معركة الحُديدة.. بداية النهاية

الإثنين ٢٥ يونيو ٢٠١٨

معركة الُحديدة حامية الوطيس، ونتائجها محورية في إدارة الحرب المشتعلة هناك منذ أكثر من ثلاث سنواتٍ، تحقق فيها الكثير من النجاحات والإنجازات والانتصارات، التي أدت مجتمعةً إلى ما يعيشه اليوم من تحريرٍ لأكثر من ثمانين في المئة من أرضه مع تصاعد الانتصارات وتواليها للدولة اليمنية والشعب اليمني. للحقيقة وللتاريخ، فإن ميليشيا «الحوثي» صغيرة وقليلة الأثر، ولكنها تحظى بداعمين كبيرين، الأول إيران وهذا أمر معروفٌ، والثاني الذي ربما يمثل مفاجأة للبعض هي بعض المؤسسات الدولية وبعض مسؤوليها، وبعض الدول الغربية، وبعض المؤسسات الحقوقية والإنسانية، وبخاصةٍ الغربية منها، بعيداً عن الدول التي تدعمها بشكلٍ علنيٍ مثل قطر وإحدى الدول الإقليمية التي اختارت دعم الأصولية في كل العالم العربي. الدولة اليمنية وقياداتها السياسية والعسكرية حريصةٌ كل الحرص على شعبها ومواطنيها وحاضرهم ومستقبلهم، وهذا أمرٌ مفروغٌ منه، وكذلك قيادة التحالف العربي عبرت بكل ما يمكن للعبارة من صراحةٍ بأنها تجعل سلامة المدنيين اليمنيين على رأس أولوياتها كما عبر عن ذلك الناطق باسم التحالف العربي العقيد تركي المالكي، وهذا بعدٌ مهمٌ، وهو البعد الإنساني لإدارة المعارك والحروب. وضمن استراتيجية الحرب، والمعارك فيها، كان البعد الإنساني حاضراً وبقوةٍ، لدى الدولة اليمنية وجيشها ومقاومتها كما لدى التحالف العربي، ولكنه كان يستخدم من إيران ومن بعض المؤسسات الدولية لإعاقة الحسم، حسم الحرب وحسم معاركها، ومعركة الحديدة مجرد مثالٍ،…

التحالف المظفّر.. صناعة المستقبل

السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٨

كنتيجة طبيعية لعقودٍ من العلاقات المميزة ولسنوات من التحالف الوثيق، شهدت مدينة جدة قبل يومين الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي بين ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، وولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان. بأكثر من عشرين اتفاقيةٍ وأكثر من أربعةٍ وأربعين مشروعاً، ومشاركة ستة عشر وزيراً من كلا البلدين، انطلق هذا المجلس في لحظةٍ تاريخيةٍ توّجت الجهود السابقة لها بهدف تعزيز العلاقات والانطلاق بها لآفاقٍ مضيئة في المستقبل وضمان حياةٍ أفضل للأجيال القادمة، وبناء نموذجٍ للتحالفات المظفرة يمكن أن يكون أساساً تقتدي به الدول العربية لخدمة مصالحها ومصالح شعوبها. حين تجتمع المصالح وتتفق الرؤى وتلتقي الطموحات، ينطلق القادة الحقيقيون لبناء المكانة المستحقة والأمل المنشود في الحاضر والمستقبل، ويكون التعاون طريقاً لاحباً، والتكامل درباً رحباً، تتجلى الآثار وتنتعش الأجيال، لأن القادة الحقيقيين هم الذين يرسخون أمن وسيادة وهيبة بلدانهم، ويدفعون عنها الشرور والأعداء، ويبنون لها مستقبلاً يوفر كل فرص النجاح والتميز، فهم يعتنون بالإنسان باني الحضارة وصانع الأحلام، ويستثمرون في الشباب الذين هم طموح الأمم ومضنة التغيير ومنبع التطوير. اليوم، الآثار الواقعية التي يدفع باتجاهها المجلس هي تعزيز قوة هذا التحالف غير المسبوق عربياً وإقليمياً، على المستويات كافة، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً وغيرها، حيث تكون الاستثمارات البينية واعدةً، والتنمية الشاملة غايةً ما يؤكد أن النتائج ستكون…

