يوم الكتابة بخط اليد

آراء

وسط طوفان الاستخدام الواسع للتكنولوجيا الحديثة، يفتقد غالبية ساحقة من أجيال اليوم مهارة مهمة للغاية، وهي الكتابة بخط اليد، حيث بدأت العديد من دول العالم إدراك مخاطر وتأثيرات الأمر، وخصصت يوماً لها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وسرعان ما التحقت دول عدة بالركب، إدراكاً لتداعيات الأمر، وقد كان أمس الأول اليوم الذي اعتمدته للاحتفاء بالمناسبة.

يكتسب التذكير باليوم أهمية خاصة ونحن نرى نتاج وثمار توسع طلاب اليوم في استخدام التكنولوجيا، والخريجون الجدد يفتقرون لمهارات الكتابة باليد جراء تطور الأساليب التعليمية والاستخدام المفرط للتقنيات الحديثة، بحيث لا يستطيع معظمهم كتابة غير اسمه -هذا إن أجاد كتابته- بينما تظهر الخطوط الأخرى، مثل «خط الدجاج» – كما كنا نقول في مدارس زمان. وكنا نستغرب من مهارات العاملين في الصيدليات على قراءة خطوط الأطباء في الوصفات التي يحررونها لمرضاهم.

أتذكر في مدارس ذلك الزمن البسيط وجود حصص مقررة في المنهج للخط العربي، وكان لكاتب الرسائل عند «البريد القديم» مكانة وقيمة قبل أن يتطور من جاء بعده ليكتب بالآلة الكاتبة، وكان لـ«الكراني» وضع خاص، إذ يعتبر نفسه شخصية مهمة في المجتمع، باعتباره «صندوق الأسرار».

كما أستعيد بداياتنا في «بلاط صاحبة الجلالة» الصحافة، عندما كانت المواد التحريرية والمقالات تقدم بخط اليد، وكان الذين يتولون إعدادها طباعياً يقبلون على المقالات المكتوبة بخط واضح جميل، وكان السبق لزملائنا من السودان الشقيق، قبل أن يفرض «الكمبيوتر» والأنظمة الجديدة سطوته ويجعل من الكتابة بالقلم شيئاً من الماضي، شخصياً أدين بالفضل في إجادة الخط لتلك الحصة عنه ولمدرس المادة الذي حببنا فيه، وقد كان من الشقيقة الكبرى مصر، كما معظم أساتذتي سواء في الدراسة أو المهنة.

بمناسبة يوم الكتابة بخط اليد، أحيي جهود وزارة الثقافة والشباب، وهي تتبنى مبادرات عدة ومسابقات عن جماليات الخط العربي، بمشاركة فنانين من العديد من الدول الشقيقة والصديقة لغرس هذا الفن الرفيع والتعريف به لدى الأجيال، والخط الجميل الذي أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» في قائمة المنظمة لـ«التراث الثقافي غير المادي» اعترافاً وتقديراً بما يمثله من قيمة في حياتنا وهويتنا. وأستذكر بكل تقدير جهود خطاطنا الإماراتي الفنان محمد مندي وحرصه على المشاركة في مختلف الفعاليات المحلية والعالمية للتعريف والترويج لخطوط لغتنا العربية الجميلة، وكل عام والخط بخير رغم مخاطر الانقراض.

المصدر: الاتحاد