وكالات التصنيف توجه إنذاراً شديد اللهجة حول مستقبل الاقتصاد القطري

أخبار

اعتبر خبراء ماليون قرار وكالات التصنيف الائتماني الدولية بتعديل النظرة المستقبلية للاقتصاد القطري إلى «سلبية» إنذاراً شديد اللهجة للقيادة القطرية بأن تداعيات المقاطعة التي فرضتها الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب لن يتحملها الاقتصاد القطري.

وقالوا إن النظرة المستقبلية «السلبية» تعد خطوة طبيعية ومتوقعة بعد قرار الوكالات الدولية بتخفيض التصنيف الائتماني السيادي لدولة قطر، معتبرين أن هذا التطور يعد مؤشراً سلبياً خطيراً لا يمكن تجاهله، حيث يؤكد وجود تغيرات سلبية سواء اقتصادية أو سياسية تؤدي إلى وضع مالي أضعف لقطر، وكذلك زيادة المخاوف حول مستقبل اقتصاد تلك الدولة واحتمالية مواجهه مشكلات أكبر في المستقبل.

ويُعرف التصنيف الائتماني السيادي، بأنه تقدير تجريهِ بعض الوكالات التجارية المتخصصة لتقدير صلاحية أو أهلية أو جدارة الدولة للحصول على قروض، حيث تُجري وكالات التصنيف الائتماني دراسة حول إمكانيات الدولة المالية، ومدى ائتمانها على القرض، وقدرتها المالية على تسديدهِ، مع الأخذ في الحسبان السجلات الخاصة بالدولة وتصرفها وسلوكها في الماضي بالنسبة إلى قيامها بتسديد ديونها.

وأكد الخبراء أن حصول قطر على تصنيف ضعيف، يجبر الدولة على سداد عائد أو فائدة أعلى على إصداراتها السيادية من أذون خزانة أو سندات أو صكوك، كما يقلل جاذبية تلك الإصدارات في الأسواق العالمية.

وأوضحوا أن التأثير سيظهر على البورصة القطرية عبر انخفاض ربحية الشركات المُصدرة للأسهم بسبب تضرر الاقتصاد القطري، وأيضاً عبر انسحاب المؤسسات المالية الأجنبية وعزوفها عن دخول السوق القطري، في ظل تزايد القلق حول سعر صرف العملة وحول مستقبل الاقتصاد، ما يجعل تلك الشركات تفضل الاستثمار في أسواق مالية أخرى، مشيرين إلى أن مثل هذا الإجراء يزيد تكلفة التأمين على الديون السيادية لقطر من مخاطر التخلف عن السداد، وينذر كذلك ببدء تخارج الاستثمارات الأجنبية من قطر لتفاقم الأزمة السياسية مع الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب.

وكانت وكالة «ستاندرد آند بورز» أكدت التصنيف الائتماني لاقتصاد قطر عند ‭AA-»‬»، لتعدل النظرة المستقبلية إلى سلبية، متوقعة أن تفضي المقاطعة التي تفرضها دول عربية ودول أخرى على قطر إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وعرقلة الأداء المالي لها.

وأكدت الوكالة أن التوقعات تشير إلى أن السلطات القطرية ستستمر في محاولة إدارة آثار المقاطعة ما يتهدد الاقتصاد بمخاطر أثرت على التصنيف، وهو سبب تعديل النظرة المستقبلية إلى «سلبية». وحذرت «ستاندرد اند بورز»، من أن التوترات الحالية تضعف التماسك، وتزيد صعوبة التنبؤ بالسياسات، خاصة بالنسبة لقطر، مستبعدة أن تغير قطر أو الدول المقاطعة مواقفها في الوقت الحالي.

على الصعيد نفسه، خفضت وكالة «موديز» النظرة المستقبلية لـ 9 بنوك قطرية من «مستقر» إلى «سلبي»، وهي «قطر الوطني» و«الدوحة» و«الخليجي التجاري» و«الأهلي» و«بروة» و«قطر الدولي» و«مصرف الريان» و«الدولي الإسلامي» و«مصرف قطر الإسلامي»، في حين ثبتت نظرتها السلبية للبنك التجاري القطري. وقالت الوكالة إن التصنيفات السلبية لهذه البنوك تستند إلى عوامل مثل ضعف البيئة التشغيلية المحلية، خاصة بالنسبة للتمويل المصرفي، وضعف قدرة الحكومة على دعم البنوك المحلية، أدى إلى خفض التصنيف الاقتصاد الكلي لقطر.

