يا سعيد!

آراء

يا سلام عليك يا سعيد!
قلتها مباشرة بعد أن قرأت مقالة الزميل العزيز سعيد الوهابي الأربعاء الماضي بعنوان “لا حرية لا كتابة“. أعدت قراءة المقالة ثانية وثالثة، ثم دعوت الله أن يحميك يا سعيد من شباك أولئك الذين نسوا كل شيء حولهم وتفرغوا للاصطياد في المياه العكرة -وهي فعلاً عكرة جداً- عسى أن يظفروا بضحية من مخالفيهم ليعلنوا انتصارهم أمام هزائمهم الكثيرة! نحن يا سعيد في زمن محاكم التفتيش الجديدة. فشبيحة الفكر تطاردك في كل سطر وكل كلمة. فإما أن تقول بما يملونه عليك، في مصادرة قبيحة لرأيك ورؤيتك، وإلا هجموا عليك -بكل غضبهم المكبوت- وأطلقوا عليك تهم الضلال والعمالة والخيانة. هم الوطنيون وغيرهم خونة. وهم الحق ومن سواهم الباطل. هم الصادقون ومن يختلف معهم في صفوف المنافقين والمتآمرين و”زوار السفارات”. بعضهم يختزل الدين العظيم في فهمه وحده. ويختزل الوطن الكبير بتنوعه في رؤيته وحده. إنهم لا يرون من الألوان سوى الأبيض والأسود. ولا يعرفون من فصول السنة سوى الشتاء بصقيعه القارس أو الصيف بلهيبه القاتل. إما أن تكون “تابعاً” لهم باصماً لهم بالعشرة على كل رأي وفكرة وجملة، وإلا فأنت من رموز العمالة للخارج، من قطر إلى الصين، ومن أمريكا إلى إسرائيل! قرأت مقالك يا سعيد فخفت عليك وأنت المبدع اليافع الحر الأنيق. خشيت عليك من جرأتك وأنت تحلم بحرية الخيال. كيف تحلم بحرية الخيال يا سعيد؟ ماذا تقصد بالخيال يا سعيد؟ هل تريد أن يشطح بك الخيال للبعيد؟ وأمامك في محاكم التفتيش الحديثة ألف سؤال وتهمة. كل سؤال ينافس ما قبله في الشك في فكرك ووطنيتك وكل معنى جميل في كلماتك وأحلامك يا سعيد!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٨٧) صفحة (٣٦) بتاريخ (٢٩-٠٢-٢٠١٢)