من سيغتال مقتدى الصدر؟

الإثنين ٢١ مايو ٢٠١٨

مقتدى الصدر اليوم هو قائد وطني، عبّر الشعب العراقي عن رغبته فيه وفي توجهه الوطني كما أنه مثل الحصان الرابح للمرجعية المذهبية العراقية الوطنية بعيداً عن تكتلات أخرى مثلت مجرد أدوات تستغل ثروات العراق لأمرين فقط لا غير، الفساد المالي الواسع، وخدمة المشروع الإيراني الثوروي ونهج الولي الفقيه ونظام الحرس الثوري الإيراني، بمعنى أن الصدر أصبح رمزاً لمرحلة جديدة لعراق ما بعد 2003. تطور كبير حدث للسيد مقتدى خلال عقد ونيف فحسب من عمر الزمن، فمن يسمع خطاب الصدر القائد الوطني المدافع عن العراق ووحدته وسيادته والجامع لكل مكوناته والساعي لبناء حاضره ومستقبله، لا يمكنه مقارنته بخطابه في مرحلة ما بعد 2003 و«جيش المهدي» والسيطرة على النجف، وهو دليل على حيوية شخصية وتطور في الوعي السياسي والرؤية السياسية الحاكمة لتياره وأنصاره. هذا الانتصار السياسي الداخلي الذي قلب المعادلات الداخلية العراقية، سيمثل مرحلة مهمة من تاريخ العراق الحديث إذا استطاع الصدر بناء تحالفات قوية ومتماسكة تسمح له بإظهار التيارات الوطنية العراقية على السطح الذي كان ملوثاً لسنوات طويلة بعراقيين يخدمون أجندة خارجية إيرانية، وإذا استطاع اختيار الكفاءات من التكنوقراط العراقيين ليقودوا مؤسسات الحكومة نحو أهداف تنموية وأمنية تعيد للعراق مجده وحيويته. على المستوى الإقليمي يمكن للعراق الجديد البعيد عن الطائفية وعن النظام الإيراني، أن يعيد العراق لعمقه العربي في السعودية ودول…

انتفاضة إيران… حين يأتي الأوان

الأحد ٠٧ يناير ٢٠١٨

انتفاضة إيران تنتشر ولا تتقلص، تتوسع ولا تضيق، تقوى ولا تضعف، وكأن الجميع في لحظة انتظارٍ، فالمرشد الإيراني الأعلى يتحدث عن أنه سيتحرك «عندما يحين الأوان» والرئيس الأميركي الرافض لكل سياسات سلفه أوباما تحدث أيضاً عن أن الشعب الإيراني سيحظى بدعمٍ أميركي عظيمٍ «حين يحين الأوان». وقد تحدثت تركيا بدعمٍ صريحٍ للنظام الإيراني ضد شعبه، وقدمت قطر دعماً مادياً كبيراً للنظام ضد الشعب، وقد اتخذت فرنسا خطواتٍ لتفادي دعم النظام، وعبرت بعض الدول الأوروبية عن مواقف تنفي عن نفسها دعم النظام، وقد اضطرت بعض وسائل الإعلام الغربية إلى الانحياز إلى الشعب الإيراني بعد فترة انتظارٍ لعدة أيامٍ، ما يوحي بأن الكثيرين قد اختاروا الانتظار لرؤية ما سيحدث، ولمعرفة التطورات التي ستجري، والمواقف تتطور بتطور الأحداث. بعيداً عن المقارنات بين 2009 و2018 فإن النظام الإيراني يخالف كل التطور الدولي الذي يشهده العالم، ويبدو نشازاً في الحراك الحضاري والتاريخي للبشرية، ويبدو غريباً عن المنطق الطبيعي لتطور الدول، ودون استحضارٍ لدرجة تنوع الشعب مقارنة بوحدة النظام، فإن النظام الإيراني أمام لحظة تاريخية يجب عليه فيها اتخاذ القرار الصحيح، وهو في الحقيقة عاجزٌ عن ذلك بحكم طبيعته. دون شكٍ، سيلجأ النظام الإيراني لأسلوب القمع وتعزيزه وكثافته والتجديد في أساليبه وطرقه، والتفنن في القضاء على الشعب وتدميره، فهذا ما أنقذ النظام طوال تاريخه، وسيلجأ إلى…

