشتهرت به أرض مدين من البخور والنحاس والذهب والفضة.

المصدر: الشرق الأوسط