وتحاول البنوك القطرية الحد من تأثير الأزمة القطرية، بعد نزوح 7.5 مليار دولار من الودائع الأجنبية، و15 مليار دولار من الودائع والقروض المتبادلة بين البنوك، بحسب بيانات «المركزي القطري». ومن المتوقع أن تفقد البنوك في الدوحة مزيداً من الودائع تتراوح بين 3 إلى 4 مليارات دولار في الأشهر القليلة القادمة، الأمر الذي حذرت منه وكالة «فيتش» في تقريرها، إذ بينت أن سحوبات الودائع غير المحلية من البنوك القطرية ستؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل عليها بسبب اشتداد المنافسة على الإيداعات، ما سيضغط على هوامش ربحيتها.

وبدأت البنوك القطرية تتجه إلى آسيا وأوروبا بحثاً عن التمويل بعد أن سحب عملاء من دول عربية أخرى مليارات الدولارات من حساباتهم عقب أزمة المقاطعة، إلا أن النظرة السلبية تزيد الوضع سوءاً بالنسبة للاقتصاد القطري.

وتفصيلاً قال وليد الخطيب، الشريك في شركة جلوبال لتداول الأسهم والسندات، إنه رغم أن الأزمة المالية العالمية التي حدثت قبل سنوات أظهرت بعض الشكوك حول جودة التصنيفات التي تصدرها بعض مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية، إلا أنه لا يمكن تجاهل حقيقة أن تخفيض التصنيف الائتماني أو تعديل النظرة المستقبلية إلى سلبية يعد مؤشراً سلبياً خطيراً لا يمكن تجاهله، مؤكداً أن تخفيض النظرة المستقبلية لقطر من مستقرة إلى سلبية، كان أمراً متوقعاً ويؤثر بالسلب على كافات قطاعات الاقتصاد القطري وخاصة الشركات العاملة في الدولة.

وأوضح الخطيب، أن تراجع التصنيف الائتماني وحصول قطر على تصنيف ضعيف يمنعها من إصدار أذون الخزانة أو الصكوك السيادية، كما يجعل الشركات والمؤسسات والبنوك تدفع تكلفة أعلى عندما ترغب في إصدار صكوك أو سندات حيث ستتوقع الجهات المُقرضة عائداً أعلى من الماضي نظراً لزيادة المخاطر، محدداً تلك المخاطر في زيادة مخاطر عدم قدرة الدولة على سداد التزاماتها، فضلاً عن زيادة مخاطر بالنسبة لسعر صرف العملة المحلية، من حيث توقع استمرار تراجع سعر صرف الريال القطري مقابل العملات العالمية الرئيسة.

وأشار الخطيب، إلى أن توافر سيولة حالياً لدى قطر من خلال أموال جهاز قطر للاستثمار لا يحصنها من وجود مخاطر كبيرة ومخاوف مستقبلية حول قدرة الدولة على سداد التزاماتها.

وأرجع ذلك إلى أن تلك السيولة يمكن استخدامها على المدى المؤقت وليس المتوسط أو طويل الأجل ما يعني أن هناك مشاكل عدة ستبدأ في الظهور طالما استمرت المقاطعة العربية، منوهاً بأن محاولات الحكومية القطرية بالتغطية على الخلل الحادث عبر تيسير منح التأشيرات للمستثمرين والسياح وبعض المزايا للمقيمين لا يمكن أن تكون حلولاً فعالة لمعالجة تداعيات المقاطعة الخليجية.

وفيما يخص تأثير تخفيض التصنيف الائتماني وتعديل النظرة المستقبلية إلى سلبية على سوق الأسهم القطرية، أجاب الخطيب، أن التأثير سيظهر عبر ناحيتين أولهما تأثر أرباح الشركات المدرجة في سوق الأسهم من تضرر الاقتصاد القطري والتراجع المحتمل في الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية والذي يعد المصدر الرئيسي لربحية الشركات العاملة في الدولة، إلى جانب تأثر تعاملات تلك الشركات مع الدول الخليجية في ظل المقاطعة والذي يؤثر على ربحيتها بشكل كبير.

وأضاف أن التأثير الثاني سيظهر من خلال عزوف المستثمرين الأجانب عن الدخول إلى سوق الأسهم القطري الذي يقوم على قطاعين فقط وهما القطاع العقاري والقطاع المصرفي وهما من أكثر القطاعات تضرراً، نظراً لزيادة سحب السيولة واضطرار البنوك إلى دفع تكاليف أعلى للاقتراض، حيث سيتزايد القلق لدى المؤسسات المالية الأجنبية حول سعر صرف العملة وحول مستقبل الاقتصاد ما يجعلها تفضل الاستثمار في أسواق مالية أخرى، لافتاً إلى أن الانخفاض الكبير الذي حققه مؤشر سوق الأسهم القطري يعكس ما يحدث من مشكلات في الاقتصاد القطري في ظل الخطوات الحاسمة التي اتخذتها الدول الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب.