مواجهة إيران… وخطاب الرصاص

الأحد ١٧ ديسمبر ٢٠١٧

الخناق يضيق على إيران، فتقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أدان تسليح إيران لميليشيا الحوثي، وقد عقدت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي مؤتمراً صحافياً الخميس الماضي، في إحدى القواعد العسكرية الأميركية قدمت فيه أدلة واضحة على إدانة النظام الثوري الإيراني بدعم مباشر بالأسلحة والصواريخ الباليستية التي تستهدف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وعرضت لأول مرة حطام الصاروخ الذي استهدف مطار الملك خالد الدولي بالرياض، مع عددٍ من الأدلة الأخرى. الخناق يضيق على ميليشيا الحوثي، الذراع العسكرية للحرس الثوري الإيراني في اليمن، والميليشيات الإيرانية في لبنان وفي سوريا وفي العراق ستواجه نفس المصير، وإن اختلفت السبل لتحقيق ذلك كله حسب اختلاف المعطيات وحجم المتغيرات، ولكن السلاح خارج الدولة سيتم نزعه ضمن استراتيجية دولية يتم بناؤها. الإدارة الأميركية تبنّت بنفسها الدعوة لتحالفٍ دولي لإدانة إيران وإيضاح تهديداتها للأمن الإقليمي والدولي، وهي تأخذ موقفاً تصعيدياً ضد إيران وتسعى لإقناع حلفائها من الدول الأوروبية بحقيقة خطورة إيران الراعية للإرهاب والطائفية والفوضى. وهي خطوة جديدة من هذه الإدارة الأميركية الواعية بالخطر الإيراني بعد موقفها من الاتفاق النووي مع إيران، وهي تتجه إلى تشكيل تحالفٍ دولي يواجه كل مخاطر إيران وسياساتها التخريبية واستراتيجيتها الإرهابية في المنطقة والعالم، وهو توجه يرجع إلى مصلحة أميركا نفسها ومصلحة دول العام أجمع، ولئن أعشت…

