وجه أمي وزوجتي وابنتي هو وجهي.. فأين العورة؟

آراء

أين المرأة؟ لا أراها.. إنها نائبة وزارة وفي مجلس الشورى.. لكنها تخرج منهما باحثة عن محرم لها أو سائق أجنبي يوصلها للمنزل كأي قاصر صغير.

إن ذكرتهم بزمن الصحابة والصحابيات، قالوا لك: لسنا في زمن الصحابة نحن في زمن الفتن، فتنظر حولك فلا ترى أكبر على الأمة الإسلامية من فتنة “داعش” والقاعدة وأشباههما، فتسألهم: هل تقصدون هؤلاء؟ فيقولون: نحن لا نقصد “المجاهدين” بل نقصد كشف المرأة لوجهها وقيادتها للسيارة، فتدرك أن الشق في عقولهم أكبر من أي حجة دامغة يأتي بها الحكماء وذوو الرأي والحلم على المستوى السياسي والفكري والاجتماعي، فما الحل؟

الحل هو تكرار ما فعله السعوديون قيادة وشعباً مع هؤلاء منذ تحريمهم لتعليم المرأة وصولا لتحريم اللاقط الفضائي وبينهما “جوال الباندا”، قليل من المجاملة والأخذ بالخاطر، مع ترك القافلة تسير نحو المستقبل، ولا بأس من ترضيتهم بالطريقة القديمة نفسها فيتم أخذ رأيهم المعروف سلفاً، وتذكيرهم أن رأيهم ليس وحياً من رب العالمين، وليسوا أنبياء من أولي العزم ليعزموا علينا بالتهديد والوعيد، بل هم مثلنا تماماً يجب عليهم من الاستغفار مثل ما يجب على أي مسلم فينا، وتبقى تجاعيد الزمن تحفر تاريخها الأكيد على ديدنهم في تكرار أخطائهم، ليكونوا نتاجاً لتاريخ طويل من عدم التواضع الديني، فالعاصي قد يعود إلى ربه، ولكن المتزمت في دينه كيف تريده أن يرى خطله وهو يرى نفسه معيار العدل والتقوى، ولهذا فلا غرابة أن يخرج على الرسول نفسه من يقول له: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل، فهل بعد النبي الكريم من عدل، ولكنها النفس المتزمتة تأبى الحق إلا بعينها الضيقة فقط، وما عداها فساء سبيلا، فهل لنا أن نقول: بل ساء ما تحكمون، لا صنتم عرضاً، ولا حفظتم لساناً، ولا رأيناكم إلا مفلسين أنتم ومن ترونهم مجاهدين كما في حديث المفلس في صحيح مسلم.

الفتوى مقننة، الفتوى لا تؤخذ من فلان بل من فلان، وتناسوا أن يوضحوا للناس أن الفتوى مبنية على استفراغ الجهد في سبيل تكوين رأي فقهي يرجح عند صاحبه، وقد لا يرجح عند غيره وليس ملزماً، بخلاف القضاء المبني على الحجة وفيه الإلزام، فكيف لو علموا أن مسائلهم لا تحتاج فتوى، بل هي منقولات جاهزة عن علماء سابقين قطعوا أعمارهم فيها بالبحث والتأصيل، وأقروا فيها بالخلاف بينهم، فلم يبق للاحق سوى النقل عن من ارتضى أخذ دينه عنه، فهل هناك من يغامر فيقنن الأخذ عن السلف الصالح فيما اختلفوا فيه ما دام في نطاق الفتوى، ولم يتحول إلى تقنين فقهي يتجلى في مدونة قضائية ملزمة، فلماذا صمت الفقهاء الآن على ما علموا من سعة الخلاف؟ ولماذا غمط الناس حقوقهم، وأول الحق وأوجبه حريتهم الخاصة في ضروراتهم الخمس وفق سماحة ويسر وسعة هذا الدين العظيم.

يقولون نقلاً عن عمر – رضي الله عنه -: أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، ونقول بل الأولى أن ننظر لديننا بما أثر عن النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم في قوله -: “اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين”، ولهذا فلو أن الدين في هذه البلاد انتظر قيامه على يد من قضوا نحبهم في (السبلة) لكانت الجزيرة العربية حتى هذه اللحظة لم تستخرج نفطاً، ولم تقم حضارة، بل ترى دينها غارات وغزوات فجة جلفة تهلك الحرث والنسل باسم الدين بحثاً عن الغنائم قوت يومها، لكن الله رحم الأرض بهذا العبقري الذي تجاوز نظره آفاق فقههم الضيق، فعرف حقيقة الدين وباطن السياسة، فكان الخادم لدينه، المحب لشعبه، المعز لنفسه ولمن وراءه، ثم جاء أبناؤه، فعاد هؤلاء يبحثون عن لين توهموه عجزاً ليمنعوا عنا الإذاعة والتلفزيون بأسطوانتهم المشروخة في التحريم، وعلينا تخيل الواقع الذي نعيشه الآن لو خضع السياسي لمثل هذه الممانعة العقيمة.

على طول تاريخ الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبدالعزيز وصولا للملك عبدالله لم يتقدم هؤلاء بمطالب تنموية تطويرية، وليس من شأنهم هذا، ولا يعنيهم، ولم يشغلوا أنفسهم به، باستثناء (مشروع هدم الحرم للفصل بين الجنسين)، فلا يعنيهم من التنمية إلا المحاجة بها عند النقاش في قضايا تحريمهم، كقولهم: الأرامل أولى بالاهتمام من قضية قيادة المرأة للسيارة، وعندما تدخل وزارة العمل بحلولها للأرامل، يسوؤهم ذاك فيتعللون بشروطهم الشرعوية وليست الشرعية لعمل المرأة، كأنما مناط الأسرة السعودية تحليلاً وتحريماً بيدهم ليحكموا بيوتنا فيقررون لنا فيها ما تلبسه وتعمله نساؤنا وبناتنا، متناسين أن الأسرة في هذه البلاد تعرف ما لها وما عليها في حفظ أعراضها من قبل أن يولد أجداد أجدادهم، فمن أوهمهم أن حفظ أعراضنا وعرض آبائنا وأجدادنا قد بدأ بهم لينتهي إليهم، من أعطاهم هذا الوهم وكيف صدقه البعض على نفسه وعلى أهله، لكن الشق في عقولهم كما قلت في أول المقال أكبر من رقعة لا يعالجها سوى الزمن وقافلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إن سارت للأمام، فلن يسع هؤلاء سوى اللحاق بها زاعمين أنهم من صانها أن تتوه، لنغمز لبعضنا قائلين: هل نقبل منهم تكرار هذه التمثيلية دائماً، ليظنوا كما ظنوا دائماً أننا صدقناهم؟! ليس من المروءة إحراجهم بل دواء الشق في عقولهم يكون بالتغافل ففيه تسعة أعشار حسن الخلق، ولهذا فلا تنشغلوا بهم… وتذكروا أن هؤلاء إن رؤوا القافلة سارت وتركتهم، سيستنطقون تزمتهم من جديد ليحللوا ما قد حرموه من قبل كي يلحقوا بكم.. فقط غذوا الخطى للأمام.

المصدر: الوطن أون لاين
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleId=24303