إنذار شديد

من جهته قال عبد القادر عبيد علي، رئيس مجلس إدارة جمعية المدققين الداخليين بدولة الإمارات، إن وكالات التصنيف الائتماني مؤسسات عالمية متخصصة وقادرة على دراسة الجدارة والقدرة المالية للشركات والدول على الوفاء بالتزاماتها، وتعتمد في ذلك على دراسة عدد من المعايير ولذا تقوم بمنح درجات تصنيف سيادي للدول تتفاوت جودتها بحسب الوضع المالي والاستقرار السياسي والاقتصادي للدول، مؤكداً أن تراجع التصنيف الائتماني لأي دولة يعكس ببساطة وجود متغيرات سلبية سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي تؤشر إلى وضع مالي للدولة أضعف مما قبل وكذلك زيادة المخاوف حول مستقبل اقتصاد تلك الدولة واحتمالية مواجهه مشكلات أكبر في المستقبل.

وأوضح أن تخفيض التصنيف الائتماني أو تعديل النظرة المستقبلية يظهر زيادة مخاوف المستثمرين ، حيث إن درجة الجدارة المنخفضة تعني وجود احتمال كبير في عدم استطاعة المقترض تسديد الدين، ونظراً لهذا الاحتمال فإن صاحب المال يشترط على المدين دفع فائدة مرتفعة على القرض، أو رفض إعطائهِ القرض، بالتالي فإن تلك الدول أو المؤسسات ستكون مضطرة إلى دفع فائدة أعلى على ديونها طالما رغبت في إصدار سندات أو صكوك في الأسواق العالمية.

وذكر أن قرار تعديل النظرة المستقبلية إلى سلبية يعني تخوف المؤسسات الأجنبية من المستقبل الاقتصادي لقطر على المدى القريب، وكذا زيادة تكلفة التأمين على ديونها، فضلاً عن التأثير بشكل مباشر وسلبي على صورتها وسمعتها، ويقلل كثيراً من قدرتها على جذب رؤوس الأموال والاستثمارات، معتبراً أن مثل هذا الأمر يمثل إنذاراً شديد اللهجة ببدء تخارج الاستثمارات الأجنبية من قطر لتفاقم الأزمة السياسية مع الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب.

تشكك في المستقبل

وقال أسامة العشري، عضو جمعية المحللين الفنيين – بريطانيا، إن التصنيف الائتماني أو درجة الملاءة أو درجة الجدارة (credit rating) هو تقدير تجريهِ بعض الوكالات التجارية المتخصصة لتقدير صلاحية أو أهلية شخص للحصول على قرض أو جدارة شركة أو حتى دولة للحصول على قروض، مضيفاً أن وكالات التصنيف الائتماني تجرى دراسة حول إمكانيات الشركة أو الشخص أو الدولة المالية، ومدى ائتمانها على القرض وقدرتها المالية على تسديدهِ، وتأخذ في حسابها السجلات الخاصة بالشخص أو الشركة أو الدولة وتصرفها وسلوكها في الماضي بالنسبة إلى قيامها بتسديد ديونها.

وأوضح أن قيام العديد من مؤسسات التصنيف الدولية بتخفيض التصنيف الائتماني لدولة قطر يشير إلى التشكك في مستقبل نمو الاقتصاد القطري لاسيما مع انخفاض الريال القطري إلى أدنى مستوياته في 11 عاماً ما يعد علامة على نزوح أموال صناديق استثمارات المحافظ بسبب الأزمة.

وبين العشري أن الأخطر من ذلك، أن مثل هذا الإجراء يزيد تكلفة التأمين على الديون السيادية لقطر من مخاطر التخلف عن السداد، ويجعل السندات السيادية التي تصدرها غير جذابة للأسواق نظراً لارتفاع المخاطر، رغم العائد الجيد، لافتاً إلى أن تعديل النظرة المستقبلية للاقتصاد القطري إلى سلبية يعني أنه المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي ليس فقط من خلال تراجع التجارة الإقليمية بل أيضاً من تضرر أرباح الشركات بسبب توقف الطلب الإقليمي وتعرقل الاستثمارات وتراجع الثقة في الاستثمار داخل قطر.

مؤشر بورصة قطر يواصل التراجع

أبوظبي (مواقع إخبارية)

تراجعت بورصة قطر في ختام تعاملات جلسة أمس الأحد، وهبط المؤشر العام للسوق بنسبة 0.20%، ليغلق عند مستوى 8933.52 نقطة، فاقداً 18.30 نقطة.

وشهدت الجلسة انخفاض 5 قطاعات، أبرزها البضائع بواقع 0.32%، لهبوط عدة أسهم تقدمها وقود بنسبة 0.76%.

وتراجع قطاع الصناعة 0.24%، بضغط انخفاض 5 أسهم على رأسها الخليج الدولية بواقع 1.79%.

وانخفضت السيولة إلى 114.79 مليون ريال، مقابل 124.52 مليون ريال بالجلسة السابقة، بينما زادت الكميات هامشياً إلى 4.99 مليون سهم، مقارنة بـ4.98 مليون سهم بجلسة الخميس.

المصدر: الاتحاد