مقتل صالح ونقل السفارة

الأحد ١٠ ديسمبر ٢٠١٧

حدثان استحوذا على غالب الاهتمام الإقليمي والدولي في الأسبوعين الماضيين، تغيير علي عبد الله صالح الرئيس اليمني السابق موقفه السياسي، واتجاهه لرفض الحوثيين وفض الشراكة معهم، وهو تغيير وإن ظهر بشكلٍ غير متوقعٍ فإنه يشكل منهجاً ثابتاً في تاريخ الرجل، ومن ثم اغتياله البشع من قبل ميليشيا الحوثي الإيرانية بعد إعلان موقفه الجديد، والحدث الثاني توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على قرار نقل سفارة بلاده في إسرائيل إلى القدس. واقع اليمن ومستقبله سيكونان مختلفين بعد اغتيال صالح، وبعد دفع الحوثيين كل خصومهم السياسيين للتوحد ضدهم، ودفع جميع مكونات الشعب اليمني السياسية والقبلية والمناطقية للوقوف صفاً واحداً رافضاً لهم، والقضية في اليمن واضحة، هوياتياً، فاليمن عربي وأهله عربٌ ولا شأن لإيران ولا للفرس به، ودولياً، قرار الأمم المتحدة واضحٌ ومرتكزات الحل قبل عاصفة الحزم هي التي تشكل الشرعية التي يبنى عليها، وعسكرياً، التحالف العربي أو تحالف دعم الشرعية قائمٌ، والمسألة مسألة وقتٍ لتغيير كامل وشاملٍ في مراكز القوى في اليمن، واحتشاد اليمنيين أنفسهم داخل بلادهم المحررة من قيادات سياسية أو عسكرية أو رموز هو الطريق الأفضل لإيجاد حلولٍ عملية على الأرض، ومواجهة الحوثي في اليمن هي شأن يمني أصيل. واقع القضية الفلسطينية ومستقبلها، لن يكونا أبداً بالشعارات البراقة أو بالمزايدات الآيديولوجية والفرقعات الإعلامية، ولن يؤثر فيهما قرار واحد وموقفٌ واحدٌ، إنها…

لوفر ‬أبوظبي.. ‬الثقافة ‬والجمال

الثلاثاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٧

هنا ‬آشوريٌ ‬متقلدٌ ‬سيفه، ‬ورومانيٌ ‬معتقلٌ ‬رمحه، ‬هنا ‬أليكسندر ‬ينظر ‬عبر ‬الزمان، ‬هنا ‬فرعون ‬مسجى، ‬هنا ‬الجمال ‬يتراقص ‬عبر ‬القرون، ‬هنا ‬من ‬كل ‬أمةٍ ‬أثرٌ ‬وكل ‬تاريخ ‬حقبةٌ ‬وكل ‬حضارةٍ ‬عينةٌ ‬وكل ‬رمزٍ ‬سيرةٌ، ‬هنا ‬ملتقى ‬الحضارات ‬والثقافات ‬والآثار ‬والمتاحف، ‬هنا ‬متحف ‬اللوفر ‬أبو ‬ظبي. وسط ‬حشدٍ ‬كبير ‬من ‬المدعوين ‬افتتح صاحب السمو ‬الشيخ ‬محمد ‬بن ‬زايد ‬متحف ‬اللوفر ‬أبوظبي، ‬يرافقه ‬صاحب السمو الشيخ ‬محمد ‬بن ‬راشد، ‬والرئيس ‬الفرنسي ‬وعدد ‬من ‬الملوك ‬والرؤساء ‬من ‬الدول ‬العربية ‬والدول ‬الصديقة، ‬جاؤوا ‬جميعاً ‬احتفاء ‬بحلم ‬محمد ‬بن ‬زايد، ‬الذي ‬بدأه ‬قبل ‬سنوات ‬عشر ‬من ‬2007 ‬وحتى ‬افتتاحه ‬الأسبوع ‬الماضي ‬في ‬2017. لا ‬تتحقق ‬الأحلام ‬إلا ‬بالعمل ‬الدؤوب، ‬ولا ‬الأماني ‬إلا ‬بالإنجاز ‬المتواصل، ‬وقصة ‬اللوفر ‬أبوظبي ‬أشبه ‬ما ‬تكون ‬بالملحمة ‬الثقافية ‬والحضارية ‬التي ‬أخذت ‬وقتها ‬حتى ‬تبلورت، ‬وتكاملت ‬كل ‬عناصرها، ‬وأصبحت ‬درةً ‬ثقافيةً ‬في ‬منطقة ‬الشرق ‬الأوسط ‬والعالم ‬أجمع. الوعي ‬بالتاريخ ‬باعث ‬على ‬المعرفة ‬بالأمم ‬والشعوب ‬والثقافات ‬والحضارات، ‬وهي ‬معرفة ‬تبعث ‬على ‬الفهم ‬والإدراك ‬للتاريخ ‬البشري ‬الطويل ‬في ‬مسيرته ‬الطويلة ‬نحو ‬الحاضر، ‬وهي ‬ما ‬يحث ‬على ‬التسامح ‬والتعايش ‬ونبذ ‬التعصب ‬والتطرف، ‬وما ‬يعزز ‬المحبة ‬في ‬وجه ‬الكراهية، ‬ويرسخ ‬البناء ‬والتنمية ‬والتواصل ‬الإنساني ‬وكل ‬ما ‬يحتاجه ‬الإنسان ‬المعاصر ‬لينجح ‬وينجز ‬وينطلق ‬للمستقبل. المتاحف ‬حديث ‬التاريخ ‬المباشر ‬للأجيال ‬الجديدة، ‬تكتنز ‬الماضي ‬العريق، ‬وتجمع ‬مفاخر ‬الأسلاف ‬والأجداد،…

إيران واستراتيجية ترمب

الأحد ٢٢ أكتوبر ٢٠١٧

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يفتأ منذ كان مرشحاً وبعدما أصبح رئيساً في كيل الأوصاف المزرية لاتفاق سلفه باراك أوباما النووي مع إيران، وهو صدق في كل ما قاله عن ذلك الاتفاق المعيب والناقص، فأعلن ترمب استراتيجية جديدة تجاه إيران وحرسها الثوري. كان أوباما انعزالياً في سياسته الخارجية وقد ترك إرثاً أزرى بمكانة أميركا الدولية التي استطاع خصومها بسط مساحات نفوذٍ وتغيير توازنات القوى في مناطق حساسةٍ من العالم لم يكونوا يحلمون بها قبل أوباما، ومنها منطقة الشرق الأوسط، وكان يمتلك رؤية غريبة تكمن في التحالف مع الأصوليات الشريرة بزعم التقليل من خطر الإرهاب، ومن هنا جاءت سياساته تجاه ما كان يعرف بالربيع العربي وتحالفه مع جماعة الإخوان المسلمين وقطر في كل البلدان التي طالتها فوضى الاحتجاجات والانتفاضات، ولكن إحدى أكبر خطايا أوباما كان الاتفاق النووي مع إيران. كان أوباما يفتش عن أي إنجازٍ خارجي يغطي على فشل سياسته الخارجية، فذهب إلى إيران بزعم إيقاف برنامجها النووي وغض الطرف عن كل جرائم إيران في المنطقة، من نشرها لاستقرار الفوضى ورعايتها لكل الجماعات المتطرفة والإرهابية بشقيها السني والشيعي وتدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية وترك الباب مفتوحاً أمامها لبناء الميليشيات وزرع خلايا التجسس والإرهاب، وتبنى سياساتٍ غير ودودة على الإطلاق مع حلفاء أميركا في الشرق الأوسط. لم يتضح…

المرأة السعودية… قالوا وقلنا

الأحد ٠١ أكتوبر ٢٠١٧

في مسيرة التطوير الحضاري التي تشهدها المملكة العربية السعودية أصدر الملك سلمان قراراً تاريخياً بالسماح للمرأة بقيادة السيارة والطائرة مثلها مثل شقيقها الرجل، في إكمالٍ لما تشهده السعودية من قفزاتٍ نوعية نحو مستقبلٍ مشرقٍ. تطوير المجتمعات بالغ الأهمية في مسيرة التنمية لأي دولة، ولكنّ بعض القضايا الاجتماعية الثانوية يتم تصعيدها - لأسبابٍ متعددة - بحسب كل دولة لتصبح من العوائق الكبرى، وقيادة المرأة للسيارة هي إحدى أوضح هذه القضايا في السياق الاجتماعي السعودي. للمستقبل، فتحتَ رعاية الملك يقود ولي العهد السعودي بلاده برؤية معتمدة ومنشورة «رؤية 2030» وقد جاء فيها: «تبدأ رؤيتنا من المجتمع وإليه تنتهي... ينبثق هذا المحور من إيماننا بأهمية بناء مجتمعٍ حيوي يعيش أفراده وفق المبادئ الإسلامية ومنهج الوسطية والاعتدال معتزين بهويتهم الوطنية وفخورين بإرثهم الثقافي العريق». وجاء أيضاً «ولعلّ أبرز ما يميز مجتمعنا التزامه بالمبادئ والقيم الإسلامية وقوة روابطه الأسرية وامتدادها، مما يحثنا على تزويد الأسرة بعوامل النجاح اللازمة لتمكينها من رعاية أبنائها». كما أن من أهداف الرؤية «رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 في المائة إلى 30 في المائة». وأيضاً «تمكين المرأة واستثمار طاقاتها»، وقرار قيادة المرأة لمركبتها هو نموذجٌ تطبيقي واحدٌ فقط لما جاء في رؤية 2030. السعودية الجديدة هي السعودية المجيدة، التي تقرن الأقوال بالأفعال، وقد صرّح ولي العهد السعودي…

شرقٌ أوسطُ يعيد التشكل

الأحد ٢٧ أغسطس ٢٠١٧

منطقة الشرق الأوسط هي أكثر مناطق العالم اشتعالاً بالأحداث والأزمات والملفات الشائكة، تلك التي تستدعي التاريخ وتستحضر الطائفية والإرهاب وتثير صراعات الأعراق وكل بواعث التخلف، وهي نفسها التي تستحوذ على أفضل مخزونٍ للنفط والغاز والطاقة، وتعد بمستقبلٍ زاهٍ وآمنٍ للعالم. هنا النظام الإيراني بكل طموحاته التوسعية ورعايته للطائفية والإرهاب، وهنا القضية الفلسطينية بكل تعقيداتها وإشكالياتها، هنا سوريا الأقلية المتوحشة التي تستخدم كل أسلحة الدولة ضد مواطنيها، هنا لبنان الذي يتحكم سلاح «حزب الله» في مصيره ومستقبله ويلغي دور الدولة فيه، وهنا اليمن وشعبه الذي يقتله تحالف ميليشيا الحوثي مع صالح كل يومٍ، والعراق بدولته وحكومته، وبأحزابه التابعة لإيران وميليشيات إيران من حشدٍ شعبي وغيره، وهنا تنظيم داعش في العراق وسوريا، وهنا القضية الكردية التي تبدو مستحيلة الحلّ بين طموح الأكراد ومصالح الدول التي يعيشون فيها. قلما تجتمع كل هذه التحديات في منطقة واحدة، وبعضها حديثٌ، وبعضها مزمنٌ لطول العهد واستحالة الحل، ولكن في الحقيقة لا يوجد مستحيلٌ في السياسة، ولكل قضية حلٌ ولكل أزمة انفراج، إما بالفعل والمشاركة فيما يمكن للدول أن تفعله وإما بانتظار نضج الحلول وتغير المعطيات، والمنطقة تشهد تغييراتٍ كبرى. المملكة العربية السعودية تقود العالم العربي في مواجهة المشروع الإيراني، وهي تسعى جهدها لإعادته إلى داخل إيران، بالسياسة والاقتصاد والتحالفات الدولية كما جرى في أفريقيا، وبالقوة العسكرية…

سلمان في آسيا… العمق الإسلامي

الأحد ٠٥ مارس ٢٠١٧

تعزيز العلاقات الدولية التي تعتمد على استثمار قوة المملكة العربية السعودية على المستويات كافة، هو واحد من أبرز السياسات التي اعتمدها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز منذ بداية عهده، عربياً وإقليمياً، إسلامياً ودولياً. جولة الملك سلمان الآسيوية الحالية، هي تجلٍ واضحٍ لهذه السياسة، فهي جولة لها جانبان أساسيان: الأول، زيارة أربع دولٍ من جنوب شرقي آسيا، تمثل جانبا من العمق الإسلامي للقوة السعودية، وهي إندونيسيا وماليزيا وسلطنة بروناي وجزر المالديف، الثاني، تنويع العلاقات الدولية وتعزيزها باتجاه الشرق حيث الصين واليابان. في الجانب الأول، فإن حجم الاستقبالات الضخمة والحفاوة البالغة بالزيارة الملكية رسمياً وشعبياً يظهر بجلاء القوّة الروحية للسعودية، بلد الحرمين الشريفين، ومهبط الوحي، ومأرز الإسلام، وقبلة المسلمين التي تهوي إليها أفئدة مليارٍ ونصف المليار من المسلمين، خمس مراتٍ على الأقل في اليوم والليلة، وزائرها الكبير لقبه الرسمي هو خادم الحرمين الشريفين. تعتبر إندونيسيا أكبر بلدٍ مسلمٍ من حيث عدد السكّان، فمواطنوها يقاربون المائتين وخمسين مليوناً، وسكان ماليزيا ثلاثون مليوناً، بينما سكان سلطنة بروناي يقارب النصف مليون، وسكان المالديف ثلاثمائة ألفٍ تقريباً، وهذا الثقل السكاني الكبير يمثل جزءاً مهماً من أهمية الزيارة الملكية لكل هذه الدول مجتمعة. القوة السعودية الكامنة التي يتم تفعيلها بعقل وحكمة في هذه الزيارة، هي القوة الروحية للإسلام التي تكتنزها وتمثلها السعودية، والدول لا تستعمل…

الإرهاب.. نجاح مصر وتراجع تركيا

الأحد ٠٣ يوليو ٢٠١٦

تفجيرات مطار أتاتورك في إسطنبول كانت إرهابية بشعة ومتوحشة بكل المقاييس٬ مثلها مثل كل عمليات الإرهاب الغادرة التي تستهدف المدنيين والأماكن العامة وتنشر التخريب والدمار. وتركيا شهدت على مدار عاٍم كامٍل عملياٍت إرهابية متعددة نشرت الخراب والدمار حيثما حلّت٬ وهي عمليات مدانة دون شٍك ولا ريٍب٬ فالإرهاب كيفما تشكل٬ وأينما حل مداٌن بكل شرائع السماء وقوانين الأرض٬ ولكن ما الذي يشير إليه ذلك؟ ثمة نماذج متعددة لمحاربة الإرهاب في العالم وفي المنطقة٬ نجح بعضها ولم ينجح البعض الآخر٬ فهناك النموذج السعودي الناجح في مواجهة «القاعدة»٬ وهناك النموذج المصري الناجح في مواجهة «داعش» وجماعة الإخوان المسلمين٬ وأمثالهما من النماذج٬ وهناك نماذج لم تنجح في مواجهة الإرهاب مثل النموذج العراقي والنموذج السوري وغيرهما. ولكن هل يعني النجاح في محاربة الإرهاب القضاء المبرم عليه؟ بالتأكيد لا٬ فذلك رهٌن بمعطيات متعددة وآليات مواجهة كثيرة٬ تحتاج لجهوٍد دولية وإقليمية ومحلية كبرى٬ ينبغي أن تدار بتوافٍق كبيٍر وبتخطيٍط محكٍم وبرؤى متكاملة على أن تأخذ الوقت الكافي لبناء التصور وشمول الرؤى وطول مدة التنفيذ. بعد تجربة طويلة وممتدة من المواجهة مع الإرهاب٬ اختارت مصر الذهاب لجذور الإرهاب والقضاء عليه من منابعه الأصيلة فصنفت جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وشاركتها في ذلك بعض الدول العربية٬ وقررت مواجهة المصدر الأساسي لا محاربة الأشباح فحسب٬ ونجحت٬ فمصر اليوم مستقرة بعدما…